لكبيرة التونسي (أبوظبي)
الاستخدام المفرط للتقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي، له تأثير سلبي وخطير على الأبناء، ومنه التوتر وزيادة الدهون ونقص ساعات النوم، وأمراض القلب وتراجع النمو الحسي وفقدان القدرة على التفكير، فضلاً عن التأثير على نمو الدماغ وتطوره، الأمر الذي جعل مؤسسة التنمية الأسرية تقوم بحملة واسعة للتوعية بمخاطر الاستعمال غير الآمن لوسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام، والإنترنت بشكل خاص.
وأكدت مؤسسة التنمية الأسرية، أن إدمان الأطفال على الأجهزة الإلكترونية أصبح ظاهرة تعاني منها الكثير من الأسر، وأصبحت هذه الأجهزة المكون الأساسي لشخصياتهم وبنائهم النفسي والاجتماعي، الأمر الذي يزيد من الأضرار النفسية والصحية والاجتماعية، نتيجة قضاء ساعات طويلة على هذه الأجهزة.
إدمان إلكتروني
ترى وفاء آل علي، مديرة إدارة الإرشاد والاستشارات الأسرية في مؤسسة التنمية الأسرية، أن الإدمان الإلكتروني يدفع الشخص للبحث عن الألعاب أو التسوق عبر شبكة الإنترنت، سدًّا لحاجة أو نقص أو فراغ نفسي، فالإدمان الإلكتروني على وسائل التواصل الاجتماعي، هو الأكثر انتشاراً، حيث يتابعها الأفراد على مدار الوقت مهملين واجباتهم الأسرية والاجتماعية، وغير مكترثين بأمورهم الحياتية، نتيجة الانفصال عن الواقع والعيش في عالم افتراضي من صُنع صاحب المحتوى.
ظواهر سلبية
وأشارت آل علي إلى أن محاكاة وتقليد الشباب والمراهقين للآخرين من حولهم ضمن الأسرة أو خارجها، وضع طبيعي تفرضه خصائص المرحلة العمرية، وهو أحد أدوات التنشئة الاجتماعية التي تتكون فيها عادات وتقاليد وقيم الفرد التي يتكيف من خلالها مع المجتمع المحيط، إلا أن ما نشهده مؤخراً من تراجع دور الأسرة في تنشئة الأبناء وتراجع دور الوالدين في توفير القدوة الإيجابية لهم، بالإضافة إلى التطور التكنولوجي السريع وعدم وجود ضوابط لاستخدام الوسائل الإلكترونية بشكل عام ولمحتوى السوشيال ميديا على وجه الخصوص، والاستغلال المادي على حساب الجانب الأخلاقي والثقافي لدى بعضهم، أمور أدت إلى انتشار ظواهر سلبية كثيرة ونماذج غير سوية لا تتوافق مع ثقافة المجتمع ومعاييره، والاتجاه إلى تقليد محتوى المشاهير والتفاعل معه بشكل كبير، مما يصيب المراهقين بحالة من التعلق والتقمص الوجداني المرضي.
توعية بالمخاطر
من جانبها، اعتبرت بشاير عيسى المنصوري، اختصاصية اجتماعية في مؤسسة التنمية الأسرية، أن استخدام الإنترنت يجب أن ترافقه توعية كبيرة وتقنين بما يتناسب مع الطفل وعمره تحت إشراف الوالدين، وعدم ترك المجال مفتوحاً أمام هؤلاء الصغار، موضحة أن سلوك بعض الأطفال أصبح يميل نحو العنف والتنمر بسبب الألعاب الإلكترونية، حيث ينقل الطفل ما تعلمه من العالم الافتراضي إلى الواقع، كما أن الجلوس طويلاً أمام الشاشات ينتج عنه الكثير من المخاطر الصحية، مثل آلام العظام والرقبة والظهر، وأيضاً ضعف البصر والصداع المستمر، بالإضافة إلى مشكلة السمنة المفرطة التي انتشرت بين الأطفال بسبب كثرة الجلوس وقلة الحركة.
وأثبتت الدراسات الحديثة، بحسب المنصوري، أن الاستخدام المفرط للألعاب الالكترونية يؤدي إلى اضطرابات في النوم وتقلب في المزاج، ومشاكل نفسية تؤدي إلى الإنطوائية والاكتئاب، حيث يلجأ الطفل إلى الجلوس بمفرده ولا يندمج مع أقرانه، وبالتالي تتأثر علاقاته الاجتماعية وتنخفض نسبة ذكائه ومهاراته الاجتماعية، إضافة إلى مخاطر تشتت الانتباه وضعف الذاكرة.
وشددت المنصوري على ضرورة مساعدة الأبناء على تحديد أهداف مهنية وأكاديمية لزيادة الدافعية للدراسة والسعي نحو المستقبل بتفاؤل، ويمكن الاستعانة بالاستشاريين والمتخصصين عند الحاجة لذلك، لتلافي العواقب الوخيمة على الفرد والمجتمع في مراحل لاحقة.
نصائح
قدمت وفاء آل علي، مديرة إدارة الإرشاد والاستشارات الأسرية في مؤسسة التنمية الأسرية، مجموعة من النصائح للتخلص من الإدمان الإلكتروني والتقليد للمحتوى السلبي للمشاهير ومنها توفير القدوة الحسنة للأبناء من خلال حرص الوالدين على إظهار الجوانب الإيجابية لديهم، والتركيز على بناء القيم عن طريق التقليد والمحاكاة، وتخصيص جزء من الوقت للمناقشة مع الأبناء حول نماذج إيجابية في المجتمع في الزمن الحالي أو الماضي، حتى تكون نموذجاً بديلاً لمشاهير المحتوى الإلكتروني السلبي، مع التركيز على أضراراستخدام الوسائل الإلكترونية بشكل مفرط والإجابة على أسئلتلهم بشفافية تامة، إضافة إلى تعزيز الصداقات الحقيقية للأبناء ومساعدتهم على ذلك، ليبتعدوا تلقائياً عن كل ما هو ضار ومخالف للدين والعادات والتقاليد، مع إمكانية الاستفادة من الوسائل الإلكترونية بشكل إيجابي، مثل الاستمتاع معهم باللحظات الجميلة ومشاركتهم الألعاب المفيدة، وتحديد ساعات يومية أو أسبوعية لممارسة الألعاب الإلكترونية، وتشجيعهم على ممارسة الأنشطة البدنية والرياضية كبديل للألعاب الإلكترونية.