شعبان بلال (القاهرة)

على غير المعتاد من الدفن في التوابيت أو القبور الأرضية القديمة أو الحديثة، تتميز مقابر «الحواويش» الأثرية بأنها منحوتة في الصخر، ولها أبواب وهمية وعليها نصوص لكتابات هيروغليفية لألقاب أصحاب المقابر وأفراد أسرهم. 
تقع الحواويش على بعد  10 كم شرق محافظة سوهاج «جنوب مصر»، و7 كم من مدينة «أخميم»، وبحسب علماء الآثار، فإن ما بقي تحت الأرض من آثار يفوق ما جرى اكتشافه، وتتميز بفنون ونقوش جنائزية ممزوجة بتاريخ الفراعنة في قلب الصحراء.

صمدت هذه المقابر المحفورة في الجبل على مدار آلاف السنين ضد عوامل الطبيعة والتعرية، أحد المواقع الأثرية بسوهاج منذ اكتشافها في الحفائر العلمية من مجلس الأبحاث والمركز الأسترالي لأبحاث علم المصريات بجامعة ماكواري. 
وتشير وزارة الآثار المصرية إلى أن جبانة الحواويش تحتوي على أكثر من 800 مقبرة تعود إلى عصري الدولة القديمة (2494-2181 ق.م) والانتقال الأول «2181-2055 ق.م»، وما زالت 60 مقبرة تحتفظ بالنقوش والمناظر الجنائزية وتقديم القرابين والحياة اليومية والاحتفالات والصيد والزراعة في أخميم القديمة، خمس مقابر منها محفوظة بشكل جيد للغاية. 

وأوضح الباحث الأثري المصري الدكتور مجدي شاكر أن مقابر الحواويش بمثابة الجبانة الرئيسة للمنطقة في عصور الدولة القديمة والأسرتين الخامسة والسادسة والانتقال الأول والدولة الوسطى، وكانت أخميم عاصمة الإقليم التاسع من أقاليم مصر العليا ومركزاً تجارياً كبيراً، وموقعاً متميزاً لصناعة المنسوجات. وأشار شاكر لـ «الاتحاد» إلى أن العمل في هذه المقابر بدأ عام 1912 بواسطة عالمي الآثار «نيو بري» و«فاندييه»، وتتلخص أعمالهما في بعض الاكتشافات البسيطة عن الجبانة، وبدأت البعثة الأسترالية بقيادة «نجيب قنواتي» العمل في الموقع من عام 1976 وانتهت في عام 1992.

وبحسب الباحث المصري، فإن مقابر الحواويش تضم جبانتين يفصل بينهما نحو 2 كيلو متر، الأولى تقع أسفل هضبة وتعرضت للنهب والتدمير عبر التاريخ، وتضم الثانية نحو 800 مقبرة منها 60 محتفظة بكامل نقوشها وألوانها و5 مقابر بكامل رسوماتها وألوانها الزاهية، تجسد المشاهد الجنائزية وتقديم القرابين وأنشطة الحياة اليومية. ومن المقابر التي تحتفظ ببريقها حتى الآن، مقبرة لأحد الأشخاص يُدعى «تيتي إقر» لها مدخل يستند على عمودين مربعين عليهما بعض النقوش، وتعتبر من أجمل المقابر بسبب نقوشها الفريدة التي تمثل صاحب المقبرة متكئاً على عصا وأمامة مشاهد لمصارعة الثيران، وأشخاص يقومون بالصيد في نهر النيل ولصيد الطيور وعازفات ولصناعة الفخار ومركب تحمل تابوت المتوفى لنقلة إلى المقبرة.