لكبيرة التونسي (أبوظبي)
الأقمشة التراثية القديمة التي تشكل جزءاً من الذاكرة الشعبية لأهل المنطقة وتعكس أناقة المرأة الإماراتية، تمثل تجربة جديدة في مهرجان التراث البحري 2023، عبر برنامج يدعو الزوار لاستكشاف ذوق المرأة قديماً وكيف أوجدت لنفسها خطوط إبداع تواكب الموضة وتصنع الحدث في الأعياد والمناسبات السعيدة وحفلات الزواج كما في الحياة اليومية، منذ كانت تخيط بيديها حتى جاءت آلة الخياطة «الكرخانة»، ودخل التطريز وتقلص وقت الخياطة. وعبر مساحة كبيرة خصص المهرجان قسماً لبرنامج خياطة الملابس التقليدية وتطريزها، يتيح للزوار شراء القماش وتفصيله وخياطته في عين المكان، لعيش تجربة الماضي وكيف كان الأجداد.
إحياء الموروث
أكدت مريم الجنيبي اختصاصي أول تطوير برامج دائرة الثقافة والسياحة أن برنامج خياطة الملابس التقليدية وتطريزها، يُعتبر تجربة جديدة ورائعة، وذلك في إطار البحث والتوثيق لمختلف جوانب الحياة القديمة المرتبطة بالمرأة وإظهار الحرف التي كان يمارسها الأجداد في إطارها الاجتماعي وضمن العادات والتقاليد، حيث يُظهر البرنامج مدى تطور حرفة الخياطة، حيث كان النساء يتعاون فيما بينهن لخياطة ملابس أسرهن. ومع دخول «الماكينة»، تحققت نقلة نوعية في هذا المجال وزادت من إبداع النساء، حيث دخل التطريز واختصر وقت الخياطة، وبات هناك مجال للإبداع والتصميم. ومع التطور أصبحت الماكينة تعمل بالكهرباء، وانتشرت محال الخياطة، ولكن ظلت المرأة هي الموجهة والمشاركة في التصميم وطرق الخياطة. وعلى الرغم من التطور الحاصل، فإن المرأة ظلت وفية لهذه الحرفة وتمارسها إلى اليوم وتواكب خطوط الموضة العالمية، مؤكدة أن دور المهرجان إحياء هذا الموروث وتعزيزه في نفوس الأجيال.
ذوق رفيع
يزهو المكان المخصص لهذا النشاط بالعديد من الأقمشة التراثية القديمة التي كانت ترتديها المرأة في المناسبات السعيدة، ويتألف معظمها من الحرير والقطن الخالص، حيث كانت تصمم بطريقة إبداعية وتضفي عليها المرأة الإماراتية ذوقها مواكبة لموضة ذلك الوقت، عبر تزيينها بالتلي. وأشارت الجنيبي إلى أن زي المناسبات كان يتألف من قطعتين: الثوب والكندورة، مطرزان بالخيوط الفضية والذهبية والحريرية والقطنية وبألوان مختلفة ومتناسقة، فيما «التلي» نسيج شريطي تصنعه النساء على الكاجوجة بألوان مختلفة، ويزين بها الثوب والكندورة، فيما العباءة «السويعية» توضع على الرأس و«الشيلة المنقدة». وتوضح أنه على الرغم من قلة الإمكانيات ذلك الوقت، إلا أن المرأة حافظت على أناقتها وخاطت أجمل الأقمشة لها ولبناتها، لافتة إلى أن المهرجان يعرض أشهر الملابس والأكسسوارات القديمة الحاضرة حتى اليوم، لتعريف الجمهور بالموروث.
أسماء ودلالات
بالحديث عن هذه التجربة قالت الخياطة مريم الظاهري: إن الزوار بإمكانهم شراء القماش ويخيطونه بعد تفصيله واختيار نوع التصميم، أو تقديم طلبات للخياطة، وغالباً ما يتم اختيار الأقمشة التراثية والخياطة القديمة التي تناسب رمضان وحق الليلة. وذكرت أن الخياطة القديمة كانت تتم يدوياً، وقد تطورت بمجيء الماكينة، موضحة أن امتلاكها لـ«الكرخانة» كأول ماكينة كان له وقع كبير على نفسها وحياتها. وأوضحت أنها تتوافر على العديد من الأقمشة القديمة، ومنها «بو طيرة»، «ميزع»، «مخروز»، «بريسم»، «بونيرة»، «التور»، «التور بودقة»، و«دمعة فريد» و«بو قفص»، مشيرة إلى أن ملابس المرأة قديماً كانت تتكون من الشيلة، الكندورة، الثوب، السروال، العباءة والبرقع.
من أنواع الخياطة
وضمن ركن الملابس الجاهزة في المهرجان، توضع لوحات تعريفية بأنواع الخياطات وبعض الملابس التقليدية منها: «دق التولة بالزري»، وهي عبارة عن خيوط صفراء أو فضية لامعة تطرز بها الملابس، «دق الخوص»، كانت تستورد في الماضي من الهند وأوروبا، و«المفحح»، ثوب يشبه الميزع يصنع من قماش خفيف ويتميز بكثافة التطريز وبأكمامه الواسعة الطويلة. ويُعتبر «المفحح» قطعة فنية، وترتديه المرأة الإماراتية في المناسبات الشعبية مثل ليلة الحناء وليالي رمضان وفي الأعياد الوطنية والأفراح. ويتألف «البرقع» من الأكسسوارات التقليدية الأساسية للمرأة الإماراتية التي تعكس احتشامها، وغالباً ما يُصنع من أجود أنواع الأقمشة لستر الوجه وحمايته، وتوارثت الأجيال حرفة صناعته المعروفة بقرض البراقع كمصدر للرزق وحرفة إماراتية حافظت عليها جيلاً بعد جيل، أما «الشيلة المنقدة» فهي مشغولة يدوياً وترتديها النساء في الأعياد والمناسبات السعيدة مصنوعة من قماش التول المطرز بأسلاك أو نقاط خوص فضية لامعة. وكذلك «عباة الحرير»، جزء أساسي من مكملات زي المرأة الإماراتية اليومي وتعبر عن احتشامها عند الخروج من المنزل، فيما «عباءة التور» تُصنع من قماش التور الذي يتميز بثقوب صغيرة، وترتديها المرأة الإماراتية في الزيارات والمناسبات والأفراح. و«الكندورة» رداء طويل فضفاض بفتحة عند العنق وأكمام طويلة يشبه القميص من الأعلى، و«القون» اسم شائع في الإمارات لفستان مطرز ومخصر بأكمام طويلة ويتم ارتداؤه في مناسبات عدة.