ساسي جبيل (تونس)

ذكر المؤرخون أن مدينة قفصة التونسية، هي بوابة الصحراء، وأقدم مدينة في القارة الأفريقية، حيث تعتبر حضارتها من أقدم الحضارات، وسكانها كانوا محبين للسلام وللعدل والعلم والزراعة والصناعة.
مدينة قفصة، هي كبرى مدن الجنوب الغربي للبلاد، تبعد عن العاصمة تونس نحو 360 كلم، وتحتوي واحاتها على أكثر من مائة ألف شجرة من النخيل، وبساتين قليلة من البرتقال واللّيمون والمشمش والتين وكروم العنب، والزيتون، وكثير من غروس الفستق. ويعمل جزء من سكانها في صناعة النسيج، حيث تعرف المدينة بإنتاجها لـ «المرقوم» و«الكليم» وسواه من أنواع السجاد اليدوي.

تاريخ وحضارة
وأكد الباحث عثمان السديري أن قفصة شاهدة على نمط الحضارة العريقة والآثار الموجودة في أوروبا، والتي تم العثور عليها بمدينة «أوروياك» بفرنسا.
وأضاف أن ظروفاً موضوعية ساعدت في نشأتها، خصوصاً مميزات موقعها الجغرافي الذي يزخر بوجود عدد كبير من عيون الماء الطبيعية التي مثلت شرياناً حيوياً للاستقرار. ويُعتبر معلم «القطار» القريب منها أقدم المعالم الدينية المكتشفة التي تجسد بناء بسيطاً أقامه الإنسان منذ آلاف السنين، ق.م.

فتح إسلامي
وقال السديري: توالت على مدينة قفصة حضارات عدة، مثل القرطاجنية والبونيقية، كما ظهرت الحضارة الرومانية بعدما احتلها الرومان في القرن الثاني قبل الميلاد ونمت المدينة لتتحول إلى ولاية، وتم تشييد حوضين كبيرين تحوط بهما جدران عالية مبنية بحجارة ضخمة. وتابع: بداية من 534 م، جعل البيزنطيون من قفصة عاصمة لإقليم «البيزاسانا» وعرفت ازدهاراً حضارياً في تلك الفترة، وقد بقيت آثاره إلى اليوم ومنها السور أو ما يعرف اليوم بالبرج، وهو معلم بيزنطي استغله أبو عبد اللّه الحفصي سنة 1434م وأسس على أنقاضه برجاً كبيراً، وهو إلى اليوم يميز مدينة قفصة قبل أن يتم استغلاله في الوقت الحاضر كمسرح في الهواء الطلق.
وأشار السديري إلى أن الفتح الإسلامي أتم مهمته في قفصة عام 693 م، على يد القائد العربي حسان بن النعمان بعدما كانت عاصمة لإقليم شاسع يعتبر أكبر ثالث إقليم في أفريقيا.  
وخلال الحقبة الاستعمارية الفرنسية، التي امتدت من 1881 إلى 1956، خضعت المنطقة إلى الحكم العسكري الفرنسي المباشر، ما دفع الأهالي إلى استخدام مختلف أشكال النضال، بما فيه المسلح، وعضدوا المقاومة الجزائرية باعتبار أن محافظتهم تعتبر إحدى أهم الأبواب التي تفتح على التراب الجزائري.