طور باحثون تقنية للذكاء الاصطناعي يمكن أن تقلل التكلفة وتسرّع اكتشاف أدوية جديدة كجزء من التعاون بين علماء من جامعة شيفيلد البريطانية وشركة "أسترازينيكا" للأدوية.
التكنولوجيا الجديدة، التي طورها البروفيسور هايبينغ لو وتلميذه بينزهن باي من قسم علوم الكمبيوتر في الجامعة مع الدكتور فيليب ميليوكوفيتش والدكتور بينو جون من "أسترازينيكا"، وردت في دراسة جديدة نُشرت في مجلة Nature Machine Intelligence.
توضح الدراسة أن الذكاء الاصطناعي، المسمى "DrugBAN"، يمكنه التنبؤ بما إذا كان الدواء المرشح سيتفاعل مع جزيئات البروتين المستهدفة المقصودة داخل جسم الإنسان.
توجد بالفعل تقنية من الذكاء الاصطناعي يمكنها التنبؤ بما إذا كانت الأدوية ستصل إلى أهدافها المقصودة. لكن التكنولوجيا الجديدة، التي طورها الباحثون في شيفيلد و"أسترازينيكا"، يمكن أن تفعل ذلك بدقة أكبر وتوفر أيضًا رؤى مفيدة لمساعدة العلماء على فهم كيفية تفاعل الأدوية مع البروتينات الشريكة لها في جزيء، وفقًا للورقة المنشورة في 2 فبراير 2023.
ولدى تقنية الذكاء الاصطناعي القدرة على معرفة ما إذا كان الدواء سينجح في استخدام بروتين مرتبط بالسرطان، أو ما إذا كان الدواء المرشح سيرتبط بأهداف غير مقصودة في الجسم ويؤدي إلى آثار جانبية غير مرغوب فيها للمرضى.
يتم تدريب تقنية الذكاء الاصطناعي الجديدة على تعلم بنية البروتينات في جسم الإنسان وبنيات المركّبات الدوائية. تتعلم التكنولوجيا، بعد ذلك، كيف يمكن لهذه البنى أن تتفاعل مع بعضها البعض، الأمر الذي تعتمد عليه في وضع تنبؤات حول كيفية تصرف الأدوية الجديدة على الأرجح.
قال هايبينغ لو، أستاذ التعلم الآلي في جامعة شيفيلد "صممنا الذكاء الاصطناعي بهدفين رئيسيين. أولًا: نريد منه أن يتعرف على كيفية تفاعل الأدوية مع أهدافها على نطاق أدق، لأن هذا يمكن أن يوفر رؤى بيولوجية مفيدة لمساعدة الباحثين على فهم هذه التفاعلات على المستوى الجزيئي. ثانيًا: نريد أن تكون الأداة قادرة على التنبؤ بما ستكون عليه هذه التفاعلات مع الأدوية أو الأهداف الجديدة للمساعدة في تسريع عملية التنبؤ الشاملة. توضح الدراسة، التي نشرناها، أن نموذج الذكاء الاصطناعي يفعل كلا الأمرين".
كان مفتاح تصميم آلية الذكاء الاصطناعي هو كيف يتعلم النموذج التفاعلات المتعددة التي يمكن أن تحدث بين بنى مركّبات الدواء والبروتينات في الجسم. وهو ما لا تقوم به أدوات الذكاء الاصطناعي الموجودة في السوق حاليا، ما يجعلها توفر رؤى أقل فائدة.
في المرحلة التالية من تطوير تقنية الذكاء الاصطناعي، يخطط الفريق لاستخدام المزيد من البيانات المتعمقة حول بنية المركّبات والبروتينات لجعل أداته الجديدة أكثر دقة.
وقال الدكتور بينو جون، مدير علوم البيانات وعلم العقاقير السريري وعلوم السلامة في "أسترازينيكا"، إن "أحد الابتكارات الرئيسية لتقنية DrugBAN هو اعتمادها على شبكة تسمح لها بتعلم التفاعلات من بنية كل من الأدوية والعقاقير وأهدافها في وقت واحد. لقد جعلنا أيضًا شفرة المصدر متاحة مجانًا للجمهور، ونأمل أن تدعم المزيد من أساليب الذكاء الاصطناعي التي ستستمر في تسريع اكتشاف الأدوية".
من شأن الذكاء الاصطناعي أن يقلل من الفترات الطويلة وإنفاق مبالغ ضخمة من المال التي يتطلها اكتشاف الأدوية وتطويرها باستخدام الأساليب التقليدية، حيث يجد الباحثون طرقًا جديدة لتحديد البروتينات التي قد يتفاعل معها الدواء في أجسامنا.
وأوضح نيك براون، رئيس قسم التصوير وتحليلات البيانات في أسترازينيكا "أنا متحمس حقًا لرؤية هذه الورقة، لا سيما، أنه على عكس الأساليب الأخرى، يتعلم DrugBAN في الوقت نفسه من الأدوية المرشحة وأهدافها".
وأضاف البروفيسور جاي براون، رئيس قسم علوم الكمبيوتر في جامعة شيفيلد "إن الدافع القوي لأبحاثنا في شيفيلد هو الرغبة في إحداث تغيير إيجابي في حياة الناس، ونرى أن التفاعل مع قادة الصناعة، مثل أسترازينيكا، أمر بالغ الأهمية لتحقيق تلك المهمة"، مضيفا "هذا بحث مثير نأمل أن يسمح بإحداث تقدم كبير في تصميم العلاجات. كما أن هذا النهج مميز أيضًا لتركيزه على القابلية للتفسير، مما يمكّن الخبراء البشريين من الاستفادة من الأفكار المتولدة من نظام الذكاء الاصطناعي".