تامر عبد الحميد (أبوظبي)

شهد الفيلم المحلي تطوراً لافتاً في السنوات الماضية، عبر إنتاج أعمال نالت الصدى الكبير والانتشار الواسع بعد عرضها في السينما، وعلى المنصات الرقمية العالمية، وبالرغم من جهود صناع السينما نحو الحضور القوي للفيلم الإماراتي ومنافسته على شباك التذاكر، إلا أن مسألة توزيعه وتسويقه بشكل أكبر كانت تمثل لهم عائقاً كبيراً، خصوصاً أن التوزيع السينمائي كان محتكراً على موزعين من خارج الدولة، الأمر الذي دفع مخرجين ومنتجين إماراتيين مؤخراً إلى خوض هذا المجال وتأسيس شركات توزيع لدعم الفيلم المحلي والإسهام في انتشاره خارج نطاق المحلية إلى الخليجية والعربية، معتبرين أن هذه الخطوة إيجابية ومهمة لصناعة سينما حقيقية.

المخرج والمنتج عامر سالمين المري أسس مؤخراً «دستروبيوشن» للتوزيع السينمائي، كأول شركة توزيع رسمية في الإمارات، تولى من خلالها توزيع الفيلم الجديد «خلك شنب 2» الذي يُعرض في السينما المحلية، أكد أن قرار خوضه هذه التجربة كان صعباً، خصوصاً أنه من المتعارف عليه منذ سنوات أن من يتولى عملية التوزيع السينمائي للأفلام المحلية والعربية والعالمية موزعون من الخارج، لكن بحكم الخبرات التي اكتسبها في عالم صناعة «الفن السابع» والعلاقات الوطيدة والناجحة التي أقامها مع صناع السينما ومسؤولي المهرجانات في الوطن العربي والعالم، لكونه مؤسس ومدير عام مهرجان «العين السينمائي»، أهلته للتفكير في خوض هذا المجال، وبالتحديد بعدما حضر الدورة الـ75 من مهرجان «كان السينمائي الدولي» وكان لـ «العين السينمائي» حضور بارز في «سوق كان للأفلام»، والذي شاركت فيه أبرز المؤسسات السينمائية، وأهم المنتجين والموزعين والمخرجين من أنحاء العالم، لافتاً إلى أنها كانت فرصة ذهبية للتعرف إلى الآخر، واكتساب المعرفة في مجالات فنية متعددة، خصوصاً أن مسألة التوزيع لا تقتصر على شاشات السينما فحسب، بل تسويق الفيلم أيضاً في المهرجانات الدولية والمنصات العالمية.

دور محوري
وأوضح سالمين أنه استطاع توظيف هذه الإمكانات في خدمة السينما المحلية، خصوصاً أنه ومع مرور الوقت سيكون الموزع الإماراتي قادراً أن يلعب دوراً محورياً في رفع مستوى الحضور الجماهيري للأفلام الإماراتية ومنافستها بشكل أقوى في شباك التذاكر. وقال: مع الانفراجة السينمائية التي يشهدها الإنتاج المحلي للأفلام، كان من الضروري وجود الموزع الإماراتي الذي يمثل الهوية الإماراتية بعاداتها وتقاليدها وأنظمتها وقوانينها، كما أنه سيكون بمثابة «شبه رقيب» على الأفلام التي يتم عرضها في السينما، كونه سيتولى توزيع أفلام عربية وعالمية أيضاً.

حضور قوي
وجه المخرج والمنتج عامر سالمين شكره إلى مسؤولي صالات السينما المحلية الذين تعاونوا ووقفوا إلى جانبه، خلال خوضه أولى تجاربه في عالم التوزيع، عبر الجزء الثاني من الفيلم الإماراتي «خلك شنب»، حيث سعى جاهداً أن يكون للفيلم حضور قوي في أكبر عدد في دور العرض في صالات السينما الإماراتية

انتشار أكبر 
وأشار المنتج والمخرج ناصر التميمي، إلى أنه كصانع أفلام، يعرف جيداً أهمية عملية التوزيع السينمائي، حيث تحقق الانتشار الأكبر للأفلام، منوهاً إلى أنه بدأ توزيع أفلامه بشكل خاص محلياً من خلال شركته «NFT فيلمز»، في دور السينما والمنصات الرقمية وشركات الطيران، بعدها فكر في عملية توزيع الفيلم المحلي خارجياً، وبدأها بتوزيع أفلامه في دور العرض السينمائي في البحرين ومنها «قطرة دم» و«نحس إكس لارج»، كما وزع فيلمه «سفر اضطراري» في السعودية، موضحاً أن الفيلم حقق نجاحاً لافتاً لدرجة أنه تم تمديد العروض نظراً للإقبال الجماهيري.

وتابع التميمي: وجود الموزع الإماراتي أمر ضروري من أجل الحضور القوي للفيلم المحلي، خصوصاً أن صناع السينما الإماراتيين نفذوا أعمالاً مميزة في الطرح والمضمون والإخراج، وكان ينقصها الاهتمام الأكبر بمسألتي الدعم والتوزيع، وقال: أسست شركة «العاصمة» عام 2020، وتخصص جزء منها في قسم التوزيع، لدعم الفيلم الإماراتي، حيث بدأت بتوزيع الأفلام المحلية على شركات الطيران والمنصات الرقمية العالمية مثل «نتفليكس» لإيصال الفيلم المحلي عربياً وعالمياً، ومنها: «ولادة» و«دلافين» و«كروموسوم»، موضحا أنه وضع خطة لتوزيع الأفلام المحلية التي ستنفَّذ عام 2023، لتوزيعها سينمائياً وعبر منصات البث العالمية. 

ظاهرة غير صحية
وأيد المخرج والمنتج هاني الشيباني أهمية وجود «الموزع الإماراتي» في السوق السينمائي المحلي، وقال: الإنتاج والمونتاج والتصوير والتوزيع أهم عناصر صناعة السينما، وإذا نقص أحد هذه المكونات تتأثر عملية الصناعة بشكل عام، ومسألة احتكار مجال التوزيع لموزعين من خارج الدولة ظاهرة غير صحية، خصوصاً أنها تؤثر على الفيلم المحلي بشكل كبير. وأردف: صانع السينما الإماراتي لديه معرفة وخبرة قوية بكل القطاعات الفنية، وليس فقط فيما يخص الإنتاج، وخوضه عملية التوزيع السينمائي سيخدم وبشكل مهم حضور الفيلم المحلي وانتشاره خارجياً.

وأوضح الشيباني أن خوض مجال التوزيع السينمائي، مسؤولية كبيرة تقع على عاتق صانع السينما الإماراتي، لكن هذا الأمر يساعد وبشكل كبير في الاهتمام والحرص على وجود الفيلم المحلي في صالات السينما، وهذا ما لاحظناه بعدما تولى المخرج والمنتج عامر سالمين عملية توزيع فيلم «خلك شنب 2»، حيث نال العمل انتشاراً واسعاً بدور العرض السينمائي في الإمارات.

قنوات تواصل
صرح المخرج والمنتج هاني الشيباني أن الفيلم الإماراتي لا يوزع خارج نطاق المحلية، ومع وجود الموزع الإماراتي، الذي هو في الأساس صانع سينما، يستطيع بخبراته وعلاقاته الوطيدة في السوق السينمائي، أن يوفر قنوات تواصل لتوزيع الأفلام خليجياً وعربياً، الأمر الذي يفتح أبواباً جديدة لتكوين قاعدة جماهيرية أكبر للفيلم المحلي، منوهاً إلى أنه يحلم بصناعة سينمائية إماراتية حقيقية متكاملة العناصر، وتأتي خطوة التوزيع السينمائي لتكمل هذه الصناعة.

خبرة ودراية
وشدد المنتج علي المرزوقي على أهمية وجود شركات توزيع إماراتية، لخدمة الفيلم المحلي، واختيار الأفلام المنتقاة بعناية وعرضها في صالات السينما، بما يتناسب مع عادات وتقاليد المجتمع الإماراتي والمقيمين في الدولة، خصوصاً أن قرار توزيع الأفلام، سواء المحلية أو العربية أو العالمية، سيعود إلى صناع سينما إماراتيين لديهم من الخبرة والدراية التي تؤهلهم لانتقاء أفضل الأعمال التي تعرض على شاشات السينما.

وأضاف المرزوقي: عملية التوزيع للفيلم المحلي لا تسير بالشكل الصحيح، فعملية احتكار الموزع الخارجي في السوق الإماراتي تضعف وجود الفيلم المحلي، لذلك فإن وجود الموزع الإماراتي سيسهم في عملية توزيع الفيلم المحلي وخروجه من نطاق المحلية إلى الخليجية والعربية، وتسويقه بشكل أفضل على أبرز شاشات العرض في المنطقة والمنصات الرقمية العالمية، ما يساعد على تحقيق الانتشار والرواج الأكبر للفيلم المحلي.