خولة علي (دبي) 

الخط العربي، فن روحي يتدفق من أقلام الخطاطين العرب والمسلمين منذ قرون بلا انقطاع، ومازال يواصل هذا الفن انتشاره على يد كل فنان وجد فيه البريق السحري في تشكيل حروفه وبناء عمل فني بديع من وحي الكلمة والمفردة، واستخدم الأمثال والحكمة وأبيات الشعر في لوحة تشكيلية متماسكة من حيث المضمون والشكل، هذا ما يتجلى في أعمال الخطاطة والفنانة التشكيلية نرجس نور الدين، التي تحمل أعمالها دلالات فنية عميقة محققة إحساساً بصرياً ونفسياً، وإيقاعات غاية في الرقي والجمال تقترب من الفنون الأوبرالية التي تحمل عنوان الدهشة. 

بدايات
ظهرت موهبة نرجس نور الدين الفنية في الخط والرسم منذ أولى مراحلها الدراسية، مما شكل لديها أساساً لتقف عليه وتنطلق في رحاب الفن وتنهل من علومه وفنونه، واغتنمت فرصة النشاط الثقافي والفني التي شهدتها الدولة لتتواجد في ساحاته من خلال الاطلاع والمشاركة، لتترك بصمتها في هذا العالم الفسيح بالأفكار المتوجة بإبداع وخبرات الفنانين، وكانت مشاركتها في مهرجان الفنون الإسلامية بالشارقة عام 2002، بمثابة أول ظهور لها على الساحة الفنية. 
وتقول نرجس «بعد انتسابي لبيوت الخطاطين في الشارقة، وهو مركز فريد على مستوى العالم، حظيت بأساتذة من الخطاطين أمثال الفنان خالد الساعي الذي تعلمت على يديه مستوى جديداً من المهارة والإجادة، فحصلت على جائزة في مسابقة أرسيكا عام 2004 في إسطنبول، وهي المسابقة التي تخطف أنظار كل الخطاطين في العالم». 

  • نرجس نورالدين

جماليات فريدة
وعن جمال الخط العربي وقيمته الفنية، تشير نور الدين قائلة «إن الخط العربي يختزل جماليات فريدة من نوعها وتعقيدات يصعب إدراكها منذ الوهلة الأولى، إلا أن بساطته تدهشنا، فقد تطور على مدى القرون الماضية على أيدي كبار الخطاطين ويتميز عن باقي الخطوط بطواعيته ومرونته، ويمتلك ميزة لا تملكها الخطوط الأخرى وهي اتصالها ببعضها الآخر وتغير شكلها مع كل ترابط، ما يعني أن هناك مساحة كبيرة للإبداع». 
أما عن مدى ترابط الخط العربي مع الفن التشكيلي، فترى نور الدين أن فن الخط العربي هو أعلى وأرقى درجة في الفن التشكيلي، تأكيداً لما قاله بيكاسو، وهو في أوج اكتشافه لمذاهب فنية جديدة «إذا كان هناك شيء مفقود في الفن التشكيلي فقد وجد في جماليات الخط العرب».

الخط الديواني
وتؤكد نرجس أن خط الجلي الديواني هو المفضل لديها، وهو ما يوائم شخصيتها على حد قولها، وقد حصلت على جائزة دولية في هذا الخط عام 2003، ويتميز هذا النمط من الخط باستدارات حروفه، فكل حروفه مقوسة، كما يتميز بمرونة التقاء الحروف وتلاصقها، فهو خط لين مطواع ويسهل تشكيله واستخدامه في الخامات والتصاميم المختلفة، كما استخدمت أيضاً الخط الكوفي وخط الثلث والنسخ والنستعليق والسنبلي وخطوطاً أخرى، فكل عمل أو تصميم يفرض عليها استخدام خط معين وهذا ما يميز كل عمل عن الآخر. 

لوحات ومجسمات 
شاركت نور الدين في العديد من المعارض المتخصصة محلياً وعالمياً، كما نفذت لوحات فنية ومجسمات لمصلحة العديد من مشاريع الدولة، منها مشاريع شركات إعمار وديار ودبي العقارية، وواجهة مبنى الإدارة العامة للجنسية والإقامة بدبي، كما قامت بتنفيذ الخطوط في «ديوان فتاة العرب» في متحف المرأة بدبي، وعملت أيضاً مع فريق الأوبرا الملكية (لندن) لتنفيذ أوبرا مستوحاة من لوحات حروفية لها في شعر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، كما صممت العديد من الإبداعات منها تصميم زجاجة عطر للماركة العالمية الشهيرة «هرميز»، وشاركت في العديد من الورش الفنية للماركات العالمية. 
وتحاول نور الدين جاهدة نشر ثقافة الخط بين الأجيال، من خلال تدريس الخط عبر ورشات عامة، وبمساندة زوجها، أسسا معاً منذ عام 2012 «مؤسسة أرابسك للفنون»، ومن خلالها يتم تنظيم المعارض الفنية والورش والمسابقات السنوية في الخط العربي. 

مسيرة فنية
نور الدين حاصلة على بكالوريوس من كلية الفنون والصناعات الإبداعية في جامعة زايد في التصميم الداخلي، بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف، لكنها عملت في المجال المصرفي حتى عام 2006، ثم تفرغت للنشاط الفني، فقصدت إسطنبول لدراسة خط الثلث على يد الشيخ حسن جلبي والأستاذ داوود بكتاش، ثم طهران لدراسة خط النستعليق (الفارسي) على يد الأستاذ عباس أخوين، وقد تعلمت الكثير على يد أساتذة المدرستين اللتين تعدان قطبي فن الخط العربي منذ قرون، وحالياً تدرس الماجستير تخصص علوم الأنيميشن والغرافيك.