أحمد مراد (القاهرة)
في ذاكرة ووجدان الشعوب العربية، يرتبط فصل الربيع بتفتح الأزهار، واخضرار الطبيعة، والطقس المعتدل، ونسائم الهواء العليل، ما يجعل الكثيرين يعتبرونه أفضل فصول العام.
ولكن هذا لا يمنع أن للربيع وجهاً آخر، حيث تسود خلال إحدى فتراته أجواء حارة مغبرة ترافق هبوب رياح الخماسين.. فما هي رياح الخماسين؟.. وما خصائصها؟.. وكيف تتشكل؟.. وكيف تتحرك؟
50 يوماً
يعود سبب تسمية رياح الخماسين بهذا الاسم إلى نشاطها القوى الذي عادة ما يبدأ بعد مرور 50 يوماً من بدء فصل الربيع، وبالأخص خلال شهر أبريل من كل عام، بالإضافة إلى أن نشاطها يستمر خلال مدة تتراوح بين 50 و55 يوماً، وتهب على مرات عدة، وتستمر لمدة 3 أو 4 أيام في المرة الواحدة، وبعدها يتدفق هواء أكثر برودة.
40 درجة مئوية
ترتبط رياح الخماسين بدرجة حرارة مرتفعة قد تصل إلى نحو 40 درجة مئوية، وقد تؤدي رياح الخماسين إلى ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 20 درجة مئوية خلال ساعتين فقط، ولكن عادة ما تنخفض درجة الحرارة إلى نحو 15 درجة مئوية، لا سيما عند وصول الجبهة الباردة المندفعة باتجاه الرياح الحارة القادمة من ناحية الشمال الغربي.
140 كم/ ساعة
تتميز رياح الخماسين بسرعتها العالية، فقد تتحرك بسرعة تقترب من معدل 140 كم/ ساعة باتجاه مناطق شرق البحر الأبيض المتوسط، ومنها مصر، وبلاد الشام، وشبه الجزيرة العربية، وبسببها تسود أجواء مغبرة تقل فيها مدى الرؤية.
ويؤدي هبوب رياح الخماسين إلى انخفاض الرطوبة إلى ما دون 5%، ما يتسبب في حدوث جفاف شديد.
رياح محملة بالغبار
تُعد المنخفضات الخماسينية إحدى أبرز الظواهر الجوية والمناخية المرتبطة بفصل الربيع، وهي عبارة عن انخفاض في قيم الضغط الجوي، وتتشكل نتيجة الانخفاض في الضغط الجوي بسبب ارتفاع درجة الحرارة في مناطق الصحراء الكبرى في شمال القارة الأفريقية، مقارنة مع درجة حرارة مياه البحر الأبيض المتوسط التي تصبح باردة بعد انتهاء فصل الشتاء.
وترافق المنخفضات الخماسينية رياح تشتهر باسم «الخماسين»، وهي رياح جنوبية شرقية موسمية، ويصل تأثيرها إلى مصر، وبلاد الشام، ودول الخليج العربي، والعراق، واليمن، حيث تؤدي المنخفضات إلى دفع الرياح السطحية المحملة بالغبار من الصحراء الكبرى باتجاه الشرق، فتتحرك موازية لساحل البحر الأبيض المتوسط نحو الحوض الشرقي للمتوسط، ومنطقة بلاد الشام، والجزيرة العربية، والمغرب العربي.
80 نوعاً من الفطريات
تحمل رياح الخماسين غباراً يحتوي على حبيبات صغيرة من الأتربة والرمال، ومركبات الرصاص، وتتكون جزيئاته من سيليكات الألمنيوم والكربونات، مع مكون ثانوي من الفوسفات التي تؤثر على تركيز الأحجار في صحراء شمال أفريقيا.
كما تضم الكثير من الميكروبات، ونحو 80 نوعاً من الفطريات المسببة لحساسية الصدر، وأنواعاً أخرى تسبب احتقان الأنف، حيث تتسبب رياح الخماسين في العديد من الأضرار للجهاز التنفسي، مثل الحساسية، وسيلان الأنف أو انسداده، وضيق التنفس، والسعال، والتهاب الجيوب الأنفية، وتهيج الجهاز التنفسي، وزيادة أعراض الحساسية لمرضى الربو، بالإضافة إلى تسببها في أضرار عديدة تلحق بالنباتات والمنشآت.
7 أسماء
يختلف الاسم الذي تحمله رياح الخماسين من بلد إلى آخر، فهناك سبعة أسماء مختلفة لها، ففي السودان وليبيا تُعرف بـ «رياح القبلي»، وفي العراق والخليج العربي تُعرف بـ «رياح الطوز»، وفي أوروبا تُعرف بـ «رياح الشروقي»، وفي مصر وبلاد الشام تُعرف بـ «رياح الخماسين»، وفي فلسطين تُعرف بـ «رياح الشلوق»، وفي الجزائر وتونس تُعرف بـ «رياح الشهيلي»، وفي المغرب تُعرف بـ «رياح الشرقي».
خصائص متفاوتة
تتخذ رياح الخماسين أشكالاً عديدة ذات خصائص متفاوتة تختلف باختلاف أماكن حدوثها، ففي مصر تهب على شكل رياح جافة ومليئة بالرمال والغبار لمدة 50 يوماً خلال فصل الربيع، وفي بلاد الشام تأخذ شكلاً آخر، وتهب خلال فصلى الربيع والخريف، وفي إيران وأفغانستان تحدث ظاهرة مماثلة لرياح الخماسين، وهي أيضاً رياح جافة، ومغبرة، وحارة.
96 طناً رمال لكل ميل
بحسب بعض التقديرات، يسقط على مدينة القاهرة وحدها خلال فترة هبوب رياح الخماسين أطنان من الرمال بمعدل 96 طناً لكل ميل مربع في الساعة الواحدة، وقد تصل هذه الكمية إلى نحو 96.1 طن لكل ميل مربع في الساعة عند هبوب الرياح الشديدة.