لكبيرة التونسي (أبوظبي)
لبناء وعي بيئي لدى أجيال المستقبل، وترسيخ مبادئ استدامة الموارد، تسعى الكثير من الجهات إلى تنفيذ مبادرات يستفيد منها الأطفال، ضمن مسؤوليتها المجتمعية، لكن يبقى دور الأسرة اللبنة الأساسية في غرس القيم البيئية في نفوس الأبناء، لإكساب أفراد الأسرة تنمية الشعور بالمسؤولية تجاه بيئتهم وترسيخ الوعي ليكونوا قادرين على التعامل مع محيطهم بشكل سليم، حيث إن الأسرة هي الأكثر تأثيراً في البيئة ليعمل أفرادها على حمايتها وصونها.

اعتبر الناشط البيئي عبدالله الحمد، أن استدامة الموارد صمام أمان للأجيال، وحمّل الآباء مسؤولية تعزيز الوعي لدى الأبناء، مشدداً على أهمية بناء بيئة سليمة بين أفراد المجتمع، وأضاف: أبناؤنا أمانة، ومن حقهم العيش في بيئة نظيفة بسعادة ورفاهية، ومن حقهم أن نعلمهم ونثقفهم، ليشاركوا في تفعيل مبدأ الاستدامة من خلال الأنشطة المدرسية أو الفعاليات البيئية التي تنظمها مختلف الجهات، الأمر الذي يزيد من اهتمامهم بالبيئة ويرسخ لديهم مفهوم الاستدامة. 
حلول مبتكرة
تعتبر مرحلة الطفولة من أخطر المراحل التي يمر بها الإنسان، فهي مرحلة نمو القدرات، وصقل المواهب والتخطيط للمستقبل، فما يتعلمه الطفل في مراحل عمره المبكرة يبقى راسخاً في ذاكرته بدرجة أكثر مما يتعلمه لاحقاً، لذا لا بد من الاهتمام بتنمية الوعي البيئي لديه منذ الصغر، ليكون قادراً على حماية البيئة. وقال حسن مشربك، رئيس قسم تنمية مهارات وقدرات الطفل في مؤسسة التنمية الأسرية، إن الاستدامة تتداخل بشكل متكامل بين الاستدامة الاجتماعية والبيئية والاقتصادية، وتعنى في المجال الاجتماعي بقدرة الأجيال الحالية والمستقبلية على إنشاء مجتمعات صحية وصالحة للحياة.

وأورد أن المؤسسة تهدف من خلال برامجها إلى تعزيز الوعي بمفهوم البيئة بين الأطفال، ما يؤهلهم للعيش بصحة وأمان، والتطلع نحو مستقبل أفضل، مع تحفيز مهارات التفكير لديهم ومناقشة الحلول المبتكرة، وتعزيز حق الطفل في الرعاية الشاملة ضمن بيئة صحية مستدامة.
مسؤولية بيئية
تعزيز الوعي البيئي لدى الأطفال والأسر من خلال البرامج والأنشطة المتنوعة، من الأسس الرئيسة التي تتبناها جمعية أصدقاء البيئة، والتي تعمل ضمن منظومة متكاملة لنشر الوعي بالتفاعل والممارسة. هذا ما أكده الدكتور إبراهيم علي، رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء البيئة، قائلاً إن الحل الأمثل للحفاظ على البيئة والحد من التغير المناخي يكمن في سلوك الإنسان ونشأته، والذي يتحول إلى قيم اجتماعية لديه، ويجعله جزءاً من هذه البيئة ومسؤولاً عن عدم الإخلال بها، موضحاً أن أصدقاء البيئة ستطلق برنامجاً لترشيد الاستهلاك في المنازل خلال إجازة الصيف، بهدف وضع الأساس البيئي، وترسيخ مبادئ كفاءة استخدام الطاقة والمياه في المنازل لدى الأسر، لتكون الأسرة النموذج الأمثل لنشر ثقافة الترشيد وتفعيل دورها في المجتمع.

حس بيئي
قالت فاطمة الحمادي، إن ترسيخ الوعي البيئي وتعزيزه في المجتمع، لا يكتمل إلا بمبادرات الأسر التي تنقل هذه القيم تلقائياً للأبناء لتحقيق الاستدامة، فالتربية السليمة وتنمية الحس البيئي يبدآن من البيت، حيث يعتاد الأبناء منذ نعومة أظفارهم على النظافة، والإسهام في ترشيد الموارد، كالإنارة والماء والطعام. وهذا الأمر أصبح يتجلى في حياتهم اليومية، حيث ينعكس على سلوكياتهم داخل المجتمع. 
تنظيف وتشجير
وتؤمن سلامة الظاهري، بأن الأم هي أساس غرس مفهوم الوعي البيئي في نفوس الأبناء، موضحة، أنها لمست ذلك من خلال مشاركة أسرتها في المبادرات البيئية بالتعاون مع جمعية أصدقاء البيئة. وقالت: لمست في أبنائي الالتزام بالحفاظ على البيئة والمرافق العامة، من خلال مشاركتهم في حملات التنظيف والتشجير والحفاظ على البنية الزراعية، ما أكسبهم الثقة بالنفس والاهتمام بالصحة والبيئة.
ترشيد
أوضح د. إبراهيم علي، رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء البيئة، أن البرنامج يشمل تنفيذ عدد من الفعاليات التي تستهدف تخفيض الاستهلاك في المنازل، إذ إن ترشيد استخدام الطاقة والمياه يؤثر على البيئة، وعلى حياتنا اليومية وعلى الأجيال، مؤكداً أن الجمعية تسعى لتصحيح المفاهيم والممارسات الخاطئة لدى الأفراد، والتي تؤدي إلى زيادة معدلات استهلاك المياه والكهرباء، لافتاً إلى أن عام الاستدامة فرصة لتكاتف الجهود للحفاظ على الطاقة والموارد المائية.

إعادة التدوير
موزة المعمري، والدة الطفلة والناشطة البيئية سجى الزيودي، أكدت أنها نجحت في غرس قيم الحفاظ على البيئة في نفوس أبنائها، حتى أصبحوا حريصين على عدم الإسراف في استخدام الطاقة الكهربائية والمياه وتقدير النعم. وقالت: اعتادوا تدوير زجاجات الماء لاستخدامها في الزينة أو لحفظ الحبوب، أما الملابس والورق فنقوم بالتبرع بها من أجل إعادة تدويرها واستفادة المحتاجين منها. وأشارت إلى أن ابنتها سجى حازت العديد من الجوائز وشاركت في مشاريع بيئية عدة، منها مشروع «حقيبة تسوقي من إعادة التدوير»، و«استدامة زراعتي مع عائلتي»، إضافة إلى المشاركة في العديد من حملات التنظيف على مستوى الدولة.
أنشطة منزلية
مريم النعيمي، قالت، إن أساس التوعية البيئية يبدأ من الأسرة، مؤكدة أهمية دور الأم في تعزيز ونشر ثقافة الوعي البيئي، من خلال الأنشطة المنزلية البسيطة، مثل شرح أسباب إغلاق صنبور المياه أثناء غسل الأسنان، والنصح بوضع القمامة في الحاويات المناسبة، وسرد رحلة هذه النفايات حتى تدويرها وتغيير شكلها والاستفادة منها، وأنه في حال الخروج للتخييم، يجب الإبقاء على المكان نظيفاً قبل المغادرة، والحرص على جمع العبوات البلاستيكية من أجل إعادة تدويرها.