لكبيرة التونسي (أبوظبي)

عندما نتحدث عن «البشت»، فإننا نستحضر لباساً تقليدياً فخماً ارتبط بالمجتمع الخليجي عموماً، والإماراتي خصوصاً، حيث تعتبر صناعته فناً وإبداعاً، في إطار عادات وتقاليد أصيلة. وهو لباس رسمي يرتبط برجال الدولة والأعيان خلال المناسبات الرسمية، وأيضاً بالعرسان في حفلات الزواج، كما يرتبط بالذاكرة الجمعية لأهل الإمارات، ويُعتبر أجمله وأفخمه المصنوع يدوياً. 
فخامة
إذا كانت بعض الأزياء التقليدية تتراجع في ظل التطور، فإن «البشت» يبقى من الأزياء الشعبية الراقية التي تحظى باهتمام دائم عبر الأجيال، حيث يحضر في مختلف المناسبات والأعياد، ويرمز إلى الفخامة والقوة.
ويتنوع «البشت» بتنوع الفصول والغرض من استخدامه، فمنه المطرز بالخيوط الحريرية و«الزري الذهبي» الأصفر والفضي والبني، ومنه المطرز بخيوط الفضة المطلية بالذهب. ولم يقتصر ارتداؤه على الرجال فحسب، بل كانت ترتديه النساء أيضاً في الأعراس والمناسبات الكبيرة. 

مهارة الصانع
وذكر حسين بوحليقة أن صناعة «البشوت» حرفة تقليدية قديمة، تعكس مهارة الصناعة اليدوية وجمالياتها، وتحظى باهتمام بالغ من المجتمع الإماراتي، موضحاً أن الطلب على «البشوت» لم يتراجع، وإن كانت الآلة قد تدخلت في هذه الحرفة، إلا أن «البشت» المصنوع يدوياً يحمل روحاً ورونقاً خاصاً. وأشار إلى أن «البشت» من التراث العربي ويُعرف بأسماء مختلفة، مثل «البردة»، «الرداء»، «الكساء»، و«العباءة». ولـ «البشت» تصميم واحد، لا يتغير فيه سوى «الدقات»، أي التصميم الخاص بالزري وأنواع الأقمشة التي تختلف من فصل لآخر، وبما يتناسب مع مختلف الأذواق.
لمسات جمالية
وأضاف بوحليقة الذي ورث فنون هذه الحرفة عن والده، أن حياكة «البشت» ظهرت قديماً في المنطقة، وهي صناعة يدوية تحتاج إلى مهارة ودقة في التطريز، ولمسات جمالية تنعكس على تصاميم «الزري» التي تزيّن أطرافه، لافتاً إلى أن الطلب على «البشوت» والملابس التقليدية يستمر طوال العام، ولاسيما خلال الأعياد والأعراس.  
وأشار بوحليقة إلى أن ألوان «البشت» تتعدد وتختلف باختلاف المناسبات، والأسود المزيّن بـ«الزري الذهبي» هو أشهر وأفخم الأنواع. وبالرغم من أن  الجيل الحالي يفضله بألوان مختلفة، إلا أن الأسود يكون حاضراً بقوة في حفلات الزواج، كما أن هنالك من يختار ألواناً أخرى فاتحة مثل الأبيض و»الكريمي».

«النجفي» 
وتحدث بوحليقة عن «البشت» النجفي المشغول يدوياً، والذي يُعتبر الأجمل والأرقى، حيث يُنسج يدوياً ويُطرّز بخيوط الفضة المطلية بالذهب، ومنه الخفيف وأيضاً الثقيل الذي يناسب فصل الشتاء. ولفت إلى إلى أن طرق تطريز «البشت» تطورت كثيراً عن ذي قبل، بعدما دخل فيها الكمبيوتر، لكن المصنوع يدوياً يبقى الأجمل والأفخم.
هيبة ووقار
 ارتداء «البشت» من العادات الجميلة التي تحضر في مختلف المناسبات، حيث يضفي هيبة ووقاراً على من يرتديه، كما أن لـ«البشت» جانباً معنوياً كبيراً بين النساء والرجال. وكان يرمز إلى حضور الرجل بالبيت، حيث كانت بعض النساء قديماً يضعنه على باب الخيمة أثناء غياب الزوج في رحلة غوص أو صيد، في دلالة على أن رجل البيت موجود. وقد ارتبط هذا الزي بالذاكرة الجمعية لأهل الإمارات، وكان كبار القوم يحرصون على ارتدائه حتى في الأيام العادية.

«بشت» نسائي
ارتدت النساء قديماً «البشت»، أو ما يطلق عليه العباءة السويعية التي توضع على الرأس، وكانت تُصنع من أجمل الخامات وبألوان مختلفة، وتزيّن بـ«الزري الذهبي»، وكانت ترتديها العروس فوق ثوبها، وكذلك الجدات والأمهات. وهذه الموضة انتشرت بين الفتيات في عصرنا ضمن تصاميم تناسب ذوق الجيل الحالي، ما يعزز حضور هذا الزي التراثي الجميل في المجتمع والحفاظ عليه من الاندثار.