أحمد مراد (القاهرة)
بين الحين والآخر، وتحديداً خلال الفترة بين شهري ديسمبر ومارس من كل عام، تتأثر العديد من دول ومناطق العالم بالمرتفع الجوي السيبيري، فتنخفض فيها درجات الحرارة بشدة، ويسودها موجات طقس شديدة البرودة، وقد تصل المدة الزمنية إلى 7 أيام متتالية.. فما هو المرتفع الجوي السيبيري؟، وكيف يتشكل؟، وماذا عن تأثيراته على الطقس؟
شتاء بارد جداً
المرتفع الجوي السيبيري عبارة عن كتلة ضخمة من الهواء البارد تتمركز عند خط عرض 45 درجة شمالاً، وتحديداً فوق منطقة سيبيريا، الواقعة شمال آسيا وروسيا، وتتكون بسبب التبريد السطحي الشديد فوق المناطق القارية البعيدة عن التأثيرات البحرية. ويمثل المرتفع السيبيري أكبر منظومة للضغط العالي تؤثر على شتاء النصف الشمالي من الكرة الأرضية، ويتسبب في موجات طقس قاسية من الصقيع والجفاف، وانخفاض في درجات الحرارة إلى أدنى حد.
ويحدث المرتفع الجوي السيبيري نتيجة ضغط الهواء البارد المرتفع، ويسود ضغط مرتفع في المناطق التي يؤثر عليها، وتنخفض فيها درجات الحرارة بشكل كبير، وتعتبر البرودة الشديدة والجفاف من أهم سماته.
وهناك عدة عوامل تؤدي إلى تشكل المرتفع الجوي السيبيري، ومنها التبريد الإشعاعي لسطح الكرة الأرضية، وجفاف الهواء فوق المناطق القارية التي لا تخضع للتأثيرات البحرية، بالإضافة إلى ارتفاع رطوبة الهواء في المناطق القارية وبعدها عن التأثيرات البحرية، وانخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر لفترات طويلة، وارتفاع الضغط الجوي السطحي في هذه المراكز، مع العلم أن درجة الحرارة في منطقة سيبيريا تصل إلى 50 درجة تحت الصفر.
5 أنواع من الرياح
يرافق المرتفع الجوي السيبيري عدة أنواع مختلفة من الرياح، أبرزها الرياح الساكنة التي ليس لديها اتجاه أفقي واضح، وسرعتها تتراوح بين 0 – 0.2 م/ ث، والرياح الشمالية التي تهب من الشمال باتجاه الجنوب خاصة في المناطق الواقعة شرق المرتفع السيبيري، وهي شرق روسيا واليابان وكوريا وشرق الصين، والرياح الشرقية التي تُعد أكثر أنواع الرياح تكراراً ومرافقة للمرتفع السيبيري على مناطق الشرق الأوسط، ويمكن اعتبارها الرياح السائدة المرافقة له.
وأيضاً الرياح الجنوبية التي تهب على شرق أوروبا أثناء امتدد المرتفع باتجاه غرب روسيا، والرياح الغربية التي تهب على شمال روسيا والمحيط المتجمد الشمالي إذا كان مركز المرتفع في وسط القارة الآسيوية، وعادة ما تكون هذه الرياح أدفأ من المعتاد وأكثر رطوبة كونها قادمة من مناطق رطبة كالمحيط الأطلسي وبحار شمال أوروبا.
1000 مليبار
يُعد المرتفع الجوي السيبيري من أهم مصادر الكتل الهوائية القارية الباردة، وبالأخص الكتل الهوائية القطبية القارية التي تندفع نحو المناطق التي تقع عند خطوط العرض الدنيا، وتُرصد تكراراته في جميع فصول السنة ما عدا فصل الصيف، توافقاً مع الانتقال الظاهري لحركة الشمس والجنوب لينتقل شمالاً فاسحاً المجال أمام المنظومة الموسمية المتشكلة فوق الهند.
ويظهر المرتفع الجوي السيبيري عند المستوى 1000 مليبار، وقد يتواجد بشكل أقل عند المستوى 850 مليبار، ويختفي تماماً عند المستويين 700 و500 مليبار، لأنه عند هذا الارتفاع تكون الكتلة الهوائية باردة وثقيلة، وبالتالي لا تصل إلى طبقات الجو العليا إلا نادراً.
ويؤدي انخفاض درجة حرارة اليابسة شتاءً إلى زيادة قوة المرتفع السيبيري، وامتداده جنوباً ليغطي منطقة جنوبي غربي آسيا، مكوناً نظاماً من الضغط المرتفع الممتد من هضبة أرمينيا والأناضول وشمالي العراق.
4 أشهر
يتكرر المرتفع الجوي السيبيري خلال الفترة بين شهري ديسمبر ومارس من كل عام، ويمثل شهر سبتمبر بداية نشوء المرتفع السيبيري تزامناً مع تعامد الشمس الظاهري على خط الاستواء، وبدء ابتعادها نحو الجنوب.
وكلما ابتعدت الشمس باتجاه الجنوب ازدادت تكرارات المرتفع الجوي السيبيري ومدد بقائه، وبالتالي فهو يشتد ويتوسع في الشتاء، ويمثل شهر مارس النهاية الفعلية لتأثيراته، وانتقال تأثيراته شمالاً، حتى تنعدم تكراراته خلال أشهر فصل الصيف.
الدول المتأثرة
تتأثر العديد من مناطق ودول العالم بالمرتفع الجوي السيبيري الذي يُعد المسؤول الأول عن موجات البرد الشديد والجاف في مناطق واسعة من قارتي أوروبا وآسيا، وقد يعبر تأثيره المحيط المتجمد الشمالي ليؤثر على كندا والولايات المتحدة الأميركية، ومن الدول التي تتأثر به روسيا، واليابان، كوريا الشمالية، وكوريا الجنوبية، والصين، ومنغوليا.
وقد يتوغل ذراع من المرتفع الجوي السيبيري نحو الجنوب ليغطي شمالي شبه الجزيرة العربية، فيشكل مرتفعاً حاجزياً يحول من دون توغل المنخفضات الجوية المتوسطية المتحركة شرقاً، وتتأثر به دول السعودية، واليمن، وسلطنة عمان، والإمارات، والكويت، والبحرين، والعراق. كما تتأثر به دول شمال إفريقيا مثل مصر، وليبيا، وتونس، والجزائر، والمغرب.
7 أيام
تختلف درجة حرارة المرتفع الجوي السيبيري باختلاف المناطق المتأثرة به، حيث تصل درجة حرارة المرتفع في المناطق المتأثرة به مباشرة إلى 40 أو 50 درجة مئوية تحت الصفر. وتتراوح درجات حرارة المرتفع السيبيري في المناطق العربية المتأثرة به من 4 إلى 6 درجات تحت الصفر كأعلى حد، وقد تستمر المدة التي ينشط فيها المرتفع السيبيري إلي 7 أيام متواصلة.