لكبيرة التونسي (أبوظبي)

للمساهمة في رؤية دولة الإمارات 2031، ومئوية الإمارات 2071 لبناء اقتصاد معرفي متعدد، فإن الاستثمار في العلم والبحث والتطوير وتعلم مهارات جديدة تواكب التحول الرقمي والثورة الصناعية وتعزيز النظام البيئي التكنولوجي، أمور أصبحت من أولويات الشباب الطموح لتعلّم التقنيات المتقدمة، الولوج في الواقع المعزز والافتراضي، صناعة وبرمجة الروبوتات، تطوير الطائرات من دون طيار، الذكاء الاصطناعي، الطباعة ثلاثية الأبعاد، الميكاترونيكس، وسواها من المواضيع التي تستشرف المستقبل. فكيف تسهم هذه التخصصات في بناء مستقبل المعرفة؟ هذا ما يجيب عنه اختصاصيون في المجال.
بالحديث عن توجه الشباب نحو المهن التي تستشرف المستقبل وكيف تسهم في تقديم حلول لمختلف التحديات، ذكر سلطان الحجي، نائب رئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي للشؤون العامة وعلاقات الخريجين، أن الجامعة تُعتبر الأولى للدراسات العليا على مستوى العالم متخصصة ببحوث الذكاء الاصطناعي، وقد جاء تأسيسها تجسيداً لرؤية القيادة الرشيدة ولكل شاب يختار تأسيس حياته في دولة تهدف إلى الاستكشاف والتعلم والتجريب لإثراء سبل الحياة. وأوضح أن الجامعة تقدم حالياً 3 برامج ماجستير و3 برامج دكتوراه في تعلم الآلة، والرؤية الحاسوبية، وبرمجة اللغات الطبيعية، لصقل المهارات وتأسيس كوادر بشرية ضمن مجال الذكاء الاصطناعي، قادرة على مواجهة التحديات وتجاوز العقبات.

كفاءة عالية
وقال الحجي: إن الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً كبيراً في تمكين الشركات في الإمارات من إطلاق منتجات وخدمات جديدة، وزيادة وتيرة نموها بتكلفة أقل، مع المنافسة بكفاءة عالية في قطاعات أعمالها، ويمكّن الحكومة من رقمنة الخدمات العامة مع تفعيل منظومة المدن الذكية التي تشكل عماد المستقبل المنشود. ويمكن للمشاريع المدعومة بالذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية على غرار برنامج الجينوم الإماراتي، الارتقاء بسبل الرعاية الصحية في الدولة ومختلف أرجاء العالم، فالآثار الإيجابية للذكاء الاصطناعي متعددة وتغطي مختلف القطاعات، ونتوقع الخروج بنتائج إيجابية مماثلة في التعليم والزراعة والتنقل.

حلول ملموسة
الدكتورة ابتسام المزروعي، رئيس وحدة الذكاء الاصطناعي لدى معهد الابتكار التكنولوجي تقوم ببناء نماذج لمشاريع ذات قيمة في السوق، وتقدم حلولاً ونماذج وأنظمة جديدة عبر قطاعات الاقتصاد والتكنولوجيا والربوتات والرعاية الصحية والنقل والبيئة والطاقة والأمن السيبراني والحوكمة، وحلول مفاهيمية لأنظمة الاتصالات وتكنولوجيا مستدامة. وأكدت أن الذكاء الاصطناعي يخدم المجتمع في مختلف المجالات كالنظام البيئي التكنولوجي، بحيث يمكن تقديم حلول متقدمة عبر الذكاء الاصطناعي وعلوم الحاسوب الآلي والحوسبة السحابية والبيانات الضخمة لدعم الصناعات الاقتصادية الرئيسة ومستقبل الطاقة المستدامة، وتعزيز التحول الرقمي الاقتصادي مع بناء اقتصاد قائم على المعرفة في عدة قطاعات، منها الرعاية الصحية والمالية والنفط والغاز والطيران والضيافة.

مدن ذكية
وأشارت المزروعي إلى أن الذكاء الاصطناعي يسهم في التنمية ويساعد على اتخاذ قرارات أكثر فاعلية بالاعتماد على استراتيجية البيانات، ويمكن مراقبة المقاييس المطلوبة في الوقت الفعلي، وتحسين جودة الخدمات، وزيادة استخدام الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية والرياح، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتقليل البصمة البيئية. ويتيح دمج التقنيات الذكية وفهم البيئة بشكل أفضل وإدارة تغير المناخ، تحسين التنقل، وتساعد المدن الذكية على تحسين تدفق حركة المرور، والحد من الاختناقات المرورية الإلكترونية، وتسهيل استخدام وسائل النقل العام، وتصميم مساحات أفضل للمشاة، وتقليل التلوث. ومع التكنولوجيا تتوفر تقارير تحليلية تنبؤية لتحديد المناطق التي تحتاج إلى تحسين البنية التحتية وتعزيز التنمية الاجتماعية، بتحديد احتياجات المدينة وسكانها بسهولة أكبر، ما يؤدي إلى تخطيط وإدارة أفضل للخدمات المجانية.

تعلم الآلة
من جهته، قال عبدالله جاسم المنصوري، طالب دكتوراه في «تعلم الآلة» بجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، إن الذكاء الاصطناعي الحديث تمازج بين علم الاحتماليات والإحصاء والحوسبة وخوارزميات التحسين، موضحاً أن هذه المجالات مطلوبة بكثرة القطاع الأكاديمي وسوق العمل. وأوضح أن «تعلم الآلة» هو القوى الدافعة للعديد من الابتكارات التكنولوجية التي توظفها الشركات التكنولوجية الكبرى في منتجاتها وخدماتها، مثل خدمة البحث عبر «جوجل» والعديد من مزايا الهواتف الذكية.

إنجاز المهام 
استحوذ الذكاء الاصطناعي في الآونة الأخيرة على اهتمام العالم، ما دفع شهد حمد الشامسي طالبة ماجستير في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، إلى التسجيل في برنامج «تعلم الآلة» الذي يدرّس خوارزميات النماذج الإحصائية التي تستخدمها أنظمة الحاسوب لإنجاز المهام بفاعلية، موضحة أنها اختارت هذا التخصص لأهميته في مختلف القطاعات، حيث إن هذه التكنولوجيا تُستخدم على نطاق واسع في العديد من التطبيقات، وتشمل ذكاء الأعمال والنقل والخدمات اللوجستية والروبوتات والمدن الذكية، وصولاً إلى الجهود المبذولة لفهم الجينوم البشري.

تحليل البيانات
شباب يسابق الزمن وينخرط في مختلف المجالات التي تستشرف المستقبل، وعياً منه بأهمية هذا الميدان بما يتماشى مع رؤية الإمارات، ومنهم مها علي، مهندسة بيانات ضخمة، التي أكدت أن تزايد ما يعرف بالانفجار المعلوماتي الكبير أو البيانات الضخمة ووفرتها، استدعى انتباه الحكومات باعتبارها وقود الاقتصاد المستقبلي، موضحة أن إطلاق مصطلح الوقود على البيانات يعود لأهميتها في تعزيز تقنيات الجيل الخامس.

وأضافت: من المتوقع حدوث نقلات نوعية غير مسبوقة في مختلف المجالات عند تطبيق منهجيات تحليل البيانات الضخمة، وأمام هذه الثروة المستمرة في التضخم تحرص حكومتنا الرشيدة على استنباط البيانات وتخزينها واستخدام منهجيات التحليل بشكل أمثل في مختلف المجالات، لتسهم في تطبيق خطة الخمسين لإضافة ميزة تنافسية في مستقبل الدولة.
 
تغير المناخ
هيا الغصين (21 عاماً)، اختارت دراسة سياسة البيئة والتغير المناخي، ما جعلها تفكر في حلول أكثر تطوراً واستدامة وابتكاراً، مع دعم الإمارات لمشاريع الشباب، ودفعهم للبحث عن المجالات الجديدة لخدمة الوطن. وركّزت هيا على البيئة والاستدامة، ودرست وبحثت في هذا المجال وطوّرت من نفسها، وبات شغفها هو الابتكار ومساعدة الشباب على تطوير مشاريع أكثر استدامة.

وقالت: أسّست شركة «أنفولف هوب» لدعم مشاريع الاستدامة والتكنولوجيا و«البلوك تشين»، لمساعدة رواد الأعمال من الشباب على تحويل رؤيتهم إلى مشاريع مستدامة 100%، وأسعى إلى تعزيز الاستدامة وجودة الحياة، من حيث توفير الغذاء والماء والموارد.

تقنية «الميتافيرس»
كثيرون يسمعون عن «الميتافيرس»، ويتساءلون عن أهميته في المجتمع وانعكاسه على حياة الأفراد، وهذا ما يوضحه راشد المزروعي من فريق «المستقبليون»، قائلاً: إن «الميتافيرس» من أهم التقنيات في عالم التكنولوجيا، وتسعى الحكومات والشركات لتكون رائدة فيه، لما توفره هذه التقنية من فرص على المستوى الاقتصادي والمهني والوطني.

وذكر أنه بناءً على الدراسات فإن هذه التقنية ستزيد من فاعلية التعليم بنسبة 76%، وتعمل على تسهيل الإجراءات بنسبة 30%، ومن المتوقع أن تزيد 50% من الإنتاجية، وتمنح الأشخاص فرصة إنجاز أمور كثيرة في العالم الافتراضي، لا يمكن إنجازها على أرض الواقع، حيث تضيف الجانب التفاعلي على خدماتها، لاسيما أن الكثير من الخدمات يمكن إنجازها على المواقع الإلكترونية من دون تفاعل. كما أن تقنية «الميتافيرس» تحقق التواصل مع لغة الجسد وتعابير الوجه، ليعيش المستخدم تجربة تفاعلية مع أي مؤسسة، إلى جانب تفاعله مع الأحداث العالمية، وحضور الفعاليات والتفاعل مع الحضور.

«ميثاكون»
شغفه بالألعاب الإلكترونية عزز وعيه مبكراً بأهمية عالم «الميتافيرس» واستشراف المستقبل، حتى بات أحد الناشطين الأساسيين فيه، إنه عبدالرحمن عبدالله مؤسس معرض «ميثاكون»، ويعمل في تنظيم بطولات الألعاب الإلكترونية، باعتباره عضواً في اتحاد الرياضات الإلكترونية.

وقد دخل في مجال تنظيم فعاليات تتعلق بـ «الميتافيرس» و«البلوك تشين»، مؤكداً أن دولة الإمارات تُعتبر رائدة في هذا المجال، لما تمتلكه من مقومات وطاقات شابة تستشرف المستقبل.