تامر عبد الحميد (أبوظبي)

اتفق مخرجون وصناع «الفن السابع»، من الإمارات والسعودية وسلطنة عمان، على أن السينما الخليجية تسير بخطى ثابتة وتشهد تطوراً ملحوظاً من حيث المضمون والتنفيذ والتنوع القصصي، وتحدثوا عما ينقص السينما الخليجية للوصول إلى شرائح مختلفة من المجتمع، وتحقيق الانتشار الأكبر، من خلال عملية الدعم المؤسسي من قبل الجهات المتخصصة بالفن والتسويق والتوزيع الجيد، وكذلك اكتشاف مواهب واعدة في عالم الكتابة، لاسيما أن هنالك أزمة كتّاب بعالم السينما في دول الخليج.
«الاتحاد» التقت عدداً من المخرجين السينمائيين، خلال وجودهم في فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان «العين السينمائي الدولي» الذي يُقام في مدينة العين، وتختتم فعالياته يوم غدٍ السبت، وفتحوا ملفاً عن تقييم واقع السينما وأهمية دعم سينما الشباب، والأزمات والتحديات التي تواجه صناع السينما في منطقة الخليج.

حراك كبير
أكد المخرج السعودي عبدالله المحيسن، أن هنالك حراكاً سينمائياً كبيراً في المنطقة، وذلك بجهود صناع السينما المخضرمين والشباب الواعدين، الذين يحرصون على الحضور الدائم للفيلم الخليجي، لكن بشكل عام تعاني السينما في الخليج من عدم وجود صناعة ومهن فنية متكاملة، إلى جانب غياب الاستراتيجية الواضحة في تنفيذ الأعمال السينمائية والجهات الداعمة لها، خصوصاً أن بعض الأفلام التي يتم تنفيذها يلجأ صناعها إلى توفير عناصر مساهمة من الأقارب والأصدقاء الذين يقدمون على العمل في هذا المجال كهواية وليس كمحترفين.

وقال: لتحقيق التقدم في السينما الخليجية، لا بد من أن تحولها إلى صناعة، ولن يتم هذا الأمر إلا بوضع أسس واستراتيجية واضحة من قبل الجهات المتخصصة بالفن، لدعم هذه الصناعة وخصوصاً الصناع الشباب، الذي يجتهدون، منوهاً بأن دول الخليج لديها من الإمكانات والمواهب الإبداعية الواعدة، ما يؤهلها إلى تحقيق قفزات في عالم السينما، لكنها مع الأسف تعاني ضعف التمويل وقلة العناصر اللازمة لهذه الصناعة.

دعم الأفلام
وذكر المحيسن، أن هنالك شركات إنتاج وتوزيع، تؤدي الدور المطلوب منها، كما أن الحضور القوي للمهرجانات السينمائية يسهم في دعم الأفلام وإظهار المواهب، لكن عندما نتحدث عن صناعة، لا بد من وجود التمويل الكافي لدفع ماكينة الإنتاج. وقال: بدأت بعض الدول مثل الإمارات والسعودية في تأسيس جهات فنية واستديوهات لدعم الفيلم المحلي، مثل تقديم منطقة العلا في السعودية دعماً إنتاجياً بقيمة 40% من ميزانية العمل لأي فيلم يتم تصويره فيها مع الاستعانة بكوادر سعودية، وذلك بعد اعتماد الفكرة والميزانية، ومثل هذه التجارب الداعمة لصناع المحتوى، تكون لها نتائج مبهرة في المستقبل.

من جهته، أكد المخرج والمنتج الإماراتي عامر سالمين المري، أن الحراك الذي تشهده الساحة السينمائية في دول الخليج في الفترة الحالية يسهم بقوة في تشجيع تجارب صناع الأفلام المحليين، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن وجود هذه الصناعة يرتبط بوجود مؤسسات متخصصة تنظم العمل في هذا القطاع، إلى جانب رؤية استراتيجية شاملة لعمل هذه المؤسسات. وتطرق إلى موضوعات عدة، منها عدم وضوح مفهوم أفلام العرض التجاري، ما أدى إلى تقديم أعمال ضعيفة تحت مفهوم «الفيلم التجاري»، وكذلك قضية أزمة السيناريو في النصوص السينمائية. واعتبر أن أزمة عدم توافر النصوص الجيدة أزمة عالمية ولا تقتصر على الخليج، منوهاً بأنه لا يمكن مقارنة السينما الخليجية بواقع الحال في سينما هوليوود وبوليوود، وحتى في مصر، لاسيما أنها لا تزال في البدايات.

حضور قوي
وأوضح المخرج العُماني حميد سعيد العامري، رئيس الجمعية العمانية للسينما والمسرح، أن هنالك تحولاً كبيراً في السينما الخليجية، خصوصاً مع الاهتمام بـ «الفن السابع» من قبل المخرجين والمنتجين، الذين يسعون بشغفهم الدائم، إلى تأسيس منصات ومهرجانات في خدمة «الفن السابع». وقد استطاعت الإمارات والسعودية تحقيق ذلك، بالحضور القوي للمهرجانات التي تنظم على أعلى مستوى، وفي الوقت نفسه لا تكون لـ «البهرجة»، إنما هدفها الرئيس دعم الفيلم الخليجي، وإظهار المواهب، واختيار أبرز الأفلام التي تطرح قضايا مجتمعية وشبابية مهمة، إلى جانب المبادرات والندوات وورش العمل الفنية التي تسهم في اكتساب الخبرات اللازمة التي تؤهل لتنفيذ عمل فني متقن.

رؤية مستقبلة
ولفت العامري إلى أن وجود المنصات والدعم المؤسسي لصناعة السينما، أمر ضروري جداً لتحقيق رؤية مستقبلية لصناعة الأفلام، ما يسهم في حراك ثقافي سينمائي، موضحاً أن مهرجان مسقط السينمائي، يقام كل عامين، وقد ارتأت إدارته إقامة 4 مهرجانات سنوية في محافظات مختلفة من سلطنة عُمان، إلى جانب تنظيم مهرجانات أفلام متخصصة، مثل مهرجان المرأة والطفل، ومهرجان السينما المستقلة، ومهرجان لأفلام طلبة الجامعات، والذي سيتم تنظيمه في الفترة المقبلة، ما سيسهم في حراك سينمائي أكبر، واكتشاف مواهب جديدة.

سهرة تلفزيونية
ذكر المخرج الإماراتي حسين إبراهيم، أنه بالرغم من الاجتهادات المبذولة من قبل صناع السينما الشباب، ومحاولاتهم المستمرة في تعزيز الفيلم الخليجي، إلا أنه يجب التفرقة بين الفيلم السينمائي والتلفزيوني. وقال: لاحظت في الفترة الأخيرة أن هنالك بعض الأفلام التي تشارك في مهرجانات، يعتمد صناعها على «السهرة التلفزيونية» ويكون تأثرهم الأكبر بالدراما التلفزيونية. وهذا أمر خاطئ؛ لأن الصناعة السينمائية لها خصائص ومعايير تختلف عن صناع الدراما في التلفزيون، أو صناع الأفلام عبر «يوتيوب».

تحذير
المخرج السعودي عبدالله المحيسن الذي تم تكريمه في الدورة الحالية من مهرجان «العين السينمائي الدولي»، حذّر صناع الأفلام الشباب من تقديم صورة مسيئة لبلدانهم لمجرد حصد الجوائز، لاسيما أنه يجب التمسك ببعض المبادئ، وثمة رسائل قيمة وهادفة يجب أن يتضمنها العمل السينمائي الفني.