خولة علي (دبي)
تتميز الشعوب بتراثها وثقافتها التي تكشف عن هويتها وأصالتها، و«السنع» هو ما يظهر عمق وطبيعة العلاقات الاجتماعية السائدة في المجتمع الإماراتي، والتي تقوم على منظومة محددة تدعمها عادات وقيم متوارثة تحدد منهجية تعامل الأفراد مع بعضهم البعض، وفق ممارسات وسلوكيات طيبة بالقول والفعل. مفاهيم «السنع» تصدر من الشخص، كأدب الحديث والتعامل مع الوالدين، وتقاليد الضيافة وإكرام الضيف والاحترام، وكلها تعمل على زيادة اللحمة والحفاظ على التواصل بين الأجيال، من باب ترسيخها فيهم والحفاظ على الهوية الوطنية كقيمة أخلاقية واجتماعية. 
منهج حياة 
تطلعنا فاطمة المغني، مدرب في برامج «السنع» الإماراتي، على أبرز القيم والسلوكيات التي ما زالت سائدة في المجتمع الإماراتي على الرغم من كل المؤثرات، متطرقة في حديثها عن مفهوم «السنع» وأثره بين الأسر التي تحاول جاهدة أن تتمسك به في طريقة تعامل الأفراد فيما بينهم.
وتوضح أن «السنع» هو أسلوب حياة في مجتمع الإمارات منذ الأزل، فعندما يشار إلى أن هذه البنت أو ذاك الولد سنع، فهذا يعني أنه على قدر كبير من الأدب والتربية، وهو شخص فطن وملم بأدق تفاصيل التعامل مع الآخرين، ويمارسها بشكل يومي.
 ونجد «السنع» مثلاً في احترام الأبناء لآبائهم، وتقدير واحترام كبار السن، واحترام الجار لجاره، وهذه هي طريقة العلاقات الاجتماعية السائدة منذ القِدم، والمستمدة أساساً من الدين الإسلامي الحنيف. 

«هود هود»
وتلفت المغني إلى أن «السنع» لابد أن تتبعه رغبة قوية في احتواء الصغير واحترام الكبير، والسلوك مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمشاعر، والتي تتجلى بكل حب وسلام، تطبيقاً لتعاليم الدين الإسلامي الذي نظم علاقتنا وطريقة تعاملنا مع الأفراد. 
وتعطي مثالاً على آداب الزيارة، قائلة: عندما يطرق الزائر الباب 3 طرقات قوية يتبعها بقول «هود هود»، وهو لتنبيه أهل البيت بوجود زائر عند الباب، وإذا جاءه الرد من الداخل «أهدا أهدا»، فهذه إشارة باستقباله والسماح له بالدخول. وعندها يقوم الضيف من تلقاء نفسه بخلع نعليه قبل الدخول احتراماً لأصحاب المنزل. 
المخاشمة 
وتشير إلى أن طريقة السلام في مجتمع الإمارات كانت لها عدة طرق قديماً، ومنها السلام بـ «الخشوم»، أي حك أرنبة الأنف بين الضيف والمضيف، ويعتبر هذا السلوك قمة الاحترام والتقدير. فالأنف هو رمز العزة والشموخ والعلو، لذا استخدم الإماراتي قديماً هذه الطريقة من السلام، وقد اشتهر بها وظلت تمارس حتى اليوم بين الرجال. وكذلك تقبيل كبار السن على الرأس والكتف واليدين، وإذا كان كبير السن مقعداً، ينحني له الضيف للسلام عليه، من دون الضغط عليه نظراً لضعف جسمه ووهن عظامه، ولا بد من أن يتنبه الأشخاص لذلك عند السلام على المسنين.
وتوضح أن المصافحة تكون بضع اليد اليمنى بيد الضيف اليمنى بشكل صحيح وعدم الضغط عليها بشدة، وبما أن القلب على اليسار، فدائماً ما تنتقل المشاعر الحارة والجياشة عن طريق اليد اليمنى إلى المضيف. 

فنون الضيافة 
وتؤكد المغني على أهمية الضيافة وعاداتها، وهنالك مثل شعبي يقول: «دخول البيت ليس من بابه وإنما من أحبابه»، ولا بد من استقبال الضيف بالابتسامة والوجه البشوش وكلمات الترحيب ليشعر بفرحتنا بقدومه وشوقنا لهذه الزيارة. 
ومن عادات الضيافة التي لا يخلو منها البيت الإماراتي، استقبال الضيف بالقهوة العربية، التي لها آدابها وأسلوبها الخاص في التقديم. وعندما يشرب الضيف القهوة ويتناول التمر، فهذا يعني أن المضيف قد قام بواجب الضيافة، والتي لا تكتمل في الإمارات من غير البخور وعبارات الترحيب بالضيف.
وبعض القبائل تبخِّر الضيف عند استقباله وبعضها عندما يُعرف أن الضيف سيبقى للغداء أو للعشاء، فيؤخر وقت البخور إلى ما بعد الانتهاء من تناول الطعام وقبل مغادرة الضيف المجلس، ويقال: «فلا بعد البخور قعود».