سلطان الحجار (أبوظبي)
رواية «العائد»، للكاتب الأميركي مايكل بِنك، صدرت عام 2002، تستند إلى سلسلة من الأحداث في حياة رجل الحدود الأميركي «هيو غلاس» في إقليم ميسوري عام 1823، وهي قصة حقيقة لصائد فراء تعرض لهجوم غادر من قبل دب أشهب مما تسبب في إصابته بجراح دامية وكسر لعظام داخل جسده، الأمر الذي جعل رفاقه يتخلون عنه ويدعونه يواجه الموت وحيداً، إلا أن «غلاس» قاوم الموت وغلبه وزحف لعدة أميال حتى وصل برّ الأمان وتعافى من جراحه، ليتحول، من خلال الأحداث، إلى شخص نهض من قبره لإرهاب الأحياء، وقد تم اقتباس الرواية لاحقاً كسيناريو لفيلم طويل من إخراج أليخاندروغونزاليز إيناريتو.
ولد هيو غلاس، وفقاً للقصة الحقيقية، في ولاية بنسلفانيا، بالولايات المتحدة الأميركية، لأبوين أيرلنديين حوالي عام 1783، وسلبت قصته اهتمام العامة في عام 1825، عندما قامت مجلة فيلاديلفيا الأدبية (Philadelphia literary journal)، بالكتابة عن رحلة غلاس للنجاة من الموت بعد تعرضه لهجمة من دب أشهب، وزحفه أميالاً ليصل إلى بر الأمان، حيث كان غلاس يعيش متنقلاً في البرية، ويعتمد في معيشته على جمع الفراء، في إشارة تبرز مدى وحشية الإنسان وقسوة الطبيعة.
وكان «غلاس» بالفعل صائد فراء، وأنه سجل في عام 1823م لرحلة جمع فراء في البرية، وتعرض بالتأكيد لهجوم من قبل دب أشهب في أغسطس من عام 1823، حيث قام الدب بمهاجمته والقفز على ظهره وعندما يتظاهر بالموت، يقوم الدب بتحريكه فيطلق غلاس النار على الدب، ومن ثم يطعنه في رقبته، وكان الدب  قام بانتزاع فروة رأس غلاس وكسر ساقه وثقب حنجرته، وكانت القصة قد كُتبت آنذاك بقلم محامٍ محلي، وحققت نجاحاً كبيراً، وسرعان ما انتشرت في شتى أنحاء الولايات المتحدة الأميركية، كما اهتمت العديد من المطبوعات كالصحف والمجلات بتغطية أحداث القصة والكتابة عنها، فكُتبت قصيدة ملحمية لتلك القصة باسم «أغنية هيو غلاس» (The Song of Hugh Glass)، ونُشرت العديد من الكتب حول تلك القصة.

شريعة الغاب
رواية «العائد»، تمزج بين أدب الخيال التاريخي وأدب المغامرات وأدب السير الذاتية، وتدورحول «هيو غلاس»، الذي يرافق مجموعة مع الصيادين، ويواجه خطراً من قبل الإنسان، والحيوان، والطبيعة، وحتى ذاته المتعطشة للانتقام، فيتغلب على الجميع، في رحلته الشاقة بعد عودته من الموت، لتسود شريعة الغاب، فالجميع يمثلون دور الصيادين، والطرائد في الوقت ذاته.ويسقط الصياد «غلاس» بيد الدب بعد أن كان طريدته ليهاجمه، ويكاد أن يقتله لولا دفاعه المستميت عن نفسه، ومع حادث هجوم الدب يتحول «غلاس» إلى عالة على المجموعة الهاربة من الهنود الحمر الذين يطاردونهم؛ لأنهم يعتقدون أنهم خطفوا ابنة رئيس القبيلة، فيضطرون إلى تركه بمعية ثلاث صيادين أحدهم ولده للاعتناء به، ولدفنه بطريقة تليق به بعد موته، بعد أن يُغري رئيس المجموعة الكابتن «بريدجير» من يبقى إلى جانبه بحصة إضافية من النقود، فيوافق «فيتزجيرالد» وفتى يدعى «بريدجير» على البقاء معه والاعتناء به، بحيث يتم دفنه بطريقة لائقة في حال موته، إلا أن فيتزجيرالد يستعجل موت «غلاس» ليدفنه حياً ويهرب.
بين الحقيقة والخيال
زحف «غلاس» لستة أسابيع متتالية لمسافة تتراوح بين 80 و200 ميل، ولا يمكن التأكد من دقة تلك الأرقام وحقيقتها، فالقصة الحقيقية تبقى غامضة حيال ذلك الموضوع، لينجو من الموت بأعجوبة نتيجة إرادته وعزيمته والرغبة في الحياة، فيقاتل من أجل ذلك قتالاً شرساً مع كل الصعاب التي تواجهه، حتى تمكن من الإمساك برفيقيه الذين تركاه ليلاقي الموت وحيداً، بعد أن سحباه إلى قبرٍ ضحل وجمعا أسلحته، لكنه رغم ذلك يسامحهما، على عكس ما تناولته أحداث الفيلم السينمائي، الذي برر انتقام غلاس من رفيقيه اللذين قتلا ابنه الوحيد، في حين لم يكن له ابن في أحداث الرواية من الأساس.
تروي القصة الحقيقية لـ«غلاس» أنه عاود العمل كصياد في منطقة مصب نهر يلو ستون (Yellowstone River)، وانتهت حياته في عام 1833م بعد عدة سنوات من نجاته من هجوم الدب الذي اشتهر بها، وقد قُتل على يد مجموعة من الهنود الحمر أثناء قطعه لأحد الأنهار المتجمدة برفقة صديقين له، فقام سكان أميركا الأصليون بقتله لتنتهي بذلك حياته وتعيش أسطورته إلى الأبد.
إلى الشاشة
رواية «العائد» عرفت طريقها إلى عالم الفن السابع، من خلال فيلم سينمائي أميركي، صدر في 16 ديسمبر عام 2015 في لوس أنجلوس، من إخراج أليخاندرو غونزاليز إيناريتو، وكتابة مارك إل سميث وإيناريتو، ومقتبس (جزئياً) من رواية بالاسم نفسه للكاتب الأميركي مايكل بِنك، وبطولة ليوناردو دي كابريو في دور (هيو غلاس)، توم هاردي(جون فيتزجيرالد)، دومينال غليسون (الكابتن أندرو هنري)، ويل بولتر (جيم بريدجير)، فوريست غودلاك (هوك، ابن هيو غلاس)، لوكاس هاس (جونز)، براد كارتر (جوني)، بول أندرسون (أندرسون)، كريستوفر جونير (مورفي)، وغريس دوف في دور (زوجة هيو غلاس)، وغيرهم.

هروب ونجاة
تدور أحداث الفيلم، عام 1823 حول صائد جلود الحيوانات «هيو غلاس» الذي يتعرض لهجوم من قِبل دب رمادي خلال هروبه هو ورفاقه من مطاردة قبيلة هندية، ليقوم أحد رفاقه بنهبه وقتل ابنه وتركه ليموت وحيداً في الغابة، إلا أنه ينجو ويمضي في رحلة طويلة للانتقام من الرجل الذي خانه (هاردي) وقتل ابنه، ليبدأ غلاس رحلة شاقة عبر البرية ليلتقي ب«باوني هيكوك» ويشتركا معاً في التهام لحم البيسون ويسافرا معاً. 
وبعد تجربة علاج من قبل «باوني»، ينام في خيمة صغيرة، وعندما يفيق يكتشف أن باوني تعرض للشنق على شجرة من قبل صيادين فرنسيين، ليتسلل غلاس إلى معسكرهم ويرى الزعيم يغتصب فتاة، فيتغلب على الزعيم ويحرر الفتاة، ويقتل صائدين، ويستعيد حصان باوني، ويترك خيمته خلفه. 
ملاحقة وانتقام
أحد الناجين الفرنسيين يذهب إلى «فورت كيوا» ويخبرهم أن غلاس حي، ويعترف «بريدجر» بقصة جلاس، لينظم هنري حملة بحث عنه، بينما يهرب فيتزجيرالد، بعدما أدرك أن غلاس على قيد الحياة، وبعد بحث يعثر الفريق على غلاس وهو في حالة إعياء شديدة، فيغضب هنري ويأمر بالقبض على بريدجر، ويبدأ غلاس وهنري في مطاردة فيتزجيرالد، والذ ي يتمكن من قتل هنري، فيلاحقه غلاس إلى ضفة النهر وينخرط معه في معركة وحشية، وكان غلاس على وشك قتل فيتزجيرالد، ولكن تأتي عصابة من أريكارا عند المصب، فيتركه للعصابة التي تقتل فرتزجيرالد ويتركوا غلاس الذي كان قد أُصيب بجروح بالغة.
ميزانية وإيرادات
بلغت ميزانية الفيلم 135 مليون دولار، في حين بلغت إيراداته في افتتاحيته في الصالات قرابة الأربعين مليون دولار، وبلغت إيراداته المحلية أكثر من 183 مليون دولار، فيما وصلت الإيرادت الإجمالية إلى 526.493.034 مليون دولار بعد قرابة خمسة أشهر من عرضه في جميع أنحاء العالم.
ترشيحات وجوائز
حصل فيلم «ريفينانت»، على العديد من الترشيحات والجوائز، منها ترشحه لـ 12 جائزة أوسكار، فاز بثلاثة منها هي: أفضل تصوير سينمائي لإيمانويل لوبزكي، وأفضل مخرج لأليخاندروغونزاليز إيناريتو، وأفضل ممثل لليوناردو دي كابريو، إضافة إلى جائزة البافتا لأفضل فيلم (2015). 

كاتب وروائي وسفير
مايكل بنك (Michael Punke)‏ هو كاتب، روائي، بروفسور، محلل سياسي ومستشار سياسي، ومحام أميركي، حيث شغل منصب نائب الممثل التجاري للولايات المتحدة وسفير الولايات المتحدة لمنظمة التجارة العالمية في جينيف، وهو معروف بكتابته رواية (The Revenant)، عام (2002)، والتي تحولت إلى فيلم سينمائي أميركي.