أحمد مراد (القاهرة)
هل تخيلت يوماً أن يصبح جميع سكان كوكب الأرض «مليارديرات»؟!.. هذه فرضية مستحيلة، ولكنها قد تتحول إلى حقيقة إذا ما نجح العلماء في استغلال مليارات الأطنان من المعادن الثمينة الموجودة على كويكب معروف باسم «سايكي»، وجلبها إلى الأرض.. فما هو سايكي؟.. وما أسراره ومكوناته؟
يشبه شكل البطاطس
في عام 1852، اُكتشف كويكب سايكي لأول مرة على أيدي عالم الفلك الإيطالي، أنيبال دي جاسباريس، وأطلق عليه اسم «Psyche» نسبة إلى آلهة الروح اليونانية الأسطورية. علماً بأن كلمة «Pcyche» الإنجليزية تعني «الروح»، وتُنطق «سايكي».
ورغم أنه لم يتم إرسال أي مهمة فضائية لدراسة الكويكب حتى الآن، إلا أن العلماء يعتقدون أنه يشبه إلى حد ما شكل البطاطس، وذلك بناء على عمليات عديدة أجراها العلماء لملاحظة الكويكب من خلال موجات الأشعة تحت الحمراء والرادار.
بين مداري المريخ والمشتري
يقع كويكب سايكي في منطقة بين مداري كوكبي المريخ والمشتري، ويتكون من معدن صلب، ويعتقد العلماء أنه تشكل في الاصطدام الكبير خلال مرحلة تشكل النظام الشمسي.
كما يعتقد العلماء أن الكويكب نجا من الاصطدامات العنيفة بين الكواكب التي كانت شائعة عندما كان النظام الشمسي يتشكل. وبحسب وكالة الفضاء الأميركية «ناسا»، فإن هذا الأمر يعني أن كويكب سايكي يمكن أن يخبرنا كيف تشكلت نواة الأرض ونوى الكواكب الأخرى.
200 كيلو متر
يُعد كويكب سايكي أحد الكويكبات العشرة الكبيرة في حزام الكويكبات، ويزيد قطره على 200 كيلومتر، ويشكل الكويكب وحده حوالي 1% من كتلة حزام الكويكبات بأكمله.
ووفقاً لدراسة حديثة نُشرت في أكتوبر من العام 2020، فإن سايكي يوصف بأنه الجسم الأكبر على الإطلاق في حزام الكويكبات الرئيسي الذي يدور بين كوكبي المريخ والمشتري، ولا يشبه الصخور الفضائية التقليدية في شيء.
10 مليارات مليار دولار
يُطلق على كويكب سايكي لقب «الكويكب الثمين»، نظراً لأنه يتكون من معادن ثمينة، وتشير بعض التقديرات التي حددها العلماء لقيمة المعادن التي يتكون منها الكويكب إلى أن قيمته الاقتصادية تساوي أكثر من 10.000 كوادريليون دولار «10.000 وأمامها 15 صفراً إضافياً»، وهو ما يعادل 10 مليارات مليار دولار. «الكوادريليون يساوي 1000 تريليون».
مع العلم أن قيمة هذه الكويكب تفوق القيمة الإجمالية لاقتصاد كوكب الأرض، حيث تبلغ قيمة الاقتصاد العالمي حالياً نحو 84.5 تريليون دولار.
دورة حول الشمس كل 5 سنوات
يدور كويكب سايكي حول الشمس مرة واحدة كل 5 سنوات على مسافة تتراوح من 235 إلى 309 ملايين ميل، الأمر الذي يجعل الكويكب أبعد بـ3 مرات عن الشمس من بعد كوكب الأرض عن الشمس.
وكشفت إحدى الدراسات الحديثة أن كمية الحرارة التي يشعها الكويكب أقل بـ60%، مما كان يعتقد، وهو ما يعني أن الكويكب يعاني من القصور الذاتي الحراري، وقد ساعد تحليل الانبعاث الحراري في معرفة الشكل الذي يتخذه المعدن على سطح الكويكب الذي ظهر بشكل صلب وأملس.
السيناريو المرعب
يضع بعض الخبراء الدوليين سيناريوهات مختلفة للنتائج التي يسفر عنها نجاح العلماء في استغلال مناجم المعادن الثمينة الموجودة على كويكب سايكي وجلبها إلى الأرض من أجل تسويقها، ففي هذه الحالة سوف تنخفض أسعار هذه المعادن على الأرض بشكل كبير جداً، الأمر الذي من الممكن أن يدمر الاقتصاد العالمي، لأنها ستتجاوز كثيراً ما يمكن للاقتصاد العالمي أن يتعامل معه. كما أن شأن هذا الأمر أن يقلص صناعة الذهب على مستوى العالم، وسيؤدي إلى تدمير السلع بقيمة تقدر بـ59.5 تريليون جنيه إسترليني.
ذهب وبلاتين ونيكل
بحسب تقديرات العلماء، يحتوي كويكب سايكي على كميات كبيرة جداً من المعادن الثمينة مثل الذهب، والبلاتين، والحديد، والنيكل.
ويُعد سايكي كويكب من النوع «M»، وهو أكبر الكويكبات من هذا النوع، مما يعني أنه يحتوي على تركيزات أعلى من الأطوار المعدنية، وفي هذه الحالة يشمل: الحديد، والنيكل، والذهب.
وكويكب سايكي عبارة عن صخرة فضائية، يبلغ عرضها 124 ميلاً، وتدور حول الشمس في حزام الكويكبات، وتظهر من الفضاء كمنطقة على شكل دونات، وتحتوي على أكثر من مليون صخرة.
مهمة «ناسا»
كان من المقرر أن تطلق وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» العام الجاري أول مهمة فضائية لدراسة كويكب سايكي، وهي أول مهمة للوكالة الأميركية تهدف إلى دراسة كويكب غني بالمعادن، ولكنها أعلنت قبل أيام قليلة عن تأجيل إطلاق المهمة بسبب التأخير في تسليم برنامج الطيران ومعدات الاختبار الخاصة بمركبة الفضاء.
وكانت فترة الإطلاق لهذه المهمة الفضائية التي تستمر من 1 أغسطس حتى 11 أكتوبر المقبلين، سوف تسمح لمركبة الفضاء بالوصول إلى الكويكب سايكي في عام 2026. وتهدف وكالة «ناسا» من هذه المهمة إلى تحديد التركيبة الدقيقة للكويكب، ورسم الكويكب، وتحديد عمره، وسوف تدور المركبة الفضائية حول سايكي لمدة 21 شهراً مستخدمة جهاز تصوير متعدد الأطياف، بالإضافة إلى أشعة غاما، ومقياس طيف نيوتروني، ومقياس مغناطيسي، وجهاز راديو لدراسة تضاريسه وخصائصه السطحية والجاذبية والمغناطيسية وخصائص أخرى.
مع العلم أن «ناسا» لا تسعى إلى جلب عينات من الكويكب إلى الأرض، لأنها لا تملك التقنيات اللازمة للتنقيب في سطحه والوصول إلى معادنه الثمينة، وقد سبق أن قالت كارول بولانسكي، عالمة المشروع في بعثة «سايكي»، خلال مقابلة تلفزيونية: «نحن ذاهبون إلى سايكي للتعرف على التكوين الكويكبي، ولكننا لن نسعى لجلب أي مواد معنا في طريق العودة لاستخدامها في الصناعات الأرضية».