بات علماء أميركيون على بعد خطوة من تطوير لقاح جديد يمكن أن يحمي من المتحورات المستقبلية من فيروس كورونا المستجد (المسبب لمرض كوفيد-19) ومن الفيروسات التاجية الأخرى. في سعيهم لتطوير هذا اللقاح الثوري، استخدم الباحثون في كلية الطب بولاية بنسلفانيا الأميركية أجزاء من فيروس سارس-كوف-2 أقل عرضة للطفرة من أجل هندسة بروتينات تسمى «مستثيرات المناعة» أو «مولِّدات المناعة» (immunogen) والتي يمكن أن تثير استجابة مناعية. يسمح بروتين يوجد على سطح فيروس كورونا (spike protein)، وهو هدف رئيسي للأجسام المضادة، للفيروس، بالدخول إلى الخلايا المضيفة من خلال الانخراط مع مستقبل يسمى الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 (angiotensin-converting enzyme 2، اختصارا ACE2). تستهدف اللقاحات الحالية مجال ارتباط المستقبل لهذا البروتين، ولكن قابلية مجال ارتباط المستقبل للطفرات توفر طرقًا لهروب الفيروس من الأجسام المضادة المعادلة. يقول نيكولاي دوكوليان «تستمر متغيرات فيروس كورونا المثيرة للقلق في الظهور بسبب قابلية البروتين للطفرات»، مضيفا «حددنا مناطق البروتين الأقل احتمالًا للطفرة واستخدمنا هذه المعلومات لهندسة بروتينات جديدة يمكن استخدامها لتطوير لقاح يحمي على نطاق أوسع ليس فقط من المتغيرات المستقبلية لكوفيد-19 ولكن أيضًا من الفيروسات التاجية الأخرى ذات الصلة». بعد أسابيع فقط من موافقة المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها على لقاح جديد ثنائي التكافؤ ضد كوفيد-19، نشر الباحثون دراسة حول تصميم وفعالية «مولِّدات المناعة» التي طوروها، والتي تستهدف الفيروس بطريقة مختلفة. على عكس اللقاحات الموجودة حاليًا في السوق، تم تصميم مولدات المناعة هذه بناءً على المناطق المحفوظة من البروتين وهي مناطق أقل عرضة للطفرة. صمم الفريق «مستثير المناعة» باستخدام علم الأحياء الحسابي لتحديد ثلاث مناطق من البروتين تظل محفوظة وثابتة في ملايين الطفرات النظرية التي يمكن أن تحدث مستقبلا. استخدم الفريق تقنية تُعطى فيها البكتيريا التعليمات الجينية لصنع البروتينات، لتكوين «مولِّدات المناعة» (immunogens) المصممة فعلياً. ثم تمت تنقية البروتينات ودراستها في المختبر للتأكد من أنها تتوافق بشكل وثيق مع نظيراتها الافتراضية. في النهاية، طور الباحثون أربعة مولِّدات مستقرة للمناعة استخدامات لتحصين الفئران، وأنتجت بعد ذلك أجساماً مضادة لفيروس كورونا. أنتج كل تصميم أجساماً مضادة بدرجات متفاوتة. لكن تصميماً واحداً، ED2، كانت له استجابة مناعية قوية. من خلال مزيد من الاختبارات، وجد الباحثون أن هذه الأجسام المضادة مرتبطة ببروتين «سبايك» الخاص بفيروس كورونا. كما قيّموا مدى ارتباط «مولِّدات المناعة» ED2 بعينات مصل من مرضى كوفيد-19 من البشر باستخدام الاختبارات الكيميائية المتخصصة التي طوروها. وجدوا أن الأجسام المضادة في عينات مصل مرضى كورونا كانت قادرة على الارتباط بمولِّدات المناعة ED2، مما يدل على أنه يمكن استخدامها أيضًا في تطبيقات التشخيص. نشر هذا البحث في مجلة «Advanced Functional Materials». وفقاً للباحثين، ستجرى المزيد من الدراسات لتحسين التصميم والاستجابة المناعية لمولدات المناعة. بمجرد إتقانها، يمكن استخدامها يوماً ما كلقاح ضد كورونا مرشح في التجارب السريرية. وقال ياشافانتا فيشويشواريا، الباحث في قسم علم الأدوية والمؤلف الأول لهذه الورقة البحثية «يمكن استخدام منهجيتنا ليس فقط مع فيروس كورونا المستجد والفيروسات الأخرى ذات الصلة، ولكن أيضاً للفيروسات المسببة للأمراض المهمة سريرياً»، مؤكداً «على حد علمنا، نحن أول من صمم «مولِّدات المناعة» بناءً على المناطق المحفوظة من بروتين سبايك في سارس-كوف-2. تُظهر»مولِّدات المناعة«المصممة نتائج واعدة ونخطط لزيادة تحسينها».