علي عبد الرحمن (القاهرة) 

تربع الفنان الكبير عادل إمام على عرش الفن طوال ستة عقود، اسمه علامة بارزة في تاريخ الكوميديا، لا ينافسه في جماهيريته أحد على مستوى الوطن العربي، ليظل الرقم الصعب والأعلى أجراً في تاريخ السينما المصرية، تطرق في أعماله للعديد من القضايا الشائكة، ورسم الواقع الاجتماعي والسياسي بطريقة كوميدية، هو المهندس الزراعي الذي استطاع أن يرسم البهجة ويسعد الملايين، احتفل مؤخراً بذكرى ميلاده الثانية والثمانين، بعد مسيرة فنية حافلة، قدم خلالها 168 عملاً، منها 131 فيلماً و15مسرحية و18 مسلسلاً درامياً و4 إذاعية، رافضاً التعقيب على ما يتردد حوله من شائعات، وآخرها شائعة إصابته بمرض «الزهايمر».
ولد عادل محمد إمام في قرية شها التابعة لمركز المنصورة بمحافظة الدقهلية (شمال القاهرة) في 17 مايو 1940، تميز منذ طفولته بحس فكاهي وخفة ظل، وكان المعلم بالمرحلة الابتدائية يطلب منه أن يقوم بقراءة اللغة الإنجليزية بطريقة تمثيلية، وكان من أوائل من شجعوه وأعجبوا بأدائه، ثم انتقل مع أسرته إلى حي السيدة زينب، والتحق بكلية الزراعة جامعة القاهرة، وخلال دراسته اكتشف شغفه الحقيقي بالتمثيل، بمشاركته في المسرح الجامعي.
بدأ إمام مشواره الفني بأدوار ثانوية على المسارح من خلال فرقة التليفزيون المسرحية، وفي العام 1963 وجد إعلاناً يطلب فيه فؤاد المهندس وجهاً جديداً لمشاركته العرض المسرحي «أنا وهو وهي»، وتقدم مع 90 شاباً، ووقع الاختيار عليه لتقديم شخصية «دسوقي»، وكيل المحامي المغلوب على أمره والناقم على أحواله بسبب عدم استكمال تعليمه، وذاعت شهرته بسبب عبارته الشهيرة «دى بلد بتاعة شهادات صحيح»، التي ظل يرددها طوال مدة العرض.

الانطلاقة 
وبالرغم من النجاح الذي حققه من خلال شخصية «دسوقي»، لم يستعجل عادل إمام البطولة المطلقة وظل طوال ثماني سنوات يلعب الدور الثانوي في العديد من الأعمال، وفي 1971 رشحه المخرج جلال الشرقاوي للمشاركة في مسرحية «مدرسة المشاغبين»، مع سعيد صالح، وأحمد زكي، وسهير البابلي، ويونس شلبي، لتكون شخصية «بهجت الأباصيري»، نقطة التحول بمسيرته ويصبح الرقم الأصعب والأهم في تاريخ الفن المصري وتربعه على عرشه.

المسرح 
وللمسرح مكانة خاصة عند عادل إمام، حيث شارك في أول عرض عام 1960 بعنوان «ثورة قرية» والتي كتبها عزت العلايلي، وشارك في بطولتها رشوان توفيق، لتتوالى أعماله المسرحية، وحققت آخر 5 عروض نجاحاً جماهيرياً منقطع النظير، بداية من «مدرسة المشاغبين»، ثم «شاهد ما شفش حاجة»، والتي استمر عرضها 8 سنوات، و«الواد سيد الشغال»، واستمر عرضها 7 سنوات، و«الزعيم»، التي تعد علامة فارقة في تاريخ المسرح حيث عرضت في أكثر من 12 دولة عربية، واستمر عرضها 7 سنوات، وآخر عروضه «بودي جارد»، والتي عرضت لمدة 11 عاماً لتصبح أطول مسرحية بالوطن العربي، وثاني مسرحية على المستوى العالمي بعد «مصيدة الفئران».

الدراما 
بدأ إمام مشواره الدرامي من خلال دور ثانوي في مسلسل «المانشيت الأحمر»، مع محمد رضا عام 1964، وظل في الأعمال الثانوية إلى أن قدم عام 1974 أول بطولة مطلقة له في «أحلام الفتي الطائر»، وحقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً، وأصبح نموذجاً للدراما الكوميدية، ثم عاد بعد عامين وقدم مسلسل «دموع في عيون وقحة»، ثم غاب 3 عقود بعدها عاد بقوة ليصبح أيقونة دراما الموسم الرمضاني لمدة 7 سنوات متصلة، بدأها بمسلسل «فرقة ناجي عطا لله» عام 2012، مروراً بـ«العراف» و«صاحب السعادة» و«أستاذ ورئيس قسم» و«مأمون وشركاه» و«عفاريت عدلي علام» و«عوالم خفية» العام 2018، وآخرها «فلانتينو» في 2020. 

السينمـا
قدم عادل إمام 131 فيلماً على مدار مشواره الفني، حيث شارك على مدى 9 سنوات من الفترة 1964 – 1973 في 32 فيلماً، قدم خلالها العديد من الأدوار الثانوية قبل أن يلعب أولى بطولاته المطلقة في فيلم «البحث عن فضيحة»، واستمر في تقديم العديد من الأفلام الكوميدية مثل «رجب فوق صفيح ساخن»، ونجح في جذب انتباه الجمهور بشخصية الشاب المتعلم أو الريفي الساذج. وشهدت الثمانينيات توهج الفنان الكبير سينمائياً بسبب التنوع في أنماط شخصياته بين التراجيديا والكوميديا، بين اللص الراغب في التوبة في «المشبوه»1981، والصحاي الساعي لتحقيق العدالة ولو بنفسه في «الغول»، أو الريفي الذي ينجح في تكوين ثروة في «المتسول» العام 1983، أو لاعب الكرة «الشراب» الذي يواجه قسوة المدينة بعد الانفتاح في «الحريف»، والمحامي «حسن سبانخ» الفهلوي في «الأفوكاتو»1984، شخصيات متناقضة نجح في تجسيدها، فكانت تدعم صورة البطل الجديد ببنطاله الجينز وخفة ظله. واصل عادل إمام نجاحه خلال الثمانينيات على نفس المنوال، خاصة مع أفلام أكثر إبهاراً وضخامة على المستوى الإنتاجي مثل«النمر والأنثى»، و«المولد»، ودخل في مواجهة مع النقاد بعد تقديمه أعمالاً ذات طابع سياسي مباشر، وتعاونه مع السيناريست وحيد حامد، والمخرج شريف عرفة، بدأها بفيلم «اللعب مع الكبار»1991، ثم «الإرهاب والكباب» في العام التالي، ثم «المنسي» و«طيور الظلام»، «النوم في العسل»، و«الإرهابي» مع المخرج نادر جلال والكاتب لينين الرملي.
حملت أفلام إمام الكوميدية العديد من الإسقاطات السياسية والمجتمعية، فناقش قضية الوحدة الوطنية في فيلم «حسن ومرقص»، كما ناقش فساد الأثرياء في «بوبوس»، وفي آخر أفلامه «زهايمر» ناقش العلاقات بين الآباء والأبناء.

الحياة العائلية 
تزوج عادل إمام مرة واحدة في عام 1973 من هالة الشلقاني، شقيقة مصطفى متولي، ويروي أنه شاهدها للمرة الأولى عند سمير خفاجة بالمسرح وكانت تطل من نافذته، إلا أن أسرتها رفضته بسبب حالته المادية وكونه ممثلاً في بداية مشواره ومع إصرارهما تم الزواج، وأنجبا 3 أبناء هم رامي وسارة ومحمد، وله 8 أحفاد.

نجم الجوائز
حصد الفنان الكبير عادل إمام العديد من الجوائز والأوسمة تقديراً لمشواره الممتد لأكثر من 6 عقود، منها وسام «الكفاءة الفكرية» من الملك حسن الثاني لعام 1997 أثناء عرض مسرحية «الزعيم» بالمملكة المغربية، وفي 2016 منحه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الوسام الوطني للاستحقاق في قطاع الثقافة، ونال جائزة الإنجاز مدى الحياة من مهرجان دبي السينمائي مرتين، الأولى 2005 والثانية 2008، وجائزة أفضل ممثل من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي مرتين، الأولى 1995 عن فيلم «الإرهابي»، والثانية 2007 عن فيلم «عمارة يعقوبيان»، وجائزة الإنجاز الإبداعي في الدورة الأولى من مهرجان الجونة العام 2017.

سفير النوايا الحسنة 
يعد إمام أول فنان عربي يتم اختياره سفيراً للنوايا الحسنة من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في عام 2000، لرفع الوعي حول مشاكل اللاجئين في الدول الناطقة باللغة العربية.

الإمارات.. مكانة خاصة 
وعن دولة الإمارات، قال الزعيم في تصريحات سابقة خاصة لـ«الاتحاد»:«إن دولة الإمارات لها مكانة خاصة في قلبي، وأعشق شعبها الطيب المتسامح المحب للفنون، بالإضافة إلى مواقف الحكام العظماء وشعبها تجاه مصر ومساندتهم لها دائماً في كل المواقف»، مضيفاً:«حفظ الله الشعوب العربية كافة من كل شر وسوء».