نيويورك (الاتحاد)

 بالطبع من المفترض أن لا علاقة مباشرة بين مجلة «فوغ» الشهيرة المتخصصة في الأزياء والمرأة وأحدث خطوط الموضة والمشاهير، وبين السياسة. فالاثنان بينهما مسافة بعيدة للغاية. لكن من حين إلى آخر، تنشر المجلة الأنيقة بعض القصص السياسية من باب أن لا تناقض بين الجمال والأناقة وقضايا وشظايا السياسة. والبعض يعتبر ذلك محاولة لاستغلال المرأة أحيانا في الترويج لتوجهات سياسية معينة بطريقة ناعمة جدا وجذابة.. والبعض الآخر يرى أن لا غضاضة.. فالسياسة - حتى ولو وصلت إلى مرحلة الحرب - قضايا حياتية تهم الجميع، بما في ذلك المرأة، خاصة لو أن للمرأة هنا دوراً أساسياً يمكن أن تقوم به.
وقد سبق أن ظهرت على أغلفة المجلة.. أسماء الأسد قرينة الرئيس السوري وميشيل أوباما (ثلاث مرات)، وكمالا هاريس. بل إن البعض اعتبر عدم ظهور ميلانيا ترامب، ولو على غلاف واحد، برغم أناقتها وجمالها ومسيرتها السابقة كعارضة أزياء، كما لو أنه موقف سياسي من زوجها وتوجهاته.
مؤخرا تجدد الجدل، عندما ظهرت السيدة الأولى في أوكرانيا، أولينا زيلينسكا قرينة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على غلاف النسخة الرقمية لمجلة «فوغ». بدت أولينا في الصورة التي التقطت لها وهي جالسة على درج بالقصر الرئاسي في كييف بسيطة وحازمة وجميلة أيضاً.. ومع أن هذه ليست المرة الأولى التي تظهر فيها أولينا بالمجلة، إلا أن توقيت نشر الغلاف والمقابلة المطولة معها، أثارا ضجة، لما اعتبره كثيرون نموذجاً صارخاً على محاولة صحافة المرأة، استغلال المرأة أو استثمار حضورها - بطريقة أو بأخرى- لتبني قضايا ومواقف سياسية معينة. بل تساءل البعض: لماذا تقحم مجلة معروفة صلاتها التاريخية بنخبة الأرستقراطية والأثرياء والقضايا السطحية جداً، لماذا تقحم نفسها في السياسة وتعقيداتها؟ رد آخرون قائلين إن الموضة تمثل شغفاً إنسانياً عالمياً بالجمال والأناقة، لا يمكن أبدا عزله عما يدور حولنا في العالم، كما أنها صارت تمثل جزءاً أصيلاً من الثقافة وأساليب الحياة التي تتبناها مختلف شعوب العالم، مهما كانت التباينات بينها.
ولذا فانه يحق للجميع استغلالها كوسيلة فعالية للتعبير عن مواقف محددة هنا أو هناك.. ويتوقف الأمر طبعا على مدى قوة ونفوذ وانتشار الوسائط الإعلامية التي يتم استغلالها في هذا الصدد.