لكبيرة التونسي (أبوظبي)
«الحنّاء» تغنى بها الشعراء، تفاخرت بها النساء، ترمز إلى السعادة، وقد استعملتها الإماراتية قديماً ضمن طقوس وعادات وتقاليد أصيلة، تفننت في رسم ونقش أشكالها الزخرفية، تحمل دلالات كثيرة من حيث الجودة ودقة الاستخدام، كحرفة يدوية فنية تحتاج إلى براعة في نقشها، فهي ليست مادة تجميلية فحسب، وإنما استُخدمت في علاج بعض الأمراض والآلام.
رمز للزينة
ما زالت «الحنّاء» حاضرة بتفاصيلها وطقوسها في الحياة اليومية للأمهات والجدات والمناسبات السعيدة في المجتمع، وقد تم تطوير جوانب عدة منها، لتتيح الفرصة للجيل الحالي في التعبير عن هويته وانتمائه بما ينسجم مع طبيعة العصر. تقبل عليها الفتيات وبشكل كبير في الأعياد الدينية والمناسبات الوطنية والأعراس والحفلات، وتُعتبر رمزاً لعناية المرأة الإماراتية بجمالها وزينتها منذ القدم.
مؤشر سعادة
وذكرت عفراء السويدي، من «بيت الحرفيين» التابع لدائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، أن «الحنّاء» من أهم وأقدم مواد التجميل التي عرفتها نساء الإمارات، فهي ترمز إلى الخصب، وتشير إلى مدى سعادة وراحة بال الزوجة في بيتها. وأوضحت أن نقوش «الحنّاء»، لم يقتصر استخدامها على التجميل، بل كانت وسيلة للتداوي والعلاج وصبغ الملابس.
زراعة منزلية
بالحديث عن علاقة أهل الإمارات بـ«الحنّاء»، قالت السويدي إنها احتلت مكانة بارزة في ثقافة المجتمع، حيث كانت تُزرع في المنازل، وتُحاط باهتمام بالغ، ثم تجفَّف أوراقها، ويتم الاحتفاظ بها. وضمن طقوس جماعية كانت تُدق بطريقة تقليدية وتُنعم لتخضب بها اليدان أو القدمان والشعر أيضاً، كما كانت وسيلة للتقليل من حرارة الطقس، لاسيما عند تخضيب أسفل القدمين لتبريدهما من حرارة الشمس. وأشارت إلى أن «الحنّاء» لم تقتصر على النساء فقط، بل استخدمها الرجال أيضاً في علاج تشققات الأقدام، ولتخفيف الحرارة عند السير على الرمال، وأيضاً لتخفيف آلام الرأس والعين، وكان يُعتقد أنها من أسباب صحة العيون.
طريقة إعدادها
وأضافت السويدي أن «الحنّاء» محببة لدى أهل الإمارات، حيث كانوا يخضبون بها أيديهم وأقدامهم، ولاسيما في الأفراح وعيدَي الفطر والأضحى، حيث كانت المرأة تحرص على إعداد «الحنّاء» بنفسها في البيت، من خلال تجفيف أوراقها في الشمس والاحتفاظ بها. وعند الحاجة تُعدها وفق طريقة تقليدية، حيث كانت تدق أوراقها المجففة في «المنحاز» حتى تصبح ناعمة، ثم تمررها في قماشة دقيقة الثقوب للحصول على مسحوق ناعم، وإضفاء نوع من الحمرة القانية عليها. ثم تُعد محلولاً من الليمون الحامض اليابس المدقوق والماء المغلي، ليترك ليلة كاملة، ثم تُخلط فيه «الحنّاء» الناعمة لتصبح جاهزة للاستعمال.
مسميات
اكتسبت «الحنّاء» أهميتها وفرضت وجودها منذ مئات السنين، كونها من أبرز أدوات الزينة، حيث توارثت المرأة نقوشها عن الجدات والأمهات، وهذه النقوش المتعارف عليها في الإمارات كانت مختلفة ومتنوعة، ومن أشهرها، حسب السويدي: «الغمسة» وفيها تُغمس اليد كاملة من الأمام والخلف بالحنّاء، و«القصة» التي كانت توضع على الأصابع وجزء من راحة اليد، و«الشراع» التي تأتي على شكل مثلث، و«الروايب» توضع على أطراف الأصابع، وكذلك «التيلة» و«أبوالبيطان» و«الكازوا»، و«الجوتي» التي تخضَّب بها الأقدام.
قبل العيد
قديماً كانت تجتمع الأسرة قبل العيد بيومين، لتضع الجدة خضاب «الحنّاء» لبناتها وحفيداتها وأيضاً لبنات الجيران، حيث كان يتم ربط أيديهن لليوم التالي.