لكبيرة التونسي (أبوظبي)

تُعتبر طقوس «زهبة العروس» من العادات الجميلة والعريقة التي تعكس جود وكرم أهل الإمارات، وحرصهم على تقدير المرأة، ضمن تقاليد أصيلة اتسمت بالتضامن والتكافل. وقد ارتبطت بمناسبات الزواج وبالذاكرة الجمعية للسكان.

«الصحارة
سميحة الكعبي، خبيرة تراث تعيد إحياء جانب من حياة الأجداد، عبر حديثها عن «زهبة العروس»، هذا الطقس الرائع وما ارتبط بها من صور اجتماعية. فهو تقليد ينخرط فيه المقربون للعروس كأمها وعماتها وخالاتها وأم العريس وأهله، حيث تبدأ المراسم بعد عقد القران «الملجة» بالاتفاق على الذهاب للسوق لشراء «الزهبة» من أقمشة وعطور وذهب. وبعد العودة يتم إعداد الصناديق التي توضع فيها هذه الهدايا في ترتيب بهي، وقبل العرس بيوم أو يومين يأتي أهل العريس بالهدايا للعروس ويحضر الجيران والأصدقاء لمشاهدة «الزهبة» التي تفرش على «مطارح»، بينما يضم صندوق كبير يطلق عليه «الصحارة» هدايا خاصة بالأم، وتتضمن «الكنادير» والأقمشة القديمة والعطور والبخور، وسواها من هدايا كنوع من التقدير للأم التي سهرت على تربية العروس. وهذا موروث أصيل مازال مستمراً، كما تتضمن «الزهبة» أيضاً الحلي التي توضع في صندوق خاص تتكفل به سيدة لا تبارح مكانها، بينما تتكفل سيدة أخرى بعرض الهدايا على الحضور ضمن أجواء تملؤها البهجة والسعادة. 

احتفالية «المكسار»
وتضيف الكعبي: وسط أجواء احتفالية مبهجة، يضم «بيت العروس» عدداً من احتياجات العروس التي تتكون من الأقمشة القديمة، مثل «صالحني»، «بوتيلة»، «دمعة فريد»، «بوقليم»، و«صفوة»، وسواها الكثير من الأقمشة التي يتم تصميمها وخياطتها من طرف نساء «الفريج». وكانت الأعراس تقام لأيام عدة، والجميع ينخرطون فيها ويتعاونون، سواء في خياطة الملابس، أو طهي طعام العُرس، أو سواها من التفاصيل المرتبطة بتجهيز الفرح، حيث أشارت الكعبي إلى أن السمة الغالبة التي ميزت العرس في السابق هي التعاون والتضامن، وتعرض على الناس لاحقاً في احتفالية خاصة تسمى «المكسار». وتضم الملابس الخاصة بالعروس ومختلف أنواع العطور، والمستلزمات الأخرى المتعلقة بزينة الفتاة، مثل المبخرة وسواها. ويُعد الذهب من أهم محتويات هذه الهدايا، ولا تخلو حاجيات العروس من العطور وأهمها دهن العود، دهن الزعفران، دهن العنبر والورد والصندل والفل والنرجس، إضافة إلى المخمرية والدخون والبخور. 

ذهب ومصوغات
وتقول الكعبي: يُعتبر شراء الذهب والمصوغات من أساسيات الزواج الإماراتي، قديماً وحديثاً، إذ لا يزال يحتل مكانة اجتماعية كبيرة، حيث تضم «الزهبة» أشكالاً تقليدية عديدة، مثل «المرتعشة»، وهي قلادة عريضة تحوط بالرقبة، وتتدلى منها سلاسل ذهبية مكونة من أشكال هندسية متناسقة، تُحدث بريقاً جميلاً أثناء ارتعاشها عند الحركة. أما «الحيول» فهو المسمى الإماراتي للأساور، مفردها «حِيِل» أي سوار، وتتوافر منه أنواع عديدة، إضافة إلى «الكف»، وهو تصميم ذهبي جميل يجمع بين الأساور والخواتم والسلاسل. وتعد «الطاسة» أيضاً من الحلي الجميلة والمتميزة للعروس الإماراتية، وهي عبارة عن غطاء للرأس، إما دائري أو مستطيل، حيث يغطي فروة الرأس بأكملها، وتتدلى منه سلاسل طويلة ذات نقوش وتصاميم مختلفة، ترتديها العروس ليلة الزفاف إلى جانب المرية والحزام وسواها.

«المندوس» 
تقول سميحة الكعبي، إنه وإلى جانب الذهب الذي يعبر عن المكانة الاجتماعية للزوج، كانت «الزهبة» تشتمل أيضاً على مجموعة من الأقمشة والأثواب والعطور والعود والبخور، وعباءات «بو قيطان» والشيلة المنقدة، مشيرة إلى أن هذه الأغراض كانت توضع في صندوق خشبي يطلق عليه «المندوس»، وهو يضم احتياجات العروس، منها ملابس الخروج والبيت، والعطورات والبخور. وكان «بيت الزهبة» يضم أنواعاً كثيرة من الأقمشة التي توزع على الحضور كنوع من المحبة، مؤكدة أن هذه العادات المتوارثة ما زالت مستمرة إلى اليوم، وهي في تطور مستمر.