لكبيرة التونسي (أبوظبي)
تتواصل فعاليات مهرجان الشيخ زايد، النابض بالحياة في منطقة الوثبة بأبوظبي، وسط إقبال كبير، ليُمتع زواره عبر العديد من الفعاليات والأنشطة للتعريف بالتراث الثقافي اللا مادي ومشاهده الإبداعية من أجل صونها وإبراز قيمتها، عبر العديد من صور الحياة القديمة، تعكسها مجموعة من التصاميم وفنون الطهي المختلفة واستعراضات الشعوب ضمن تمازج بديع وحراك كفيل بأن يجعل الجمهور يعيش تجربة حية ومتنوعة للعادات والتقاليد الأصيلة.
يعمل المهرجان على تعزيز ثقافة صون التراث الإماراتي والاعتزاز به، وحث النشء على التمسك بالموروث وربطهم بتفاصيل الحياة الإماراتية القديمة التي عاشها الأجداد، ومن هذه العادات والتقاليد الجميلة التي ارتبطت بالمرأة على وجه الخصوص «زهبة العروس» التي تعرّف الزوار بحقبة عاشها الأجداد، ومارسوا حياتهم بأسلوب يسعدهم اجتماعياً نتيجة ذكائهم في استثمار ما تجود به الطبيعة، ضمن قيم التكافل والتعاون.
وسط أجواء تفاعلية ضمن «القرية التراثية»، تبرز مظاهر ومؤثرات نجحت في جعل الزوار يعيشون تجربة متفردة عبر التعرف على عادات وتقاليد أصيلة ارتبطت بالأفراح والمناسبات السعيدة، ومنها تجربة «بيت الزهبة»، حيث تم تخصيص خيمة تابعة للاتحاد النسائي العام تحاكي البيوت القديمة، وتشتمل هذه الخيمة على العديد من الأدوات التي كانت تستعمل قديماً، منها مجموعة من الملابس المطرزة بخيوط الفضة، إلى جانب الصناديق الخشبية والمداخن والمرشات والعطور والذهب والمفروشات، وغيرها من الأدوات، لتشكل إطلالة على زمن الأجداد.
خيمة تراثية
عن أهمية ومكانة زهبة العروس، قالت عتيقة المحيربي من مركز الصناعات التراثية التابع للاتحاد النسائي العام، إن «زهبة العروس» تهدف إلى التعريف بجانب من عادات وتقاليد الأفراح والأعراس الإماراتية الأصيلة، حيث تعرض الخيمة مجموعة من مستلزمات زينة العروس من أثواب وأقمشة وذهب وحلي ومواد تجميل طبيعية كانت تصنعها النساء ضمن مجموعات لإشاعة مظاهر الفرح والحبور في الفريج.
«الصّحارة»
وأشارت المحيربي إلى أن ذهب العروس يوضع في «الصحارة»، وهو عبارة عن صندوق كبير يضم الذهب الذي تشتريه العروس من مهرها أو يهديه إليها المعرس، حيث إن اشتراطات المهر وهدايا العروس وأهلها كانت تتم حسب مقدرة العريس المادية، ومن مكونات الزهبة في تلك الفترة «المرية والطاقة والحزام والمرتعشة وحيول أو شوك»، إلى جانب الذهب الذي تضمه الزهبة، والذي كان يعبر عن المكانة الاجتماعية للزوج، أيضاً كانت الزهبة تشمل مجموعة من الأقمشة والأثواب والعطور والعود والبخور، والعباءات «بوقيطان» والشيلة «المنقدة»، وبعض أنواع الأقمشة القديمة مثل «صالحني» «بوتيلة» «دمعة فريد» «بوقليم» و«صفوة» وغيرها الكثير، والتي يتم تصميمها وخياطتها من طرف نساء الفريج، حيث كانت الأعراس تقام لأيام عدة، وكان الجميع ينخرط فيها، سواء في خياطة الملابس أو طهي طعام العرس، أو سواها من التفاصيل المرتبطة بتجهيز الأفراح.
«المندوس»
وأشارت المحيربي إلى أن هذه الأغراض كانت توضع في صناديق خشبية يطلق عليها «المندوس»، وهو صندوق خشبي يضم احتياجات العروس، ويضم ملابس الخروج والبيت الخاصة بالعروس، وعطوراتها والبخور، لافتة إلى أن التقليد السائد في تلك الفترة في زفة العروس، أن العريس يُزف إلى بيت العروس التي تكون في أبهى حلتها وهي جالسة في بيت الزهبة، مرتدية أجمل ثيابها، ولا تغادر البيت إلا في اليوم الثاني لتذهب إلى بيت زوجها، حاملة معها زهبتها.
«المخمرية»
كانت المرأة الإماراتية تصنع زينتها بنفسها، مستثمرة ما تجود به الطبيعة، حيث إن «زهبة العروس» كانت تشتمل على مجموعة من العطور والبخور، والتي كانت تصنعها الأمهات والجدات آنذاك من الطبيعة، إضافة إلى ما يتم استيراده من مواد خام من الهند، ومنها على وجه الخصوص «المخمرية»، والتي تعتبر خلطة خاصة تتكون من الزعفران والعود ودهن العود، حيث كانت كل سيدة تمتلك أسرار خلطتها الخاصة بها، ويتم دفنها في مكان مظلم لمدة أربعين يوماً، حتى تكتسب رائحة نفاذة، موضحة أن أهم عطورات تلك الفترة هي «ريف دور» وهو عطر كان معروفاً قديماً، ومن العادات المعروفة قديماً أن أقارب العروس والجيران والمعارف يزورون «بيت الزهبة»، ويطّلعون على أهم ما قدمه العريس لها.
أسواق وأحياء شعبية
يخصص مهرجان الشيخ زايد أسواقاً وأحياءً شعبية وساحات نابضة بالحياة، لإبراز حضارة الإمارات وجوانب متعددة من ثقافتها وموروثها الشعبي، ضمن أجواء تستحضر مظاهر الحياة الإماراتية قديماً، حيث يضم فعاليات وأهازيج تراثية وعروضاً حية عن الحرف الإماراتية القديمة ضمن «القرية التراثية»، كما يسهم المهرجان في تعزيز وصون التراث الإماراتي والفخر به، من خلال أنشطة وفعاليات تحث النشء على التمسك بتراث الآباء والأجداد، تأكيداً على غنى الموروث الإماراتي الضارب في جذور التاريخ.