أبوظبي (الاتحاد)

يتواصل الضجيج الحاد عقب هيمنة الملياردير إيلون ماسك على «تويتر»، وكأن العالم، لم يستوعب حتى الآن الصفقة - الصدمة. تتركز ردود الأفعال حول قرارات ماسك لترسيخ سلطاته وتحديد التوجهات الجديدة للمنصة. لكن الصفقة تسلط الضوء بالتأكيد على ظاهرة هيمنة السوبر - أثرياء على وسائل إعلامية جبارة، واسعة الانتشار، هائلة النفوذ.

ليس الأمر جديداًَ طبعاً، فعلى الدوام شهية الأثرياء جداً مفتوحة أمام الإعلام، فهو أقصر الطرق للنفوذ السياسي والجماهيري.. لكن التطور التكنولوجي وانتشار المنصات الرقمية، يضع في أيديهم الآن منصات كبرى يتابعها مليارات البشر.. فيسبوك، واتساب، انستغرام، تويتر، إمبراطوريات إعلامية تشمل صحف كبرى بوزن «واشنطن بوست».. إلخ. ويمنحهم ذلك نفوذاً غير مسبوق، يخشى كثيرون من احتمالات تأثيره على حرية الرأي وتدفق المعلومات مع تضارب المصالح.

«لقد سعى الأثرياء منذ فترة طويلة إلى شراء الصحف للمساعدة في دفع أجنداتهم.. إنها علامة أخرى على رغبة الأثرياء في السيطرة على الأصول التي تمنحهم مستوى إضافياً من القوة»... مهما قالوا، هذا هو السبب في شرائهم... هكذا قالت المحللة البريطانية البارزة كلير إندرز مديرة مركز «إندرز أناليزيس» بعد إعلان صفقة ماسك - تويتر، التي اعتبرتها «تطوراً مخيفاً» يفضح رغبة المليارديرات في زيادة نفوذهم السياسي بشراء  أكبر العلامات التجارية الإعلامية وأكثرها نفوذاً، حسبما ذكرت صحيفة الجارديان.

يزيد من خطورة هذا التوجه، الدور الهائل الذي لعبته المنصات الجديدة مؤخراً، حيث كانت أكثر من مجرد ساحات لتداول الأفكار والمعلومات والأخبار. لقد انخرط كثيرون من خلالها في نقاشات موسعة بشأن قضايا مهمة شكلت رأياً عاماً عبر القارات بشأن قضايا حيوية مثل التعصب والتطرف ومكانة المرأة وكرامتها وحقوق الأقليات وصعود اليمين السياسي وانتشار «الحقائق البديلة» والأخبار المزيفة، والتشكيك في جدوى وأهمية وفعالية الديمقراطية والتغير المناخي وجائحة كورونا وتداعيات الحرب الأوكرانية..إلخ.

 

دار النقاش العالمي بشأن تلك القضايا دون أن يكون للحكومات أو أي سلطة سياسية أو أممية أو حتى وسائل الإعلام التقليدية، دور أساسي في الإشراف عليه. كان الدور الأكبر للوسائط  الجديدة التي صارت أكثر من مجرد ساحة للتعبير.. وهنا تكمن خطورة أن يملك فرد واحد كل هذه القدرة الهائلة على التأثير.. مما يجعل من هيمنة ماسك على «تويتر» التي يتجاوز عدد مستخدميها 400 مليون مستخدم أو سيطرة مارك زوكربرج على فيسبوك وأخواتها التي يستخدمها نحو 2.7 مليار نسمة، أمراً يثير  المخاوف والقلق بشأن كيفية ضمان ألا تتم إساءة استخدام تلك المنصات لتحقيق مصالح معينة.

صحيح أنه هناك قواعد للسير وإشارات للمرور  تنظم حركة وسلوك الجميع على تلك المنصات؛ لكن من دون شك لا يمكن تغافل أصحاب اليد العليا، خاصة وأن نفوذ بعضهم (مثل ماسك وجيف بيزنس) بلغ حتى الفضاء الكوني … وليس فقط مجرد الفضاء الإلكتروني.

إيلون ماسك (تويتر)
- صار أغنى شخص في العالم يملك أحد أخطر المنصات الإعلامية التي تعد ساحة أساسية للصحفيين والسياسيين، ضمن ملايين المستخدمين، لتبادل القصص والأخبار والأفكار على مدار الساعة في كل ركن بالعالم. وفور استحواذه عليها، وعد ماسك بالعمل على تعزيز حرية التعبير والديمقراطية في جميع أنحاء العالم. وقد استغنى عن أعداد كبيرة من العاملين، لكنه أكد أنه لن يتهاون مع الإساءات.

جيف بيزوس (واشنطن بوست) 
- اشترى مؤسس أمازون وثاني أغنى شخص في العالم (169 مليار دولار مقارنة بماسك 252 مليار دولار) صحيفة واشنطن بوست مقابل 250 مليون دولار في 2013. عندما تولى بيزوس منصبه، كانت صحيفة واشنطن بوست تتكبد خسائر فادحة. حينها قال عن الصحيفة: «هذه مؤسسة مهمة... إنها صحيفة عاصمة أهم بلد في العالم، وتلعب دوراً مهماً للغاية في هذه الديمقراطية. ليس هناك شك في ذلك في ذهني». في غضون ثلاث سنوات، بدأت الصحيفة تحقق أرباحاً. قال بيزوس في مقابلة في 2018: «أعلم أنه عندما أبلغ من العمر 90 عاماً، سيكون أحد أكثر الأشياء التي أفتخر بها، أنني اشتريت واشنطن بوست وساعدتهم خلال انتقال صعب للغاية».

روبرت مردوخ (تايمز، صنداي تايمز، ذا صن، فوكس نيوز، وول ستريت جورنال، نيويورك بوست، العديد من المنصات الإعلامية الأسترالية) 
- تولى مردوخ، إدارة صحيفة نيوز، وهي صحيفة صغيرة في أديلايد بعد وفاة والده عام 1952، ثم توسع بدرجة مخيفة حتى صار يملك إمبراطورية صحف بجميع أنحاء أستراليا، قبل دخوله المملكة المتحدة بشراء «نيوز أوف ذا وورلد» عام 1969. وفي السبعينيات، انتقل إلى نيويورك، واشترى أصولاً إعلامية بدأها بصحيفة نيويورك بوست.
في 2017، باع مردوخ الجزء الأكبر من شركات الترفيه 21st Century Fox التابعة لعائلته إلى والت ديزني في صفقة بقيمة 66 مليار دولار، لكنه احتفظ بالصحف وقناة فوكس نيوز الإخبارية الأميركية اليمينية. وفي أواخر الأسبوع الماضي ذكرت صحيفة الجارديان أن مردوخ أبلغ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بأن إمبراطوريته الإعلامية لن تدعمه إذا ما قرر خوض سباق الرئاسة عام 2024، مع صعود شعبية حاكم فلوريدا الجمهوري رون دي سانتيس.

مارك زوكربيرج (فيسبوك) 
- شارك زوكربيرج في تأسيس «فيسبوك» أثناء دراسته لعلم النفس في جامعة هارفارد عام 2004. في غضون شهر، كان لدى نصف زملائه الطلاب حساب على المنصة. الآن تم تسجيل حوالي 2.9 مليار شخص - أكثر من ثلث سكان العالم.
تمتد إمبراطورية زوكربيرج الاجتماعية إلى ما هو أبعد من فيسبوك..  إلى إنستغرام (اشتراها في 2012) وواتساب (استحوذ عليه في 2014).
وأواخر العام الماضي، غيّر فيسبوك اسمه إلى ميتا ليعكس طموحات زوكربيرج للسيطرة على عملية «التحول» إلى آفاق جديدة بالفضاء الإلكتروني.
يعد زوكربيرج، ضمن أغنى 12 شخصاً في العالم بثروة قدرها 78 مليار دولار، ويستحوذ على 58% من حقوق التصويت لأسهم ميتا، ما يمنحه فعلياً سيطرة شخصية على جميع المنصات الثلاث.
اتهمت المنصات بالتأثير على القصص الإخبارية التي يتعرض لها المستخدمون، وألقي اللوم عليها في المساعدة على انتشار المعلومات المضللة، خاصة خلال وباء فيروس كورونا.

ألكسندر ليبيديف (صحف ليبيديفز/نوفايا غازيتا، وإيفنينغ ستاندرد، الإندبندنت) 
- الثري الروسي والجاسوس السابق بجهاز الاستخبارات السوفييتي (كي جي بي) هو مالك جزئي لصحيفة نوفايا غازيتا الروسية الاستقصائية. في 2009، اشترى ستاندرد البريطانية مقابل 1 جنيه إسترليني، وفي العام التالي اشترى الإندبندنت مقابل 1 جنيه إسترليني. يدير الصحف ابنه يفجيني، وقد ضخت العائلة أكثر من 100 مليون إسترليني بتلك الصحف. وكانت ستاندرد مؤيداً قوياً لعمدة لندن آنذاك بوريس جونسون.

اللورد روثرمير (ديلي ميل، ميل أون صنداي، مترو و«ذي آي») 
- نجح جوناثان هارمسورث، وهو حفيد أحد مؤسسي صحيفة «ميل»، هذا العام في ضم الصحيفة، «ديلي ميل» و«جنرال ترست» (DGMT)، لملكيته الخاصة بعد 90 عاماً من وضعها كشركة مدرجة، بعدما دفع 1.6 مليار جنيه إسترليني مقابل 63% من الشركة التي لم يكن يمتلكها بالفعل.
وقدرت «برس غازيت» أنه يمتلك حوالي 39% من الصحف الوطنية البريطانية التي تباع كل أسبوع في المملكة المتحدة، مقارنة بـ 29% في 2010. ويقارن هذا مع نيوز كورب لروبرت مردوخ بنسبة 27.5%، بانخفاض من حوالي 30% قبل عقد من الزمان.

الإخوة باركلي (صحيفة التلغراف ومجلة سبكتاتور)
- اشترى التوأم الملياردير ديفيد وفريدريك باركلي صحيفة التلغراف ومجلة سبيكتاتور عام 2004. وكان الأخوان يمتلكان سابقاً صحيفة «ذا يوروب» و«ذا سكوتسمان» و«صنداي بيزنس». توفي ديفيد العام الماضي. وكان فريدريك وابنته أماندا قد رفعا دعوى قضائية ضد مجموعة من أقارب ديفيد بسبب مزاعم بالتنصت على المحادثات في فندق ريتز الذي كان يملكه الشقيقان سابقاً.

عائلة الملياردير الإيطالي أنييلي (مجلة الإيكونوميست)
- دفعت هذه الأسرة بالغة الثراء 287 مليون جنيه إسترليني لزيادة حصتها في الإيكونوميست إلى 43.4% في 2015 عندما باعت بيرسون أسهمها بعد بيع فاينانشيال تايمز. المساهمون الآخرون في الإيكونوميست هم مجموعة من العائلات فائقة الثراء: كادبوري (شوكولاتة)، روتشيلد (بنوك) وشرودرز (بنوك)، بالإضافة إلى بعض الموظفين الحاليين والسابقين.

باتريك دراهي (صحيفتا ليبراسيون وإكسبريس الفرنسيتان) 
- عاشق الفن، ملياردير الاتصالات الفرنسي الإسرائيلي المولود في المغرب، يرأس مجموعة «ألتيس» المالكة لشركات كبيرة في مجالي الاتصالات والإعلام أبرزها «فيرجين موبايل» و«أس أف أر» المشغلتان للاتصالات وقناة «بي أف أم تي في» الإخبارية وإذاعة «أر أم سي» وصحيفة «ليبراسيون». وتبلغ قيمة ثروته 12 مليار دولار. وقد اشترى في 2019 دار «سوذبيز» للمزادات بـ 3,7 مليار دولار.

لورين باول جوبز مجلة (ذا أتلانتيك)
- اشترت المليارديرة وأرملة المؤسس المشارك لشركة آبل، ستيف جوبز، باول جوبز، حصة أغلبية في مجلة «ذي أتلانتيك» عام 2017.