شعبان بلال (القاهرة)

غادرت السفن الخشبية مياه البحار بعد أن جالت لقرون بين البلدان حاملة للتجارة والثقافة العربية، واحتلت السفن الجديدة العملاقة مكان تلك المراكب التراثية التقليدية، لذلك حاول الفنان العراقي الشاب أسعد الصياد توثيق لحظات من حياة تلك السفن الخشبية وإعادتها إلى رونقها وما كان لها من الهيبة والأهمية.
الجالبوت، السفن الشراعية، السفار والسنبوك هي بعض نماذج السفن صنعها الصياد على مدار 12 عاماً، بعد أن غيّر مهنته من العمل كمدرس لغة عربية إلى نحات على الطين والحجر ثم رسا على شاطئ السفن الخشبية لتصبح عمله الأساسي.

يحكي الفنان العراقي لـ «الاتحاد الأسبوعي» رحلته فقد درس تاريخ تلك السفن واستخداماتها المختلفة وتواصل مع أشهر صناع السفن الخشبية في الهند ليتعرف على مسميات أجزاء السفن وطريقة عملها قبل أن يبدأ في نحتها وتعرف عن قرب على كل نوع من أنواعها، فالأمر ليس حرفة يدوية يبدع فيها الصياد ولكن أكثر من ذلك، حيث يحاول الحفاظ على تراث السفن العربية التي طالما ملأت الخليج العربي. بعدها حاول أن يتعرف على مراحل بنائها وأعاد تنفيذها من خلال استخدام الأخشاب المتنوعة، ولكنه يفضل الأخشاب التي تخلفها الأبواب القديمة ليمعن في إضفاء اللمسة العتيقة على عمله الفني ولإثباتها لدرجة جودتها على مر الزمان.

الصبر هو المهارة الأساسية في عمل النحات الخشب، فالكثير من المهارات اليدوية يتطلبها النحت على الخشب، نظراً لدقة العمل وصعوبته، إلا أن الصياد يؤكد أن الأهم هو الصبر والعين الدقيقة التي تلتقط التفاصيل وترسلها إلى اليد لتعيد تجسيدها كما كانت في الماضي. ورغم أن العديد من المتخصصين في هذا المجال يذهبون إلى مواد أخرى غير الخشب، لأن الخطوط الرفيعة فيه تعيق الوصول إلى الشكل الفني المناسب، إلا أنه تحدى الأخشاب وطوعها ليصنع منها سفناً عربية تروي الكثير عن تاريخ وتراث شاطئ العرب.

وواجه الصياد بعض الصعوبات في بداية عمله، فقد بدأ من ورشة صغيرة  وصنع أدوات النجارة بيديه إذا لم يجدها في المتاجر المحلية، ومن داخل منزله وصلت أعماله إلى كل مكان في مدينة البصرة العراقية، وعبر مواقع التواصل الاجتماعية وصل إلى منافذ بيع في عدة دول عربية، ولكن ما زالت كل أعماله حبيسة المنزل الصغير ولم تحصل على تمويل كبير من رواد الأعمال في العالم العربي.