د. شريف عرفة

فكر في موقف اجتماعي تحاول تجنبه!
هناك من يتحاشى الذهاب للحفلات والمناسبات التي لا يعرف فيها أحداً.. وهناك من يعجز عن تكوين صداقات جديدة والتعرف على أناس جدد.. بل إن هناك من يخشى التحدث في الاجتماعات لتجنب فتح نقاش مع الزملاء.. هذا هو واقع الحياة لكثير من الناس الذين يعيشون مع القلق الاجتماعي، الذي تتفاوت درجته من شخص لآخر.  مشكلة القلق الاجتماعي هو أنه قد يجعل من الصعب توسيع دائرة علاقاتنا.. ويحد من قدرتنا على حضور التجمعات العائلية والمهنية.. في هذا الموضوع، تعال نتعرف على نصائح عملية لإدارة القلق الاجتماعي والتغلب عليه.

الدراسات العلمية
في دراسة تحمل عنوان «التدخلات النفسية والدوائية لاضطراب القلق الاجتماعي عند البالغين… «نشرت في دورية «ذا لانسيت، سايكايتري» حلل العلماء الدراسات التي تناولت الموضوع لمعرفة أكثر التقنيات المفيدة لمواجهة الخجل والقلق الاجتماعي.. وجدوا أن تقنيات العلاج المعرفي السلوكي كانت فعالة بشكل ملحوظ. 
هذه التقنيات تشمل نصائح عملية مثل: 

تحدي الأفكار السلبية 
غالباً ما ينبع القلق الاجتماعي من الأفكار والمعتقدات السلبية عن الذات والمواقف الاجتماعية «مثل: سأتلعثم ويضحك الناس علي، أو: أنا شخص غير مرغوب اجتماعياً... إلخ»، لذلك، اكتب هذه المعتقدات السلبية، واكتب الأدلة العكسية التي تثبت ضعف هذه المعتقدات وعدم استنادها لدليل واقعي. لا تسلّم بها، بل تحداها وجادلها. 
كن لطيفاً مع نفسك. لا تكن قاسياً عليها فالخجل الاجتماعي حالة شائعة وليس من الخطأ الشعور بالخجل في بعض المواقف. 

التعرض التدريجي
أدخل نفسك في مواقف اجتماعية بسيطة، ابدأ الحديث مع شخص تعرفه.. ثم بعد ذلك ألق التحية على شخص لا تعرفه.. أو ألق سؤالاً عن الساعة الآن.. أي أن تبدأ بتفاعل اجتماعي بسيط لا يثير القلق، كي تكتسب الثقة اللازمة للدخول في موقف أكثر صعوبة، وهكذا حتى تصل للمرحلة التي تريدها. هناك دراسات تقترح ممارسة هذه الطريقة عن طريق التخيل أولاً، أن تواجه كل هذه المواقف في خيالك وأنت هادئ تراقب نفسك وانفعالاتك، وتجعل الموقف أكثر صعوبة تدريجياً. 
كما يمكنك المشاركة في الأنشطة الاجتماعية التي تستمتع بها، أو التي تتعلق بالمجال الذي تحبه، فالانخراط في الأنشطة التي تستمتع بها يجعلك أكثر انفتاحاً ويزيد شعورك بالارتياح ويلهيك عن الأفكار المقلقة. 

تهدئة النفس
تقنيات التنفس العميق والاسترخاء تساعد في تقليل الأعراض الجسدية للقلق وتعزيز الشعور بالهدوء. واليقظة الذهنية «التركيز هنا والآن» تبعدك عن الأفكار السلبية بشأن ما سيحدث لاحقاً. ادخل الموقف وركز في التفاعل الاجتماعي ذاته وما يحدث بيمك وبين الشخص، لا في أفكار الحوار الذاتي السلبي حول ما سيحدث أو ما يفترض أن يحدث.
ليكن «الحوار الذاتي» بينك وبين نفسك إيجابياً. شجع نفسك. تحدث مع نفسك كصديق أو متحدث تحفيزي لبناء الثقة وتقليل الأفكار السلبية. تجنب التفكير الكارثي، لا تقل لنفسك «سيكرهني الجميل»، بل قل «حتى إن ارتكبت خطأً، فهذه ليست نهاية العالم»!
تقبل «عدم اليقين» كجزء طبيعي في الحياة.. ادخل في هذه التفاعلات الاجتماعية، لا كمصدر ذعر لأنك لا تعرف كيف ستسير الأمور، بل اعتبرها مغامرة مسلية مثيرة للفضول، واستمتع بها!

اطلب الدعم
احرص على أن يكون لك علاقات داعمة في الحياة. شبكة دعم نفسي من الأصدقاء والمقربين، لتوفير المساندة العاطفية والحفاظ على الثقة في النفس. 
ومن خلال الكتب والمحاضرات والدورات التدريبية، يمكنك تطوير المهارة الاجتماعية التي تنقصك، مثل الاستماع الفعال والحزم وطرح الأسئلة المثيرة للاهتمام التي تغري الشخص الآخر بمواصلة الحديث… إلخ.
كما يمكن زيادة مستشار نفسي لو كان الموضوع يعيق حياتك بشكل ملحوظ.