واشنطن (الاتحاد)
على الرغم من أن محطات التلفزيون ربما بدت الأقل تأثراً بتداعيات ثورة «السوشيال ميديا» واكتساح الإعلام الجديد (مقارنة بالصحافة المطبوعة)، إلا أن الكثير من شبكات التلفزيون عبر العالم، خاصة الكبرى منها، (والإخبارية على وجه التحديد)، تجد نفسها الآن في مفترق طرق. فبعد سنوات طويلة من احتكارها البث الحي بالصوت والصورة، صار لها منافسون من كل حدب وصوب. منافسون مسلحون بأحدث تقنيات وأدوات البث. والجمهور، خاصة الأجيال الشابة، شهيتهم مفتوحة 24 ساعة لاختبار واستهلاك وهضم كل جديد في عالم «الميديا»، عبر المنصات الجديدة. فماذا تفعل المؤسسات الإعلامية الراسخة للاحتفاظ بجمهورها، وكيف يمكنها استقطاب أجيال جديدة من المشاهدين، وهل يتعين عليها تعديل خدماتها لمواكبة التطورات ومواجهة المنافسين، أم أن كون نشاطها الأساسي يقوم على بث التدفق اللانهائي للأخبار الجديدة، يجعلها أقل احتياجاً لتغيير جلدها أو تطوير أدائها؟... أسئلة كثيرة من هذا النوع، يتردد صداها الآن في استوديوهات ومكاتب محطة «سي إن إن» الشهيرة، خاصة بعد تراجع في معدلات المشاهدة وخفض الإنفاق.
في حوار مع صحيفة لوس أنجلوس تايمز، كشف كريس ليخت منتج عروض الليل وآخره على شاشات التلفزيون والرئيس الجديد للشبكة عن جهود مكثفة تبذل الآن من أجل تثبيت أركان الشبكة التي صنعت بزنس البث الإخباري قبل 43 عاماً في سوق يموج بمنافسة شرسة مع محطات أخرى لا تتورع عن التنقيب في مناطق إعلامية جديدة، مهما بدت غريبة، حتى لا ينفض الجمهور من حولها. لذلك ليس غريباً أن تفكر إدارة «سي إن إن» في تقديم برنامج كوميدي في ساعة الذروة مساء أو بث اجتماع مجلس التحرير الذي يعقد كل يوم في التاسعة صباحاً، على الهواء.
تحركات ليخت تعتمد على نقاط عدة مهمة.. أولها ، منح مراسلي الأخبار مساحة أكبر من المعتاد، ليقدموا المزيد من التقارير الإخبارية، التي تسلط الضوء على تطورات الأحداث في مواقعهم، مع تحجيم وتقليص الحضور الطاغي لبعض مشاهير المذيعين، خاصة أصحاب النزعة السياسية. ويتسق ذلك مع توجه ليخت الأساسي القائم على الأخبار، ثم الأخبار، ثم الأخبار.. فهذه هي الوظيفة الأساسية لشبكة اخترعت قبل عقود البث الإخباري المباشر على مدار الساعة.. فلماذا تتخلى عنه الآن.! ثم إن ليخت لا يحبذ نموذج المذيع - النجم الذي يستقطب كل الاهتمام. لذلك، فإنه يسعى بكل قوة إلى تطوير البث خلال ساعات الذروة نهاراً ومساء.
نهاراً، من خلال بث اجتماع مجلس التحرير على الهواء .. وهو يفكر جدياً في ذلك. ويعقد الاجتماع 9 صباحاً يومياً.. وفيه يتحدث المراسلون عن خططهم للتغطية الإخبارية.
وفي هذا الفترة سيعتمد ليخت على 3 مذيعين رئيسيين في الاستوديو.. وليس واحد أو اثنين.
وفي المساء، يفكر قبطان CNN في أن يضفي على المحطة مسحة جديدة.. بعض العروض الكوميدية. لكنه يخشى من أن يؤدي ذلك إلى خسارة القاعدة الجماهيرية الحقيقية للشبكة. ومع ذلك، ذكرت تقارير أن بيل ماهر المذيع الشهير الذي يقدم عرضاً كوميدياً على إحدى المحطات التابعة للشركة الأم التي تملك سي إن إن، ستتم إعادة بث برنامجه على المحطة 11:30 مساء. ويزيد الطلب على ضرورة وجود عرض جذاب خفيف الدم في المساء، النجاح المدوي الذي حققته «فوكس نيوز» عندما بثت برنامج من هذه النوعية استطاع استقطاب أكثر من مليوني مشاهد في الليلة.
وعندما سألت «لوس أنجلوس تايمز» عما إذا كان بعض نجوم الكوميديا يمكن الدفع بهم في فترة المساء والسهرة، على الرغم من توجهاتهم الليبرالية.. قال ليخت بصراحة: «نحن نجري محادثات مع أفراد ذوي صلة ثقافية من عوالم الترفيه والرياضة والكوميديا الذين يمكنهم تقديم وجهات نظر جديدة وفريدة من نوعها للأخبار».