واشنطن (الاتحاد)

يعد الفوز بإحدى جوائز بوليتزر للصحافة شرف كبير لأي صحفي في الميديا الأميركية يمكن أن يكافح سنين طويلة لنيله، لكن الفوز مرتين بالجائزة إنجاز غير عادي، أما أن تفوز بالجائزة مرتين، وفي الثانية تحصد الجائزة مع ابنك، فهذا إنجاز استثنائي غير مسبوق، لم يحظ به سوى الصحفي جون أرشيبالد الذي يعمل في إحدى المؤسسات الصحفية بولاية ألاباما.
بالتالي، لن ينسى أرشيبالد أبداً يوم الاثنين الماضي، عندما أعلنت لجنة التحكيم الخاصة بجوائز بوليتزر فوزه بالجائزة مع فريق من الصحفيين، بينهم ابنه رمزي.
المفارقة أن الأب لم يكن يتمنى في البداية أن يعمل ابنه في الصحافة. فهو يعرف أكثر من غيره أنها مهنة شاقة، لا يجني أصحابها من ورائها المال الكثير. لذلك كان قلقاً على مستقبل رمزي.. الآن يبدو أنه لم يعد ثمة مبرر للقلق، حسبما تقول صحيفة «نيويورك تايمز».
فاز جون أرشيبالد في 2018، بجائزة بوليتزر عن الأعمدة التي نشرتها مجموعة ألاباما الإعلامية، أكبر ناشر في الولاية. والجائزة الثانية فاز بها عن فئة الصحافة المحلية، مع فريق من الصحفيين ضم ابنه، رمزي أرشيبالد الذي كتب تحقيقات عن الشرطة المحلية.
«أشعر بالذهول»، قال أرشيبالد، في مقابلة بعد إعلان الفوز. «إنه لشرف عظيم. ولكي تفعل ذلك مع ابنك - أقول لك، هذا ذهب».
حصل فريق AL.com المكون من أربعة أشخاص - والذي ضم أيضاً المحررين الاستقصائيين آشلي ريمكوس وشالين ستيفنز - على واحدة من جائزتي بوليتزر فازت بهما مجموعة ألاباما الإعلامية، وهو إنجاز مذهل لغرفة أخبار لا يزيد عدد أفرادها عن 110 صحفيين. كما فازت المؤسسة بجائزة التعليق عن أعمدة كايل ويتمير، كاتب العمود السياسي بشأن تأثير تاريخ ألاباما على حاضرها. 
انضم رمزي أرشيبالد، 31 عاما، إلى والده والسيدة ريمكوس في يناير 2022، ضمن مشروع إعداد التحقيقات. كان الفريق يبحث في معلومات تتهم قوة الشرطة المحلية في بلدة بروكسايد بارتكاب ممارسات عدوانية لزيادة إيراداتها. أدت القصص في النهاية إلى استقالة قائد الشرطة وأطلقت مراجعة الدفاتر الحسابية للولاية.
والفوز ببوليتزر هو الثاني للسيدة ريمكوس التي فازت أيضاً في عام 2021 عن تحقيق استمر لمدة عام بشأن الأضرار التي تلحقها الكلاب البوليسية بالأميركيين. وبخفة ظل وتواضع جم، تقول اريمكوس إن الأمر استغرق فوزاً ثانياً حتى تدرك أن الأول لم يكن مصادفة. 
وأضافت أنها متفائلة بشأن مستقبل الصحافة المحلية في ألاباما على الرغم من قرار الشركة الأخير بالتوقف عن طباعة الصحف. وقالت: «سواء كان ذلك في شكل صحيفة أو ما إذا كان يأتي على الإنترنت، فإن الصحافة هي المهمة.. ولا أعتقد أن طريقة تقديم ثمرة جهودنا تمنعنا من القيام بهذا العمل».
ومن جانبه، يقول رمزي أرشيبالد إن التحقيقات بشأن بروكسايد تمت في المقام الأول من خلال زيارات شخصية للمدينة، ومكالمات هاتفية ومؤتمرات فيديو عن بعد مع زملائه، لأن المؤسسة الصحفية لم تضع بعد خطة رسمية للعودة إلى المكتب.
لا تقف في طريقه
قال جون أرشيبالد إنه كان قلقاً بشأن احتمال دخول ابنه في صناعة الصحافة التي كانت مشحونة بالقلق الاقتصادي على مدى العقود العديدة الماضية. لكنه عرف من التجربة أنه من غير المجدي محاولة الوقوف في طريق ابنه، ثم إنه كان في مهمة صحفية خارج المدينة عندما تم تعيين ابنه رمزي أرشيبالد. يقول الأب بعد خبرة السنين: «لن أثبطه أبداً، لأنني أعلم من حياتي الخاصة أن الشيء الوحيد المهم هو ذلك الشعور الذي تحصل عليه من وظيفتك».
لماذا هي مهمة؟
جوائز بوليتزر السنوية هي الأعلى مقاماً في الصحافة الأميركية، وتعادل تقريباً في مجال الإعلام جوائز نوبل من حيث الأهمية. أعلنت للمرة الأولى عام 1917. وأطلق عليها هذا الاسم نسبة إلى الناشر الصحفي جوزيف بوليتزر، الذي توفي عام 1911، وخصص في وصيته أموالاً لإنشاء الجوائز ومدرسة للصحافة في جامعة كولومبيا. وبمرور السنين صار الفوز بإحدى الجوائز حلماً للصحفيين الأميركيين، باعتبارها شرفاً كبيراً. وتقريباً لم يحدث مرة واحدة أن شكك أحد من الصحفيين في نزاهة الجائزة أو تحيزها بعكس ما تشهده جوائز نوبل، خاصة في الأدب عند منحها لبعض الأسماء التي يثار جدل كبير بشأن مدى أحقيتها بالفوز في بعض الأحيان.
رغم التحديات.. الصحافة المحلية تنتعش
مع تخلي القراء عن الصحف المطبوعة التقليدية وإغلاق أصحاب الشركات لغرف الأخبار، فإن عدداً أقل من المؤسسات الإخبارية لديها من الموارد المالية ما يكفي لكتابة تحقيقات بشأن ممارسات الحكومات المحلية والحفاظ على الصحافة الراقية.
وجدت AL.com نفسها تبحر في تلك الرياح الاقتصادية المعاكسة. فقد اعتادت مجموعة ألاباما الإعلامية، المملوكة لشركة Advance Local، وهي سلسلة صحف وطنية، نشر ثلاث صحف: The Birmingham News وMobile›s Press-Register وThe Huntsville Times. وأعلنت كيلي آن سكوت، رئيسة تحرير AL.com، في فبراير أن الشركة ستتوقف عن طباعة تلك الصحف، مشيرة إلى تغيير عادات القراء والمعلنين، وتوجيه قراء تلك الصحف إلى AL.com.
لكن سكوت، قالت في مقابلة مع نيويورك تايمز الاثنين الماضي إن مجموعة ألاباما الإعلامية لديها عدد أكبر من الصحفيين مما كانت عليه قبل خمس سنوات.
وأضافت: «الصحافة المحلية مهمة للغاية الآن في أميركا». «إنه لأمر رائع أن نرى قصصاً وتعليقات يقدمها للفضاء العام بالولايات المتحدة صحفيون يحبون الأماكن التي نشأوا فيها».