تبدأ فرنسا، خلال الأشهر القليلة المقبلة، تجربة أنظمة عدة لشحن السيارات والشاحنات الكهربائية خلال سيرها على الطرق السريعة.
على طريق سريع بالقرب من العاصمة باريس، تجري اختبارات لنظام أطلقت عليه تسمية «الطرق الكهربائية»، مخصص لشحن السيارات والشاحنات الكهربائية، من خلال تقنيتين تسمحان للمركبات بالقيادة لمدة أطول باستخدام بطاريات أصغر تستهلك بالتالي قدراً أقل من المعادن النادرة.
تتولى بكرات مغنطيسية موضوعة تحت الإسفلت إعادة شحن بطاريات المركبات بواسطة الحث المغناطيس، مثلما تُشحن الهواتف المحمولة لا سلكياً بالتقنية نفسها. أما السيارات، فتكون مجهّزة في أسفل هيكلها القريب من الإسفلت بصفيحة حديدية لاقطة تتيح شحنها من الطريق.
- «الطرق الكهربائية»
ومن شأن أنظمة «الطرق الكهربائية» هذه أن تسرّع الثورة الجارية في قطاع صناعة السيارات، إذ تمكّن المركبات الكهربائية من السير لوقت أطول من دون التوقف لإعادة شحن بطارياتها، وتُغني عن البطاريات بالغة الثِقَل التي تستهلك قدراً كبيراً من المواد النادرة.
تتيح هذه «الطرق الكهربائية» الحدّ من حجم بطاريات السيارات، وفقاً لدراسة أجرتها جامعة غوتنبرغ السويدية.
تهدف التجارب الفرنسية على الطريق السريع إلى اختبار فاعلية هذه التقنية في حال كانت السيارات تسير بسرعة عالية. وسيساهم الاختبار في معالجة آخر المسائل المتبقية «قبل نشر هذه التقنية على نطاق واسع، على مسافة مئات أو آلاف الكيلومترات»، وفق ما شرح لوي دو باسكييه، المسؤول عن المشروع لدي شركة «فينسي» الفرنسية العملاقة للامتيازات والبناء.
وتُجرى الاختبارات الأولى في سبتمبر 2023 في مدينة «روان» بغرب فرنسا على حلقة مغلقة تابعة لهيئة «سيريما» الحكومية التي تشرف عليها وزارة التحول البيئي. بعد ذلك، توضع أنظمة الشحن هذه على مسافة أربعة كيلومترات من الطريق السريع «أ.10» بالقرب من باريس. ولا يعمل نظام الشحن إلا لدى مرور المركبات المتوافقة المزودة الصفائح اللاقطة.
- تقنية مسار التغذية المدرج
كذلك سيقام على طريق جبل «مون بلان» السريع في وسط فرنسا اختبار تقنية ابتكرتها أساساً للترامواي شركة «ألستوم» المتخصصة في السكك الحديد، وتحصل المركبات بموجبها على الكهرباء من مسار تغذية مدرج في الطبقة الفوقية للطريق.
وستشكل تقنية «الطريق الكهربائية» عنصراً يؤدي إلى تسريع الانتقال إلى خيار الكهرباء في ما يتعلق بالشاحنات الثقيلة التي لا تزال معظمها تستخدم الديزل، وفقًا لتقارير رفعت إلى وزارة النقل الفرنسية في صيف 2021.
- عقبات
شرح باتريك بيلاتا المسؤول السابق في شركة «رينو» لصناعة السيارات أن «الطرق الكهربائية» تتيح «الحدّ بقدر كبير من انبعاثات الكربون في النقل البري لمسافات طويلة في موازاة الحد من انبعاثات الكربون من الطاقة الكهربائية في أوروبا».
ورأى أن هذا الحلّ يوفّر «كفاءة طاقة ممتازة، وتغذية كهربائية مستمرة لا تؤدي إلى تدهور ظروف استخدام الشاحنات وإلى خفض كبير في حجم بطاريات شاحنات البضائع الثقيلة التي تسير لمسافات طويلة»، إضافة إلى كونها تقلل بدرجة كبيرة من الحاجة إلى محطات الشحن.
لكنّ ثمة عوائق تكنولوجية لا يزال يتعين تذليلها. فقد لاحظت تقارير مرفوعة إلى الوزارة أن الحث المغناطيسي قليل الفاعلية وعالي التكلفة، فضلاً عن أن الصفائح الحديدية في أسفل المركبة يمكن أن تصبح مسدودة، وتسبب مشاكل لسائقي الدراجات النارية خصوصاً.
- أسلاك كهربائية معلقّة
إضافة إلى صفائح الحث المغناطيسي والموصلية (المتبعة في تجربة مون بلان)، يجري العمل على اختبار حل ثالث في ألمانيا، باستخدام أسلاك كهربائية معلقّة كتلك المستخدمة للترامواي. وأشار تقرير مقدّم إلى وزارة النقل إلى أن هذا الحل هو «الأكثر تقدماً من الناحية الفنية»، لكنه لا يصلح سوى للشاحنات، إضافة إلى أن الأبراج الضرورية على جانب الطريق تطرح مشكلات تتعلق بالسلامة على الطرق.
ستمتد التجربة على الطرق السريعة الفرنسية ثلاث سنوات بميزانية قدرها 26 مليون يورو.
اختبار أنظمة لشحن المركبات الكهربائية خلال سيرها
المصدر: آ ف ب