اكتشف فريق طبي جزيئا يمكنه تحديد تطور مرض السكري قبل أن تبدأ الأعراض الأولى في الظهور.
ومعروف أن مرض السكري هو اضطراب استقلابي حاد ومتزايد يؤثر على ملايين الأشخاص في العالم. حيث يؤدي نمط الحياة القائم على عدم الحركة والنظام الغذائي الغني إلى إتلاف خلايا "بيتا" في البنكرياس، مما يؤدي إلى ظهور هذا المرض. 
إذا اكتشف المرض مبكرًا بدرجة كافية، يمكن عكس تقدمه. لكن أدوات التشخيص، التي تسمح بالكشف المبكر، غير متوفرة. للتغلب على هذا النقص، اكتشف فريق من جامعة جنيف في سويسرا، بالتعاون مع العديد من العلماء الآخرين، أن انخفاض مستوى السكر المعروف باسم: "1،5-أنهيدروجلوسيتول" في الدم هو علامة على فقدان خلايا "بيتا" الوظيفية. تنخفض تركيزات 1.5-أنهيدروجلوسيتول في الدم خلال أوقات ارتفاع السكر في الدم فوق 180 مجم / ديسيلتر، وتعود إلى المستويات الطبيعية بعد حوالي أسبوعين في حالة عدم وجود ارتفاع السكر في الدم. 
يمكن استخدام هذا الجزيء، الذي يسهل التعرف عليه عن طريق فحص الدم، لتحديد تطور مرض السكري لدى الأشخاص المعرضين للخطر، قبل أن يصبح الوضع لا رجعة فيه.
نشرت نتائج هذه الدراسة في "the Journal of Clinical Endocrinology & Metabolism".
يشرح بيير ميشلر، الأستاذ في قسم فسيولوجيا الخلايا والتمثيل الغذائي وفي مركز السكري في كلية الطب بجامعة جنيف والذي قاد هذا العمل "تحديد الانتقال من مرحلة ما قبل السكري إلى مرض السكري أمر معقد، لأن حالة الخلايا المصابة، والتي تنتشر بكميات صغيرة جدًا في البنكرياس، يستحيل تقييمها كميًا دون تدخل جراحي. لذلك، اخترنا استراتيجية بديلة: وهي العثور على جزيء ترتبط مستوياته في الدم بالكتلة الوظيفية لخلايا بيتا من أجل الكشف غير المباشر عن تغيرها في مرحلة ما قبل السكري، قبل ظهور أي أعراض".

سكر يكشف حالة خلايا "بيتا"
قبل سنوات عدة، شرع العلماء في تحديد مثل هذا الجزيء القادر على اكتشاف أمور تسبق الإصابة بالسكري. كانت الخطوة الأولى هي تحليل آلاف الجزيئات في نماذج من الفئران الصحيحة، وأخرى في مرحلة ما قبل السكري، وفئران ثالثة مصابة بالسكري. من خلال الجمع بين تقنيات البيولوجيا الجزيئية القوية ونظام التعلم الآلي (الذكاء الاصطناعي)، تمكن فريق البحث من تحديد، من بين آلاف الجزيئات، أفضل ما يعكس فقدان خلايا "بيتا" في مرحلة ما قبل السكري، ويسمى ذلك الجزيء: 1،5-أنهيدروجلوسيتول، وهو سكر صغير، يشير انخفاضه في الدم إلى وجود نقص في خلايا "بيتا".
بتشجيع من هذه النتائج التي تم الحصول عليها على الفئران، انتقل فريق البحث بقيادة بيير ميشلر إلى الخطوة التالية: تحديد مدى ملاءمة هذه النتائج للإنسان. بالتعاون مع العديد من العلماء،  قارن فريق ميشلر مستويات  1،5-أنهيدروجلوسيتول في مرضى السكري مع غير المصابين به. 
تقول سيسيليا خيمينيز سانشيز، زميلة ما بعد الدكتوراه في قسم فسيولوجيا الخلية والتمثيل الغذائي والمؤلف الأول للدراسة "تمكنّا من ملاحظة انخفاض في هذا السكر (1،5-أنهيدروجلوسيتول) لدى مرضى السكري. كان هذا محفزًا للغاية، خاصة أن هذا الانخفاض كان ملحوظًا بغض النظر عن أعراضهم، حتى قبل ظهور مرض السكري".

أداة محتملة لتشخيص مبكر
يوضح بيير ميتشلر أن "مرض السكري هو مرض معقد تحدث فيه العديد من التغيرات الأيضية بالتوازي. لذلك، كان من الضروري اختبار مدى ملاءمة هذه العلامة لدى الأشخاص الذين يعانون من فقدان مفاجئ لخلايا بيتا الخاصة بهم ولكن في غياب الاضطرابات الأيضية"، مضيفا "من خلال دراسة مستوى 1،5-أنهيدروجلوسيتول لدى الأفراد، الذين تمت إزالة نصف البنكرياس جراحيًا منهم، تمكنّا من إثبات أن 1،5-أنهيدروجلوسيتول هو مؤشر دم للكمية الوظيفية لخلايا بيتا في البنكرياس".
يفتح هذا الاكتشاف آفاقًا جديدة للوقاية من مرض السكري، وخاصة للأشخاص المعرضين للخطر. يمكن عبر أخذ عينة دم بسيطة متبوعًا باختبار محدد غير مكلف أن يحدد بداية محتملة لمرض السكري لدى هؤلاء الأشخاص، مما يدفع إلى اتخاذ إجراءات قبل أن يصبح الوضع لا رجعة فيه. 
يختتم ميشلر "ما زلنا نخطط لاختبار مدى ملاءمة هذا السكر (1،5-أنهيدروجلوسيتول) على أنواع مختلفة من المرضى وعلى فترات زمنية مختلفة، ولكن يمكن أن يؤدي (هذا البحث) إلى تقدم كبير في مراقبة الأشخاص المعرضين للخطر" بالإصابة بمرض السكري.