خولة علي (دبي) 

رغبة في حماية البيئة، وإنقاذ الثروة البحرية من الصيد الجائر، والتجاوزات التي أدت إلى نفوق أعداد كبيرة من الأسماك والأحياء البحرية، تم تأسيس فريق دبي للغوص التطوعي، على يد المهندس عبدالله محسن البلوشي، المتخصص في مجال هندسة المحركات وهياكل الطائرات، والحائز دبلوم علوم الأحياء البحرية. وهو مدرب غوص من منظمة ناوي الدولية، ليكون فريقه الدرع الحصين للبيئة البحرية، في مواقع شتّى من أعماق الحدود البحرية للدولة. ولم يتوقف الفريق عند عمق محدد، إذ إن رغبته في تنظيف البيئة وإنقاذ ما فيها من كائنات، جعلته في سباق لانتشال أطنان من النفايات والمخلفات من أعماق البحار، والتي تشكل خطراً على الأحياء فيها. 

هذا النوع من الرحلات ليس سهلاً على الفريق الذي يتألف من مجموعة من محترفي الغوص، وعلى رأسهم المهندس عبدالله محسن البلوشي، الذي دعا إلى تأسيس الفريق ليقوده في رحلات غوص في الأعماق لساعات طويلة، بالرغم من المخاطر والتحديات. إذ إن حب الوطن والرغبة في البذل والعطاء، يجعل الفريق يمضي قدماً في خوض رحلات تنظيف البيئة البحرية، وتوظيف مهاراته بما يخدم المجتمع. 
يعود تأسيس الفريق إلى عام 1995، ويضم 25 عضواً من جنسيات مقيمة في الدولة، جمعهم هدف واحد نبيل، وهو حماية البيئة من مخلفات تشكل خطراً ليس فقط على الكائنات البحرية، وإنما على الإنسان أيضاً. فالبحر مصدر للغذاء، وثروة قومية، لذا لا بد أن يعي الفرد مسؤوليته تجاه البيئة والحياة الفطرية البحرية. 

تنمية مستدامة
ويؤكد البلوشي، أن فريق دبي للغوص التطوعي يسعى إلى تنظيف البحار في الدولة، تماشياً مع توجيهات القيادة الرشيدة بالحفاظ على البيئة، والمشاركة الفعالة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي أطلقتها الأمم المتحدة، ولاسيما الهدف رقم 14، وهو الحياة تحت الماء، والمشاركة في مهام الإنقاذ البحري في حالات الحوادث البحرية بالتنسيق مع الجهات الرسمية. والعمل على توعية مرتادي البحار للحفاظ عليها، ونشر ثقافة العمل التطوعي البيئي في مجال الغوص في المجتمع. 

قاتل صامت 
ويلفت البلوشي إلى أن الضرر كبير في الأعماق، فمخلفات الصيد، ولاسيما الشباك، تبقى القاتل الصامت الذي يستنزف الحياة البحرية لسنوات عدة، ويهدد الأسماك والكائنات البحرية كافة. وللمخلفات تأثير سلبي على التنوع البيولوجي في الأعماق، ويتراوح وزن النفايات عن كل مهمة بحرية ما بين 50 و400 كيلوجرام في الرحلة الواحدة، وفقاً لحجم المخلفات ونوعها، سواء كانت بلاستيكية أو بطاريات أو سواها. وهناك مخلفات ثقيلة مثل القوارب الغارقة أو الأجسام التي تمثل عائقاً ملاحياً أو تشوه المشهد العام للسواحل والموانئ، حيث يتم التنسيق مع الجهات المعنية لانتشالها. 

تحديد المواقع 
عن عملية تحديد مواقع التنظيف، يشير البلوشي إلى أن الأمر يقوم به الفريق الذي يتمتع بخبرة طويلة في البحث ومعاينة لمواقع الصيد في البحر، والتي عادة ما تكثر فيها النفايات، وأيضاً من خلال مرتادي البحار الذين يتواصل معهم الفريق، من الصيادين والرياضيين والتجار والجهات المعنية بالبيئة البحرية. 
وتصل الفريق بلاغات عن مواقع الضرر، حيث يتم تتبعها عن طريق أجهزة الملاحة «جي بي إس» و«السونار»، للعمل على تنظيفها من المخلفات.

تحديات 
من المواقف الصعبة التي تعترض الفريق، صعوبة التعامل مع شباك الصيد في قاع البحر، حيث تحتوي على كائنات حية يجب الحفاظ على سلامتها وتحريرها. ولأن هذه الكائنات تكون عدوانية أحياناً، يجب أخذ الحيطة والحذر من قبل الغواصين.
كما يتطلع الفريق إلى وجود دعم بشكل أكبر في هذا المجال، لاسيما أن العمل في البحر مكلف نتيجة تعرض المعدات للاستهلاك والتلف، بحيث تحتاج إلى صيانة دورية، فضلاً عن تكاليف الوقود، والتجهيزات الضرورية.

رحلات
قد يقطع فريق دبي للغوص التطوعي، مسافات طويلة للوصول إلى مواقع الغوص والصيد في مختلف المواقع البحرية على الساحل الغربي لمياه دولة الإمارات. ومتوسط عدد ساعات الرحلة الواحدة قد يتراوح بين 7 و12 ساعة، لانتشال حطام سفن غارقة أو مواقع شعاب مرجانية، أو مجسمات أسمنتية أو حديدية صنعها الإنسان لتكون ملجأً للأسماك لتتكاثر للتمكن من صيدها، لاسيما في القيعان الرملية التي لا توجد فيها الأسماك بوفرة.