ساسي جبيل (تونس)
رغم أن منطقة «الثالجة» تقع ضمن مناخ صحراوي تشتد فيه الحرارة صيفاً، بمنطقة المتلوي التابعة إدارياً لمحافظة قفصة التونسية بالجنوب الغربي، إلا أنها تتميز بطقس بارد يوحي لزائرها وكأنه في منطقة أوروبية كثيرة الثلوج، ما جعل القدامى يسمونها «الثالجة».
هذه المنطقة التي لا تبعد عن مدينة المتلوي أكثر من 7 كيلومترات، تعانق الجمال بكل أشكاله، حيث الواحات وزراعات الفستق والزيتون والنخيل، والبحيرات الصغيرة التي تظللها المرتفعات الشاهقات وتحميها من كل الجهات، لتثير دهشة زائريها من السياح الذين يستمتعون بسحرها ودررها التي تلامس الأودية المرتسمة في شكل جميل يداعب قمم الجبال المطلة على المحيط الرحب والمدن المجاورة، لذا وضعتها وزارة السياحة ضمن دليلها المخصص لمعابر الزيارات للجنوب التونسي عامة والغربي منه بالخصوص.
كما خصصت الوزارة عبر إحدى الوكالات التابعة لها، قطاراً يعود إلى الفترة الاستعمارية الفرنسية، حتى يتمتع الزائر بجمال «الثالجة» من خلال نفق كبير تمر عبره السكك الحديدية، وتمر بمناطق منجمية مجاورة مثل الرديف وأم العرائس.
«قطار الباي»
«الجرذون الأحمر»، أو «قطار الباي» كما يسميه بعضهم، كان يتكون من قاعات أفراح داخل عرباته، تجمع المطربين والموسيقيين وسط أجواء راقصة وغنائية تمتع الزوار خلال الرحلة.
ويذكر أن «الثالجة» كانت منطقة مغلقة، حيث تحيط بها الجبال من كل الجهات، وتقتصر على بدو المنطقة الساكنين بالقرب منها، والذين كانوا يستغلون البحيرات والأودية والمناخ الطبيعي الملائم، لزراعة النخيل وشجر الزيتون بالقرب منها، قبل فتح النفق الكبير وتأسيس شركة الفوسفات عام 1897، وذلك إثر اكتشاف هذه المادة المنجمية في عام 1885 عن طريق الفرنسي «فليب تونس» بأحد الأودية القريبة من سفح جبال «الثالجة».
وبعد الاستقلال في 20 مارس عام 1956، اقتصر النشاط الاقتصادي على استغلال مادة الفوسفات بعد أن أصبحت تدر على البلاد الكثير من العملة الصعبة، مع القليل من الاهتمام بالزراعة وأيضاً السياحة في هذه المنطقة المميزة على كل المستويات المناخية والجمالية بعد أن رسمت الطبيعة فيها أجمل اللوحات الساحرة، لتكون قطباً سياحياً شاملاً يجمع السياحة المنجمية والجبلية، وكل ما يتعلق بالواحات والصحراء.
مستقبل سياحي
قال الباحث والخبير السياحي محمد الجريدي: «تعتبر «الثالجة» من أروع المناطق السياحية في العالم، حيث تعانق الجبال الشامخة الأودية الرائعة والبحيرات الساحرة المحاطة بخضرة الزراعات»، مضيفاً أن الاستمتاع بجمال هذه المنطقة له رونق خاص قلّ وجوده في مناطق أخرى على مستوى المعمورة.
أما الشاب فيصل القاسمي، وهو من المنطقة المحاذية لـ «الثالجة»، تسمى «ريشة النعام»، فأكد أن مستقبل السياحة في تونس سيكون في الثالجة التي تتوافر فيها كل مقومات السياحة بعد تجاهلها لعقود طويلة، لمل تتمتع به من تنوع طبيعي يجذب السياح، ويوفر لهم رحلات استثنائية لا تنسى.