أحمد مراد (القاهرة)

على عمق آلاف الأمتار في قيعان البحار والمحيطات، تقبع عشرات السفن بما تحمله من كنوز غارقة منذ مئات السنين، ورغم محاولات عديدة لا تنقطع للعثور عليها وانتشالها، إلا أن هذه المحاولات لم تفلح سوى في حالات قليلة جداً، وما زال الكثير من هذه السفن غارقاً، وما زالت أسرارها وكنوزها غامضة.

تايتانك.. قصر تحت الماء
في الخامس عشر من أبريل عام 1912، غرقت السفينة الإنجليزية الشهيرة «تايتانك» نتيجة اصطدامها بجبل جليدي في شمال المحيط الأطلسي، خلال رحلتها الأولى من ساوثامبتون إلى نيويورك، وكانت تحمل 2223 راكباً إلى جانب طاقم السفينة، وغرق منهم 1517 شخصاً، وتم إنقاذ 706 أفراد في قوارب النجاة.
السفينة الشهيرة كانت عبارة عن قصر عائم، وبُنيت في بلفاست، وكانت الأكبر في العالم في وقتها، وبلغت تكلفتها 7.5 مليون دولار في أوائل القرن العشرين، أي ما يعادل 183.4 مليون دولار الآن، واستغرقت أعمال البناء 26 شهراً، واستخدم 3 ملايين مسمار في بناء الهيكل الذي بلغ وزنه 26 ألف طن. وخلال رحلتها الأولى تباينت أسعار تذاكر الدرجة الأولى، وكان أرخصها 30 جنيهاً إسترلينياً، أي ما يعادل نحو 4000 يورو الآن.
ظل الكثيرون يبحثون عن حطام السفينة لسنوات طويلة، وبعد 73 عاماً من حادثة الغرق، تمكن عالم آثار البحار، روبرت بالارد، من تحديد موقع الحطام في شمال المحيط الأطلسي، وتصويره لأول مرة، وعُثر على حطامها مقسومة إلى جزءين على عمق 3800 متر قبالة ساحل «نيوفاوندلاند»، واستقرت الميكروبات في حطام السفينة، الأمر الذي عمل على تحللها، حتى تفتت إلى قطع صغيرة، ويتوقع العلماء أن يختفى حطام السفينة بحلول عام 2030.

ميرشانت رويال.. «السفينة الذهبية»
توصف السفينة «ميرشانت رويال» بـ «السفينة الذهبية»، حيث إنها فُقدت في البحار، وهي تحمل كنوزاً تقدر قيمتها الآن ما يزيد على 1.1 مليار  جنيه إسترليني أو ما يعادل 1.43 مليار دولار.
وكانت السفينة الذهبية غرقت قبالة السواحل البريطانية في عام 1641 بسبب سوء الأحوال الجوية، وكانت عائدة إلى بريطانيا من إسبانيا محملة بالآلاف من البضائع التي تعاقد عليها تجار وأثرياء بريطانيون، بالإضافة إلى العديد من القطع الأثرية والعملات المعدنية.
وكان على متن السفينة 36 مدفعاً من البرونز، ونصف مليون قطعة بيزو إسبانية فضية، و100 ألف رطل من الذهب، و400 قطعة من الفضة المكسيكية، ومئات من الأحجار الكريمة تتنوع ما بين الياقوت والألماس والزمرد واللؤلؤ.
وعلى مدى سنوات وعقود طويلة، سعت العديد من فرق الإنقاذ إلى استعادة حطام السفينة، ولكنها لم تنجح، وفي عام 2020 أعلن العلماء عن العثور على مرساة في البحر يرجح أن تكون تابعة للسفينة «ميرشانت رويال»، الأمر الذي سوف يساعد في البحث عن الكنز الغارق تحت الماء.

ماري روز..  400 عام في الوحل
تُعد السفينة «ماري روز» من أقوى وأشهر السفن الحربية الإنجليزية، وصُنعت في عهد الملك هنري الثامن، وبُنيت بين عامي 1510 و1512، وتميزت بقوة أسلحتها وبنائها المتقن، وشاركت في العديد من الحروب، وأبلت بلاءً حسناً في الحروب الإنجليزية الفرنسية الأربع. وفي عام 1545، غرقت السفينة ماري روز خلال معركة مع الأسطول الفرنسي في ميناء بورتسموث على الساحل الجنوبي لإنجلترا، ولم ينج من طاقهما البالغ 400 فرد إلا 40 شخصاً فقط، وعُثر عليها بعد 400 عام من غرقها، وبالتحديد في عام 1971، وتمت استعادة أكثر من 10 آلاف قطعة أثرية منها.
وفي عام 1982، تم انتشال حطام السفينة، وحُفظت مقتنياتها في متحف مخصص لها في مدينة بورتسموث البريطانية، وبلغ عدد هذه المقتنيات 28 ألف قطعة، شملت أسلحة ونقوداً ومدرعات ورسائل شخصية. ويعرض المتحف المخصص لحطام سفينة ماري روز آلات موسيقية، وعظاماً، وبقايا طعام، وكنوزاً تعود إلى حقبة سلالة تيودور، وقد أسهم الوحل الذي طُمرت فيه السفينة وكنوزها في الحفاظ عليها.
وشارك ‬500 غطاس على مدى سنوات عدة في أعمال التنقيب عن أغراض السفينة، ونُقلت آلاف الأغراض المنتشلة من السفينة إلى المتحف.

سانتا روز.. 5 أطنان ذهب
توصف السفينة «سانتا روز» بأنها أشهر السفن البرتغالية الغارقة، وغرقت قبالة سواحل سلفادور بعدما قضت النيران على محتوياتها، وذلك خلال رحلة إبحارها من البرازيل إلى البرتغال في عام 1762، وكانت محملة بأكثر من 5 أطنان من الذهب، وكميات هائلة من البارود، وراح ضحيتها 700 شخص كانوا على متنها.

فلور دي لامار ..   «زهرة البحار» 
السفينة البرتغالية المعروفة بـ«فلور دي لامار» أو «زهرة البحار» كانت تُعد واحدة من أعظم سفن الأسطول البرتغالي على الإطلاق، وقد بلغ طولها 118 قدماً، وارتفاعها 111 قدماً، بينما بلغ  وزنها 400 طن.
وغرقت السفينة في عام 1511، ويقدر بعض الخبراء قيمة الكنوز التي كانت تحملها بنحو 3 مليارات دولارات، وفيها نهب الأدميرال، الفونسو دي البكويرو، أموالاً وممتلكات مملكة ملقا القديمة «ماليزيا حالياً» بعد رفض طلبه للحصول على إذن بالتجارة في البلاد، وحُملت السفينة على مدار ثلاثة أيام بأكثر من 60 طناً من الذهب، و200 صندوق من الأحجار الكريمة ما بين ألماس وزمرد وياقوت، ومئات السبائك المعدنية. وكانت السفينة عندما غرقت تسير في مضيق «ملقا»، واصطدمت بشعاب مرجانية قبالة سواحل سومطرة خلال وجود عاصفة قوية، وغرق معها 400 شخص كانوا على متنها.
وعلى الرغم من المحاولات العديدة للبحث عن حطام هذه السفينة وكنوزها، إلا أنه لم ينجح أحد حتى الآن في العثور عليها، وتمثلت أشهر هذه المحاولات في محاولة الشركة السنغافورية «جنوب شرق آسيا للإنقاذ» بعد حصولها على موافقة السلطات الإندونيسية في عام 1989، ولا تزال السفينة حتى اليوم قابعةً في قاع البحر.

فاسا.. غرقت في أول إبحار
تُعد السفينة «فاسا» واحدة من السفن البحرية العملاقة، وكانت تمثل السفينة الرئيسة للقوات البحرية السويدية، ويعود تاريخ بنائها إلى عام 1626 حينما طلب ملك السويد، غوستافوس أدولفوس، بناء السفينة ليخوض حرباً ضد بولندا، وبعد عامين من العمل في بناء السفينة تسلمها الملك، ولكنها غرقت قبل أن تغادر ميناء ستوكهولم بسبب خطأ في بنائها.
وعلى مدى 330 عاماً، ظلت السفينة قابعة في أعماق بحر البلطيق، حتى تم انتشالها في عام 1961 ونقلها إلى متحف كبير في ستوكهولم، واعتباراً من عام 1999 بدأ عرض حطامها في متحف ستوكهولم، حيث تُغسل أخشابها باستمرار بأمطار من المواد الحافظة. وفي عام 1995، توصل فريق من العلماء إلى سبب غرقها، وأرجعوه إلى التغييرات التي أُدخلت على تصميم السفينة حيث جعلتها أكثر ثقلاً ما أثر على توازنها واستقرارها، فضلاً عن هبوب عاصفة قوية من الرياح.