خولة علي (دبي) 

منطقة وادي الطيبة الواقعة بين مسافي ودبا الفجيرة، من المناطق الجبلية التي تشهد إقبالاً واسعاً من الزوار والسياح ومحبي مغامرات المسير الجبلي، والراغبين في التعرف على تراث المناطق الواقعة وسط الجبال. سكان المنطقة حولوها إلى حديقة غناء بمزاولتهم الزراعة بفضل خصوبة تربتها وكثرة المياه فيها، لاسيما في موسم هطول الأمطار.

تنتشر في وادي الطيبة العديد من المواقع الأثرية الشاهدة على تاريخ المنطقة وعراقتها، ويحرص أهلها على خيراتها، وتجمعهم العلاقات الاجتماعية والإنسانية الدافئة، إذ يشتهرون بكرم الضيافة، حيث يشعر الزائر أنه في أرضه. 
وترسم الطبيعة الجبلية في الموقع مناظر ساحرة في تمازج بديع بين رقة الخضرة ونعومتها، وصلادة الجبال وشموخها، لتروي حكايات عن أهل وادي الطيبة الذين استطاعوا أن يتخذوا من الجبال بعد تطويعها، مساكن لهم، ويشيدوا مزارعهم المزدهرة بالثمار. وكل ذلك في مشهد يحافظ على نضارته على الرغم من زحف التطور العمراني الذي لم يؤخر السكان عن تشبثهم بتراثهم الذي يجذب الزوار ويقصدونه من مختلف إمارات الدولة للاطلاع عليه. 

أقدم المناطق
يشير أحمد علي العبدولي من أهالي منطقة وادي الطيبة، إلى أن المنطقة تعتبر من أقدم مواقع الوديان التي تعاقب عليها السكان منذ مئات السنين. وتشتهر بكثرة المياه، ما كان له الأثر الكبير في انتشار الغطاء النباتي واهتمام أهل المنطقة بزراعة أشجار النخيل وبساتين الفواكه، من الحمضيات والمانجو والحبوب وسواها. وهي المهنة التي مارسها السكان قديماً إلى جانب جني العسل، حيث اشتهرت المنطقة بكثرة المناحل وجودة إنتاجها، وقد حباها الله بطبيعة خلابة وأجواء معتدلة طوال السنة. ومن البيئة الجبلية التي يتمتع بها وادي الطيبة، شيد السكان بيوتهم التي تسمى «القفل»، لتقيهم برد الشتاء وقوة الأمطار، فيما وزِّعت مساكن العريش في الصيف طلباً للنسيم العليل ليهب قادماً من سفوح الجبال.

وجهة سياحية 
ويذكر العبدولي أن المنطقة شقّ فيها أول طريق يربطها بمسافي في ستينيات القرن الماضي، نظراً لأهميتها الجغرافية. وأهميتها استمرت على مر العصور، حتى مع شح المياه لاحقاً، لاسيما أنها تعتبر متنزهاً سياحياً لاحتوائها على أقدم دكان في المنطقة، وهو دكان داوود التراثي الذي كان يغذي المنطقة بالمواد. كما تضم متحف الطيبة التراثي الذي يحتوي على مقتنيات تراثية قديمة، من أسلحة وفخاريات وآلات موسيقية وأزياء تراثية تعود للأهالي، إلى جانب احتواء المنطقة على طوي ساتر اشتهر قديماً بوفرة مياهه وتغذيته لمزارع النخيل.

مسارات
شهدت المنطقة تشييد مسارات جبلية تقود الزوار إلى قمم جبال وادي الطيبة التي تعتبر جزءاً من جبل الحجر، لتكون متنزهاً برياً وسياحياً مهماً بين العديد من مناطق الوديان التي تشتهر بها الفجيرة، والتي شكلت واجهات للباحثين عن تراث المنطقة، والراغبين في التعرف على قيم وثقافة أهلها.