خولة علي (دبي) 

أحمد الفلاسي فنان تشكيلي، طوَّر مهارته من خلال التجربة والبحث والقراءة. طبيعته الحالمة والخيالية جذبته منذ الصغر إلى المدرسة السريالية، ثم تدرج حتى اكتشف أن أسلوبه أقرب إلى المدرسة الانطباعية التأثيرية والواقعية، لينطلق من خلالها إلى تدوين اللحظة وتوثيق مشاهد تحمل رسائل تستحق أن تُنشر ليتعرف عليها الجمهور، ويرى كيف تتدفق مشاعره عبر فرشاته التي تنساب لترسم أبعاداً فنية عميقة.
تلعب البيئة دوراً مهماً في حياة أحمد الفلاسي، عضو جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، حيث يجد في البيئة منابع للإلهام والأفكار، نظراً لارتباطه الوثيق بالبحر، فكثيراً ما يعبر عن جمال البحر وإطلالته الساحرة في لحظات زمنية مختلفة ولاسيما وقت الشروق والغروب. ويركز في لوحاته على علاقة الأهالي قديماً بالبحر، لتتجلى أمامنا مشاهد من الماضي بتفاصيله الدافئة، حيث يمزج الفنان بين الهدوء والحنين. 

حكايات البحر
يوضح الفلاسي أنه يسعى إلى التعبير عما يدور في خلجات نفسه وكيفية قراءته لمحيطه باستخدام الألوان وتدوين الفكرة، واصفاً عالم الفن بفلسفة البحث عما وراء الأشكال. وللفنان منهجه في التعبير عن مشاعره وإيصالها بطريقة صادقة وواضحة للمتلقي. وكثيراً ما يستفز الفلاسي مشهد ما، ليترجم من خلاله رأيه بأسلوبه الانطباعي، كما يمكنه أن يوثق ظاهرة قد تكون إيجابية أو سلبية بهدف توعية المجتمع ولفت انتباهه لقضية بيئية على سبيل المثال. وقد أبدع الفلاسي مجموعة هائلة من الأعمال الفنية المتنوعة التي تروي حكايات البحر قديماً وتصور الحياة في البيئتين البحرية والبرية، ويحاول جاهداً أن يقدم صوراً بيئية بتفاصيلها الدقيقة مدوناً كل ما فيها من لحظات ورسائل.

زيتية ومائية
ويؤكد الفلاسي أن دقة الفنان وقوة ملاحظته فيما تتعرض له البيئة من إهمال واعتداء من قبل الإنسان، يجعله يدوّن هذه المشاهد لتوعية المجتمع، مستعرضاً محطات لم يتم الكشف عنها بعد. ويرى أن الفنان عين المجتمع الدقيقة التي تدوّن مواقع ومشاهد حياتية تخفى عن الكثيرين. ويستخدم عدة أدوات للتعبير عن أفكاره منها أقلام الفحم، الفرشاة الهوائية، والسكين pallet knife، معتمداً الألوان الزيتية والمائية والأكريليك، وأحياناً فن الغرافيتي. وكل أداة لها تقنية خاصة وطريقة محددة، لكنها في الآخر تتحول إلى لوحات بديعة تحمل في طياتها جوهر فكر الفنان وإبداعه.

ثقافة التشكيل
شارك أحمد الفلاسي في معارض عدة، محلية وأخرى خارج الدولة، منها في الهند والبحرين وسفارة غواتيمالا، وتنوعت مشاركاته بين الرسمية والتطوعية، وأهمها تقديم ورش فنية في مجلس الخوانيج للأطفال، لنشر ثقافة التشكيل بين الأجيال، مع السعي لتأسيس معارض خاصة تضم أعماله، وإقامة ورش فنية للمدارس لتأسيس جيل من الفنانين الصغار.

لغة تواصل
يتطلع الفلاسي إلى تسخير مهاراته الفنية في تعليم أطفال التوحد، ومساعدتهم على إيجاد لغة تواصل مع محيطهم والعمل على تخطي مشاكلهم للتعبير عن أنفسهم ودمجهم في المجتمع، من خلال أعمال تجسد البيئة المحلية ومحطاتها البديعة، وتبث رسائل مجتمعية مفيدة.