عندما تصبح الأيام أقصر وأكثر برودة، قد يشعر بعض الناس بالرغبة في البقاء في السرير طوال اليوم وقراءة كتاب أو مشاهدة عرض تلفزيوني. لكن بالنسبة للآخرين، قد يؤدي تغيير الموسم إلى اكتئاب صعب. هذه الأعراض تسمى «الاضطراب العاطفي الموسمي» (Seasonal affective disorderٍ,SAD).
إنه شكل من أشكال الاكتئاب الذي يصيب حوالي 10 ملايين شخص في الولايات المتحدة، على سبيل المثال. إذا شعرت بالتعب أو عدم التركيز أو الحزن لسبب غير مفهوم، فقد تكون مصاباً بالاضطراب العاطفي الموسمي (الفصلي).
صحيفة «The Inquirer» الأميركية تحدثت إلى ثلاثة متخصصين في الصحة العقلية حول هذا الاضطراب وأعراضه، وبعض طرق علاجه.
- ما هو الاضطراب العاطفي الموسمي؟
يقول ماثيو وينترستين، عالم النفس السريري في جامعة توماس جيفرسون «إنه، في الأساس، اكتئاب موجود خلال فترة معينة من العام». قد تميل إلى اعتباره كآبة شتوية، لكنه شكل حقيقي من أشكال الاكتئاب، وفقاً للمعهد الوطني الأميركي للصحة العقلية.
فساعات النهار القصيرة والعيش في أماكن أكثر برودة تزيد من خطر الاضطرابات الموسمية خلال فصلي الخريف والشتاء. ولكن يمكن أن يحدث أيضاً في الربيع والصيف.
يضيف جيسون لويس، مدير اضطرابات المزاج والقلق والصدمات في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا، إن التوقيت هو مؤشر رئيسي للاضطراب العاطفي الموسمي. وقال «يجب أن تكون الأعراض بسبب تغير الموسم، وليس بسبب ضغوط مرتبطة بالموسم، مثل بدء الدراسة».
يميل الاضطراب الموسمي إلى التطور خلال فترة الشباب وهو أكثر شيوعاً بين النساء مقارنة بالرجال. يؤكد لويس إنه «نادر نسبياً» بين الأطفال. قد يكون لدى المراهقين الذين يعانون من اضطراب موسمي، أعراض مختلفة عن البالغين.
- ما هي أعراض الاضطراب الموسمي؟
قد تختلف أعراض هذا الاكتئاب من شخص لآخر. يقول وينترستين إن «الفرق بين الاكتئاب والحزن هو أن الاكتئاب يسبب مستوى معيناً من الضعف. إذا وجدت نفسك منعزلاً، وتواجه صعوبة في أن تكون منتجاً في العمل أو المدرسة، وتواجه صعوبة في أداء المهام اليومية، فتحدث إلى طبيبك حول الحاجة إلى الاستفادة من علاج».
تشمل الأعراض المحتملة الأخرى: النوم كثيراً أو قليلاً جداً، صعوبة في الاستيقاظ، الشعور بالتعب أو انخفاض الطاقة أو التباطؤ، صعوبة في التركيز، الشعور بالحزن أو الانفعال بشكل غير عادي، فقدان الاهتمام بفعل الأشياء (حتى تلك التي كنت تستمتع بها)، الشعور باليأس، الشعور بالذنب أو النقد الذاتي، تغيرات في الوزن أو الشهية.
خلال فصلي الخريف والشتاء، قد يكون عدم الرغبة في التفاعل الاجتماعي، والإفراط في تناول الطعام مؤشرات على أنك تعاني من هذا الاضطراب. قال وينترستين «يصف البعض ما يحدث لهم، نوعاً ما، كما لو كانوا يستعدون للسبات».
- هل سأواجه هذا الاضطراب في كل موسم؟
يرى وينترستين أنه «إذا كانت هذه تجربة شخص ما في فصول الشتاء السابقة، فمن المعقول توقع حدوث ذلك مرة أخرى». وفقاً للمعهد الوطني الأميركي للصحة العقلية، يمكن أن يكون هذا الاضطراب وراثياً في العائلات، ويمكن أن يكون الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الأكل، واضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD) والقلق، والاضطراب ثنائي القطب أكثر عرضة لخطر الإصابة.
- ما الذي يمكن أن يفعله الآباء لمساعدة أطفالهم؟
يوصي لويس بالتأكد من حصول طفلك على قدر لا بأس به من التفاعل الاجتماعي والنشاط البدني، خاصة في الخارج. ساعده على الالتزام بجدول نوم صحي وتقديم وجبات مغذية. وإذا استمر في المعاناة، تحدث إلى طبيب الأطفال أو أخصائي الصحة العقلية.
- كيف تعالج الاضطراب العاطفي الموسمي؟
تحدث إلى طبيب لوضع خطة علاج. تتضمن بعض الأساليب التي قد يوصى بها ما يلي:
*علاج نفسي: يوصي لويس بالعلاج السلوكي المعرفي كنقطة انطلاق لعلاج هذا الاضطراب. وأوضح أن هذا العلاج «يعلمك طرقاً للتفكير والتصرف بشكل مختلف للمساعدة في تعزيز المزاج الإيجابي واستراتيجيات التكيف».
*العلاج بالضوء: يمكن أن يكون بنفس فعالية العلاج لتحسين أعراض الاضطراب الموسمي وفقاً للمعهد الوطني الأميركي للصحة العقلية. كان العلاج بالضوء موجوداً منذ الثمانينيات، وهو يتضمن الجلوس أمام مصباح متخصص يسمى صندوق الضوء «لخداع» جسدك ليعتقد أن هذا الجهاز شديد السطوع هو ضوء الشمس. يوصي لويس باستخدامه لمدة 30-60 دقيقة يومياً لتحسين حالتك المزاجية وتقليل أعراض الاضطراب الموسمي.
*اختيار صندوق الضوء:
قالت تانيا كزرنيكي، مديرة مركز الاستشارة بجامعة دريكسيل، «ابحث عن صندوق يبث ما لا يقل عن 10000 لوكس (قياس شدة الضوء)».
يجب أن ينتج الصندوق أقل قدر ممكن من ضوء الأشعة فوق البنفسجية. توصي (مايو كلينك) باختيار مصباح مصمم خصيصاً لعلاج الاضطراب الموسمي. قد تحتوي المصابيح الأخرى المصممة لعلاج الأمراض الجلدية على الكثير من ضوء الأشعة فوق البنفسجية.
*مضادات الاكتئاب
قد يستفيد الأشخاص الذين يعانون من أعراض شديدة، من مضادات الاكتئاب. مثل العديد من الأدوية، قد يكون لمضادات الاكتئاب آثار جانبية وقد يستغرق الأمر بضعة أسابيع حتى تشعر بالراحة. لا تأخذ مضادات الاكتئاب دون وصفة من الطبيب.