د. شريف عرفة
تشير دراسات نفسية عديدة إلى أهمية ممارسة التأمل، ودوره الكبير في تحسين الصحة الجسدية والعقلية. إذ يخفف التوتر والقلق، ويعزز الوعي الذاتي والتنظيم العاطفي، ويساعد في تحسين التركيز والانتباه، وتخفيف الألم المزمن، وخفض ضغط الدم، وزيادة مشاعر الرحمة والتعاطف تجاه الآخرين، وتحسين جودة النوم!
لكن رغم كل ذلك، لا تلقى هذه الممارسة شعبية واسعة في العالم العربي. ربما لارتباطها برياضة اليوجا وأوضاعها الجسدية الصعبة التي تتطلب تدريبات خاصة. لكن الحقيقة أن التأمل ممارسة ذهنية يمكنك ممارستها وأنت جالس في مكانك على هذا الوضع، بعد أن تنتهي من قراءة هذا الموضوع!
كيف؟ إليك عدداً من الأساليب لممارسة أنواع متعددة من التأمل:
1- تأمل اليقظة الذهنية:
لممارسة هذا النوع من التأمل، ركز فيما هو موجود هنا والآن. لا تسرح بخيالك للماضي أو المستقبل أو في تفسير الأمور ودلالاتها أو الحكم عليها، بل انظر للأمور كما هي.
الخطوات:
- اجلس بشكل مريح في مكان هادئ، وتنفس بعمق في بطء.
- أغمض عينيك، أو ركز نظرك على شيء موجود حولك.
- تأمل العالم الخارجي - أو الداخلي - وتقبله كما هو. دون حكم عليه أو محاولة تفسيره.
- عندما تظهر الأفكار أو العواطف أو الأحاسيس، تأملها من بعيد كمتفرج، ثم عد لاسترخائك وتركيزك في تنفسك.
- تدرب لمدة 10-20 دقيقة يومياً أو حسب الرغبة.
بالإضافة لدوره في تحسين الحالة النفسية، فإن هذا النوع من التأمل يساعد في تحسين الصحة العقلية والقدرات الإدراكية.
(مصدر: زيدان وزملاؤه، (2010) التأمل اليقظ يحسن الإدراك: دليل على التدريب العقلي القصير. دورية الوعي والإدراك).
2- تأمل المحبة واللطف:
تتم ممارسة هذا النوع من التأمل، عن طريق تخيل طاقة الحب وهي تتدفق في أعماقك لتملأك وتغمر من حولك.
الخطوات:
- اجلس بشكل مريح في مكان هادئ.
- أغمض عينيك وتنفس بعمق وبطء.
- تخيل الحب كطاقة تنبعث من قلبك وتغمرك. وردد في ذهنك عبارات، مثل «أتقبلك كما أنت، أتمنى لك السعادة، أتمنى لك الصحة، أتمنى لك كل خير... إلخ».
- تخيل هذه الطاقة تمتد تدريجياً لتغمر الآخرين. ابدأ بالأحباء والمقربين. ثم الأشخاص المحايدين. ثم الذين تجد صعوبة في التواصل معهم.
- ستمر لمدة 10-20 دقيقة أو حسب الرغبة.
هناك دراسات تشير إلى أن هذا النوع من التأمل مفيد نفسياً ويحسن جودة العلاقات.
«مصدر: فريدريكسون وزملاؤها (2008). القلوب المفتوحة تبني الحياة: العواطف الإيجابية التي يتم تحفيزها من خلال تأمل المحبة واللطف تبني موارد شخصية تبعية. مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي».
3- تأمل مسح الجسم:
هذا النوع من التأمل يعتمد على تخيل الاسترخاء التدريجي لكل أجزاء الجسم حتى الوصول للاسترخاء الكامل.
- استلق أو اجلس بشكل مريح في مكان هادئ.
الخطوات:
- أغمض عينيك وخذ أنفاساً عميقة بطيئة.
- ابدأ بأصابع قدميك، تخيل الاسترخاء يغمرهما.. ثم انقل تركيزك إلى كل جزء من أجزاء الجسم، واحداً تلو الآخر، ولاحظ ما تشعر به بالضبط.
- استمر في ذلك ببطء، خذ وقتك، حتى تصل إلى رأسك.
- قد تتطلب ممارسة هذا التدريب 20-45 دقيقة.
هناك دراسات علمية تشير إلى دور هذا النوع من التأمل في تحقيق الاسترخاء وتخفيف التوتر الجسدي.
«مصدر: كريسويل وزملاؤه (2014) التدريب على التأمل الذهني الوجيز يغير الاستجابات النفسية والغدد الصم العصبية لضغوط التقييم الاجتماعي. دورية علم الغدد الصماء العصبية».
4- تأمل التنفس:
يعتمد هذا النوع من التأمل على التركيز في التنفس العميق.
الخطوات:
- ابحث عن مكان هادئ واجلس بظهر مستقيم.
- أغمض عينيك. خذ الشهيق من أنفسك والزفير من فمك.
- ركز على إحساس أنفاسك. استشعر الهواء وهو داخل وخارج من صدرك.
- اجعل بطنك يتحرك مع الشهيق والزفير كي يكون التنفس عميقاً.
- إذا كان عقلك يشرد، أعده بلطف إلى أنفاسك.
- قد تتطلب ممارسة هذا التدريب 5-20 دقيقة يومياً.
تشير الدراسات أن هذا النوع مشابه لتأمل اليقظة الذهنية من حين إراحة الذهن والجسد.
«مصدر: ما وزملاؤه (2017). تأثير التنفس الحجابي على الانتباه والتأثير السلبي والتوتر لدى البالغين الأصحاء. دورية فرونتيرز إن سايكولوجي»
5- تأمل المشي:
كما هو واضح من اسمع، هذا نوع من التأمل يتطلب التركيز في عملية المشي ذاتها، وطرد أن أفكار أخرى!
الخطوات:
- اختر مكاناً هادئاً للمشي.
- امش وظهرك منتصب وأنت تتنفس بعمق.
- ابدأ بالمشي ببطء، وركز على الأحاسيس في قدميك أثناء ملامستها للأرض.
- إذا كان عقلك يسرح بعيداً، فأعد توجيهه برفق إلى أحاسيس المشي.
- تدرب لمدة 10-30 دقيقة أو حسب الرغبة.
هذا النوع من التأمل مفيد في طرد الأفكار السلبية وتحسين الصحة النفسية.
«مصدر: هارت وزملاؤه (2016). التجرد النفسي واليقظة الذهنية في تأمل المشي. دورية ليقظة الذهنية».
والآن قل لنا عزيزي القارئ.. ما هو النوع الذي قررت ممارسته الآن؟