شعبان بلال (القاهرة)

«سعدانة»، جزيرة مصرية على ساحل البحر الأحمر، شهدت غرق سفينة تجارية في القرن الثامن عشر، كانت جزءاً من أسطول نقل، غرقت أثناء رحلتها في طريقها إلى السويس، ومنذ ذلك الحين ولقرون عدة، وهي قابعة في أعماق البحر، وتحمل اسم الجزيرة نفسه.
تم اكتشاف آثار السفينة الغارقة بجزيرة سعدانة عن طريق الصدفة أثناء ممارسة بعض الرياضيين هواية الغطس في أعماق البحر الأحمر، وتم إبلاغ السلطات لتبدأ بعثة معهد الآثار البحرية بجزيرة سعدانة العام 1994 رحلة البحث عن موقع حطام السفينة التجارية.

وحسب دراسة لمشروع حفائر حطام سفينة جزيرة سعدانة لمركز الآثار البحرية بجامعة الإسكندرية، فإن السفن العربية والهندية وغيرها عملت خلال الرياح الموسمية وحملت منتجات الشرق مثل التوابل والمنسوجات، والكماليات مثل الخزف إلى موانئ البحر الأحمر، وبمجرد وصول الشحنة إلى السويس، يتم نقلها براً، حيث يتم استهلاك جزء منها محلياً ويتم نقل الباقي إلى الإسكندرية، ومن هناك تقوم السفن العثمانية والأوروبية بنقلها عبر البحر الأبيض المتوسط.

وأوضح رئيس الإدارة المركزية للآثار الغارقة إسلام سليم أن حطام سفينة جزيرة سعدانة يقع على بعد 3.5 كم جنوب الغردقة على ساحل البحر الأحمر، ويستقر عند سفح الشعاب المرجانية على عمق يتراوح بين 27 و45 متراً، وبين عامي 1995 و1998 تمت أعمال الحفائر على جزء من حطام السفينة من قبل المعهد الأميركي للآثار البحرية، بالتعاون مع الإدارة المركزية للآثار الغارقة، وتم التوصل إلى أن السفينة كانت بطول 50 متراً وعرض 18  متراً، وقادرة على حمل 900 طن. 
وأوضح لـ «الاتحاد» أن الحفائر أسفرت عن اكتشاف مجموعة من الخزف الصيني التي تم تصنيعها لسوق الشرق الأوسط، وكميات كبيرة من الأواني الخزفية، ومجموعة من البقايا العضوية مثل القهوة والفلفل والكزبرة واللبان، مؤكدا أنه يوجد الآن أكثر من 3000 قطعة فنية محفوظة في معامل ترميم الإدارة المركزية للآثار الغارقة بالإسكندرية.

وكانت السفينة تحمل كمية كبيرة ومتنوعة من البضائع، من أهمها مئات الأواني من البورسلين المصنّع في الصين، وآلاف قوارير المياه الفخارية المزخرفة، وعشرات الزجاجات، كانت في طريقها للتصدير إلى أنحاء الإمبراطورية العثمانية. 
وكشفت الحفائر عن وجود أكثر من 40 جرة تخزين و800 جرة ماء بأكثر من 30 تصميماً مختلفاً يجمعها نسيج متشابه، وألف نموذج كامل وفريد من الخزف الصيني المعد للتصدير كالأطباق الصغيرة والكبيرة الملونة وأكواب وزجاجات بألوان بنية يعود تاريخها إلى القرن السابع عشر، و70 قطعة فنية نحاسية يحمل بعضها نقشاً باللغة العربية.

في تسعينيات القرن الماضي، انتشلت البعثة العديد من المشغولات الخزفية، والنحاسية، والزجاجية، وآلاف الأواني الفخارية، والبورسلين الصيني الفاخر، إلا أنه لم يتم التنقيب الكامل عن حطامها، حيث تُركت مئات القطع تحت الماء، مما جعلها عرضة للنهب. 
وأضاف الخبير الأثري أن السفينة فارغة حالياً، ولا يزال جسمها وجزء من حمولتها تحت الماء، وفي العام 2017 أعاد مركز الإسكندرية للآثار البحرية والتراث الغارق، زيارة موقع الحطام من أجل تقييم ظروفه، ووضع خطة لإدارة الموقع.