حسونة الطيب (أبوظبي) 

يبدو أن طريق السيارات ذاتية القيادة، باهظة التكلفة ومليئة بالمطبات، ما يقلل من سرعة انتشارها، إذ لم يصل خبراء صناعة السيارات لإجماع بشأن الطريقة التي يمكن أن تعمل بها هذه السيارات حتى الآن، وخمدت نسبياً الضجة التي صاحبت فكرة هذه السيارات، واعترف أيلون ماسك، مالك شركة تيسلا للسيارات الكهربائية، بأن برنامج تشغيل هذا النوع من السيارات، ليس جاهزاً للعمل بعد، دون مساعدة شخص خلف عجلة القيادة.

في غضون ذلك، قلصت موبايلي، وحدة السيارات ذاتية القيادة التابعة لشركة إنتل، توقعاتها الخاصة بقيمة قطاعها، من 50 مليار دولار، إلى 16 مليار دولار. وتزامن حدوث كل ذلك، بظهور التاكسي الروبوت في شوارع سان فرانسيسكو، حيث لا تزيد تكلفة الأجرة على 10 دولارات لمشوار من ميدان ألمو، إلى منطقة نوب هيل، والاستمتاع بالجلوس في المقعد الخلفي ومشاهدة المناظر الجميلة، بحسب «فايننشيال تايمز».

وتولت شركة كروز، المتخصصة في السيارات ذاتية القيادة والتي تعود معظم ملكية أسهمها لشركة جنرال موتورز، مشروع تجربة هذه السيارات. ومثل «أوبر»، فإن السيارات ذاتية القيادة، مزودة ببرنامج، يمكن استخدامه لطلب سيارة الأجرة، ورغم تقارب تكلفة الأجرة، إلا أنه من المتوقع أن تكون ذاتية القيادة أقل تكلفة في حال انطلاقها. 
ربما يكون من المثير للقلق، مشاهدة سيارة من دون سائق تقف أمامك لتقلك لجهتك المقصودة، وسماع صوت الروبوت يأمرك بربط حزام المقعد والاستمتاع بالرحلة. لكن تسير هذه السيارات، بحذر كبير مع إجادة التعامل مع مخاطر الطريق، ما يزيد من طمأنينة الركاب. لكن وبسبب هذا الحذر الزائد، تتوقف أحياناً هذه السيارات في منتصف الطريق، ما ينجم عنه اضطراب في حركة المرور، الشيء الذي دعا لتحديث برامجها.

ويبدو الحصول، على سيارة أجرة ذاتية القيادة من الشارع، أمراً شبيهاً بالعيش في المستقبل. كما يبدو أحياناً، أن كل أموال قطاع التقنية، قد تم ضخها في الإعلانات الرقمية والعملات المشفرة وتطبيقات المستهلك. وبالعيش في مدينة سان فرانسيسكو لسنوات طويلة، ينبغي أن تكون لدى الشخص مساحة وافرة في هاتفه الذكي، لتحميل كل تطبيق يرتبط بالحياة اليومية يخطر على البال. لكن، تقدم السيارات ذاتية القيادة، بما يتميز به قطاعها من طموحات كبيرة وإمكانات قادرة على تغيير العديد من أوجه الحياة، نموذجاً حياً للتقدم الذي أحرزه قطاع التقنية.

واتسمت عمليات التطوير بالبطء أيضاً، حيث ظل حلم السيارات ذاتية القيادة، يراود الناس لفترة طويلة للغاية. ويمكن تحديد الفترة الحديثة، بمحاولة مشروع «جوجل» للسيارة ذاتية القيادة، والحالية بشركة وايومي في عام 2009، ومن ثم عم انتشار المشاريع الاستثمارية بين الجميع، من سوفت بنك إلى شركة آبل. 
لكن ومنذ ذلك الحين، أصيب القطاع بالإحباط، عندما تسببت سيارة ذاتية القيادة تابعة لشركة أوبر، في قتل سيدة كانت تعبر أحد الشوارع في مدينة تيمبي بولاية أريزونا. وتوقفت بعد ذلك، عمليات الاختبار، لتقوم «أوبر» بعد سنتين من ذلك، ببيع وحدة السيارات ذاتية القيادة لشركة أورورا.

ولم يكن من الممكن إنشاء البنية التحتية لهذا القطاع منذ بدايته، مع الوضع في الاعتبار عوامل الازدحام المروري والقرارات الخاطئة التي يتخذها بعض السائقين في الطرقات. وليس على السيارات ذاتية القيادة، رؤية العقبة التي أمامها فحسب، بل ما إذا كانت ستتحرك وفي أي اتجاه. 
لكن لا يزال ضخ الاستثمارات مستمراً، سواء كانت السيارات ذاتية القيادة، تكلفة مُهدرة، أو أن بدايتها المتعثرة، تشكل عائقاً أمام إمكانية تبنيها. ووقعت «أوبر»، اتفاقية مع «موشنال»، المؤسسة الناشئة التي تعمل مع ليفت في توفير سيارات أجرة من دون سائق في لاس فيجاس. كما تستثمر «كارياد»، فرع «فولكس فاجن»، المتخصص في برامج السيارات ذاتية القيادة، 2 مليار دولار شراكة مع «هورايزون روبوتكس»، المؤسسة الصينية العاملة في صناعة الرقاقات.

تحديات
تظل بعض التحديات ماثلة أمام تقدم السيارات ذاتية القيادة، حيث لا يترتب عليها التحكم في ميكانيكية السيارة فحسب، بل عليها أيضاً، إدراك طبيعة الظروف التي تحيط بها، واتخاذ القرار السريع عندما تتغير هذه الظروف.

تكلفة عالية
لا شك في أن تجربة السيارات ذاتية القيادة، عالية التكلفة، حيث تشير تقديرات مؤسسة ماكينزي الاستشارية، لاستثمار نحو 100 مليار دولار في القطاع منذ عام 2010. ويقدر تمويل هذه السيارات، في العام الماضي فقط، بما يزيد على 12 مليار دولار.