واشنطن  (الاتحاد)

تواجه وسائل الإعلام الأميركية تحدياً جديداً ربما يحدد ملامح المستقبل بالنسبة للكثير من المنصات. 
فعلى الرغم من الحرية الكبيرة التي تحظى بها وسائل الإعلام الأميركية، ناهيك عن الموارد الضخمة والكفاءة العالية في التغطية الإخبارية السريعة والمتنوعة، كشفت دراسة جديدة لقياس ثقة الجمهور في الأخبار، أن عدداً قياسياً من الأميركيين ينظرون للميديا بعين الشك والريبة. 
ومع أنها مفارقة غريبة لكنها تكشف عن الكيفية التي تتطور بها العلاقة بين الجمهور والإعلام في العصر الحديث. فمع الإلحاح على «الحقائق البديلة» وتصاعد حدة الاستقطاب السياسي وهيمنة منصات السوشيال ميديا على شريحة كبيرة من الجمهور معظم الوقت، وتفشي نظريات المؤامرة، والأخبار المزيفة، سواء تعلق الأمر بكورونا أو الزلازل أو الكائنات الفضائية المجهولة، لابد وأن تهتز ثقة الكثيرين أو على الأقل تساورهم الشكوك بشأن مصداقية الأخبار.
وجدت الدراسة، المعروفة باسم «وجهات نظر الأميركيين» التي أصدرتها مؤسسة «نايت» غير الربحية وشركة استطلاعات الرأي «غالوب»، أن 26% فقط من الأميركيين لديهم رأي إيجابي عن وسائل الإعلام الإخبارية، فيما يعد أدنى مستوى منذ أن بدء عمليات الرصد في 2017.  
ووفقاً للتقرير، فإن أكثر من نصف (53%) الأميركيين البالغين البالغ عددهم 5.600 الذين شملهم الاستطلاع، ينظرون إلى وسائل الإعلام بشكل سلبي، بحسب موقع «برس جازيت». وعلى الرغم من انخفاض هذه النسبة عن المستويات القياسية لعام 2020، فإن هذا يعني أن عدد الأميركيين الذين لديهم رأي غير موات لوسائل الإعلام الإخبارية  أكثر من ضعف أولئك الذين ينظرون إليها بشكل إيجابي.
المدهش أنه ظهر أن كثيرين من الأميركيين صاروا يعتقدون أن المؤسسات الإخبارية تضلل الجمهور عمداً، مما يؤدي إلى نقص «الثقة العاطفية» في الأخبار، على الرغم من الاعتقاد بأن المؤسسات الإخبارية لديها القدرة على أداء عملها بدقة ونزاهة.
ووفقاً للتقرير، ترتبط الثقة الأعلى في الأخبار بمزيد من  الاستعداد لدفع ثمن الأخبار، والمزيد من الثقة في الديمقراطية، والشعور بمزيد من القدرة على التنقل في البيئة الإعلامية الحالية. وقال نحو 84% من الأميركيين الذين لديهم ثقة عاطفية عالية في المؤسسات الإخبارية الوطنية إنه على الرغم من أنهم يعتقدون أن الأخبار ليست خالية تماما من التحيز، إلا أنهم شعروا بالقدرة على فرز الحقائق. 
«تقدم هذه البيانات دليلاً إضافياً على أن الصحافة المستدامة تبدأ وتنتهي بالثقة»، حسبما قال ألبرتو إيبارغوين رئيس مؤسسة نايت. وأضاف «نعتقد أن المواطنين الذين يثقون في الأخبار هم أكثر اطلاعاً وأكثر انخراطاً وأفضل استعداداً للمشاركة بشكل هادف في ديمقراطيتنا».
وجد الاستطلاع أيضاً اختلافات كبيرة في مستويات الثقة بين الأخبار الوطنية والمحلية. أكثر من ضعف عدد الأميركيين (44%) لديهم ثقة أعلى في الأخبار المحلية مقارنة بالأخبار الوطنية (21%).
ويعتقد غالبية الناس أن الصحفيين في المؤسسات الإخبارية التي تغطي عموم البلاد يتمتعون بالكفاءة، لكنهم أعربوا عن قلقهم بشأن نوايا المراسلين . وقال 50% إن معظم المؤسسات الإخبارية عبر الولايات المتحدة تميل إلى تضليل الجمهور.
وكانت الثقة في المؤسسات الإخبارية المحلية أعلى. قال 53% أن معظم المؤسسات الإخبارية المحلية تهتم بتأثير تقاريرها على مجتمعها. وقال أقل بقليل من نصف الأشخاص (47%) أن معظم المؤسسات الإخبارية المحلية تهتم بمصالح جمهورها، مع نسبة مماثلة (44%) قالت أن المؤسسات الإخبارية المحلية لا تهدف إلى تضليل الجمهور. ويشمل انخفاض الثقة الجميع، سواء من الديمقراطيين أو الجمهوريين بل وكذلك غير المنتمين سياسياً.