خولة علي (دبي) 

«مليحة» الواقعة في المنطقة الوسطى التابعة للشارقة، محط جذب للباحثين ومحبي المغامرات، والمصورين، وتتميز بمساحات شاسعة من الكثبان الرملية المترامية الأطراف، كلوحة بصرية بديعة تروي ما تعرضت له هذه المنطقة من تحولات وتغيرات جيولوجية على مر العصور، فالأرض حُبلى بكنوز من الآثار والأحافير البحرية التي تحولت إلى قطع حجرية وتحفة فنية بديعة تزدان بها صحراء مليحة. 
ما يزيد روعة «مليحة»، تربعها على سلسلة من الكثبان الذهبية، ما يمنح الزوار متعة إضافية في السير على رمالها، واكتشاف وعورة الدروب التي سار عليها القدماء، في رحلة شاقة في أحضان الطبيعة الشاسعة والممتدة التي شكلتها الأزمنة، لتتحول إلى وجهة سياحية فريدة نظراً لجمال الطبيعية التي تحظى بها المنطقة، ولتنوع الحياة البرية النادرة فيها والاكتشافات الأثرية التي جعلتها ضمن المواقع المدرجة في قائمة التراث العالمي بـ«اليونسكو» التمهيدية. 

تاريخ غني
تتميز مليحة بتنوع أنشطتها ومغامراتها الصحراوية المقدمة من قبل مشروع مليحة للسياحة البيئية والأثرية، أحد مشروعات هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير السياحي (شروق)، وهي تراعي تنوع الزوار واهتمامات المغامرين، وأيضاً كل من يقصدها من علماء الآثار، والطلاب، والمدرسين، والرياضيين، ومحبي التخييم في الهواء الطلق، والمستكشفين، كما تعزز المنطقة المكانة الأثرية للشارقة ودولة الإمارات، كاشفة عن تاريخ المنطقة الغني، مع توفير أنواع مختلفة من الرياضات والأنشطة الترفيهية في الهواء الطلق، خاصة تجربة ركوب الخيل.  
وتنظم إدارة مليحة تجربة استثنائية للزوار بهدف تمكينهم من التعرف على البيئة الأثرية، والطبيعة النباتية والحيوانية والجيولوجية الفريدة للمنطقة، ومنها مركز مليحة للآثار، ليتعرف الزوار على أهم المواقع التي تم العثور فيها على اكتشافات ومقتنيات الأثرية، مع مشاهدة العروض التفاعلية للآثار التاريخية.

جولات ومغامرات 
كما تنظم «مليحة» جولات لزيارة المواقع الأثرية، خاصة الكهوف التي يعود تاريخها إلى العصر الحجري وعصر ما قبل الإسلام، والقلعة والمقابر من العصر البرونزي، بالإضافة إلى بيت المزرعة، وحصن مليحة، لينتقل الزائر إلى عصور وأزمنة سابقة، كما يحظى الزائر أيضاً بجولة سيراً على الأقدام بين المواقع الأثرية، منها جبل بحيص وأطلال حصن يعود تاريخه إلى العصر الحديدي، فضلاً عن الاستمتاع بالمناظر الخلابة للسفوح المحيطة من قمة الجبل، بمرافقة دليل سياحي متخصص يقدم شرحاً تفصيلياً حول هذه المناطق الطبيعية والتاريخية، إضافة إلى الإثارة والتشويق خلال استخدام سيارات الدفع الرباعي واستكشاف صحراء مليحة، والتعرف على صخرة الجمل وصخرة الأحفور. 

مراقبة النجوم 
ولمحبي تصوير غروب الشمس واستشعار سحر المكان ليلاً، يمكنهم الانطلاق عبر جولة قصيرة فوق الكثبان الرملية والصعود إلى صخرة الأحفور لمشاهدة منظر الغروب، ليتبعها وجبة عشاء تحت أضواء النجوم، إضافة إلى مراقبة الأجرام السماوية واستكشاف الكواكب من خلال المنظار الفلكي مع فريق من الخبراء، ويمكن أيضاً قضاء ليلة ساحرة في المخيم الليلي، ويمكن للزائر قطع رحلة استكشافية فوق الكثبان الرملية بصحبة مرشد سياحي، ورحلة سفاري قصيرة عند الفجر لمشاهدة شروق الشمس فوق جبل الفايه.

بيئة جذابة 
ومن بين الحريصين على زيارة صحراء «مليحة» والتواجد في ربوعها ومحطاتها الأثرية، المغامر عمر أحمد، من هواة التصوير،  حيث قطع رحلة لاستكشاف أهم ملامح مليحة ببيئتها الجاذبة، وآثارها وكثبانها الرملية الخلابة، ليدونها عبر عدسته، ويروي من خلالها تفاصيل حياة الإنسان قديماً، وتوثيق حضارة غطتها الرمال والتضاريس مع تعاقب الأزمنة، حتى كشفت الرياح عن ملامحها لتبقى شاهدة على تاريخ المنطقة وحضارتها. 
ولا يختلف أيضاً عنه محمد عبدالله، الذي جذبته الصخور المنبثقة من وسط الرمال، وبدأ السير على أرض حُبلى بالكثير من الآثار التاريخية، مؤكداً على جمال الصحراء في الشتاء وتنوع الفعاليات التي تنظمها إدارة مليحة، الأمر الذي يجعل الرحلة أكثر متعة وبهجة، إضافة إلى التعرف على تاريخ المنطقة وآثارها. 

أصوات من الماضي
توفر إدارة مليحة فرصة للزوار للتعلم والمعرفة واكتساب الخبرات، حيث تقيم ورشاً تعليمية حول  كيفية صنع أشكال الحفريات باستخدام الحفريات الأصلية الموجودة في مليحة والأصداف البحرية من جميع أنحاء المنطقة، كما يحظى الزوار أيضاً بفرصة معرفة طبيعة النباتات والأشجار والحيوانات والطيور والحياة البرية في المنطقة، خلال زيارة حديقة الحيوانات الداخلية في مليحة، ومن خلال ورشة «أصوات من الماضي» يتعرف الزوار على حياة البشر الأوائل وهجرتهم خارج القارة الأفريقية بطريقة ممتعة وتفاعلية، كما أن هناك ورشة عمل توضح طرق التعامل مع الظروف القاسية في الصحراء، من خلال تعلم مجموعة من التقنيات البسيطة على يد خبراء متخصصين، مثل طريقة الحصول على الماء، وصنع بوصلة شمسية، وغيرها من التقنيات.