عبدالله أبوضيف (القاهرة)
عام 1223، قرر محيى الدين بن عربي أحد أشهر المتصوفين العرب الانتقال إلى دمشق وسط حي المدارس، الذي اشتهر في تلك الفترة كمدينة للعلم وأكبر تجمع أكاديمي، وفي عام 1518 أنشأ السلطان سليم الأول مسجداً فوق ضريح الإمام بن عربي، فيما أخذ الشارع اسمه بعدما أصبح مقامه نبراساً لكل محبيه.
يتميز مسجد محيى الدين بن عربي شيخ الصوفية الأشهر بالمزج بين الزخارف الأندلسية، والزخارف الإسلامية والعربية التي تشتهر بها العاصمة السورية دمشق. وشيدت مئذنته على الطراز المملوكي بالرغم من أنه بُني في عهد العثمانيين الذين كانوا حديثي العهد بالعمارة. وتسبب زلزال هائل في عام 1759، بهدم المئذنة، وأعيد بناؤها في وقت لاحق.
وحسب خبراء الآثار الإسلامية في دمشق، فإن المئذنة مغطاة بشمسية بارزة محلاة بزخارف عثمانية متأثرة بفن الباروك الأوروبي، ما يعبر بشكل كبير عن المزج بين الفن التركي والعربي.
ويظهر الفن المملوكي في العمارة بالمئذنة، وكذلك الطراز العثماني الذي يهتم بالزخرفة ويختلف عن القسم الأسفل، ما جعلها تبدو مميزة بهجينها الفني المتميز من أزمنة عدة.
ويحتوي الجامع على مجموعة أضرحة إلى جانب الضريح الكبير لمحيى الدين بن عربي، ويوجد بجانبه ضريح ابنيه سعد الدين وعماد الدين، إضافة إلى 3 أضرحة أخرى، أحدهما للأمير عبد القادر الجزائري، الذي نفته فرنسا إلى سوريا بعد الثورة، ثم نقلت رفاته إلى الجزائر بعد الاستقلال، وبقي الضريح الخشبي في موضعه. وهناك ضريح للشيخ محمد أمين الخربطلي ناظر الجامع الأسبق، وضريح لمحمود سرّي باشا صهر الخديوي إسماعيل حاكم مصر، كما أن راشد باشا والي سوريا العثماني مدفون في المكان نفسه.
وتوجد أمام المسجد «التكية السليمية» التي تم إنشاؤها منذ 5 قرون تقريباً، وما زالت تقدم الطعام مجاناً للمحتاجين والمحبين القاصدين ضريح محيى الدين بن عربي.