خولة علي (دبي)

مع بدء العطلة الصيفية، تستنفر الأسر للبحث عن مراكز صيفية، لمواجهة فراغ الأطفال، ومساعدتهم على استثمار أوقاتهم بالمفيد واكتساب مهارات جديدة. ولتحقيق الأمر، لابد من البحث عن أنشطة تربوية واجتماعية تنعكس إيجاباً على شخصياتهم وسلوكياتهم، عبر التوجيه والإرشاد وانتقاء برامج تناسب تطلعات الآباء. فكيف يمكن استغلال الإجازة الصيفية لتكون فرصة لاكتساب المهارات؟
هيا القاسم مدرِّبة تفكير إبداعي للطفل، تذكر أن البرامج والأنشطة الصيفية تلعب دوراً مهماً في  شغل أوقات الفراغ واكتشاف المواهب وتنميتها، واستثمار الطاقات، وغرس بعض المفاهيم والقيم الأخلاقية، وتنمية شخصية الطلبة.

وتشير إلى أن دولة الإمارات سباقة في تنظيم الفعاليات، من خلال توفير المراكز الصيفية التي تقدم برامج وأنشطة متنوعة وهادفة للأطفال، وفي المقابل يحرص الأهل على إلحاق أبنائهم بما هو مفيد لشغل أوقاتهم. والأمر يدل على وعي الأهل الذي هو انعكاس لوعي المجتمع، ونتاج الجهات المعنية التي تسعى إلى رقي شعوبها، والتأكيد على ضرورة أن يتخرج الطالب، وقد نال قدراً من العلم والمعرفة في مجال يميل إليه ويجد فيه شغفه. ولابد أن يحرص الآباء على تطوير مهارات أبنائهم، وعدم إجبارهم على الأنشطة التي لا يجدون فيها متعتهم. 

استثمار نافع 
عن جدوى البرامج والأنشطة الصيفية، تقول الاختصاصية الاجتماعية فاطمة الظنحاني: من واقع العمل في المجال المدرسي نجد أن الأطفال الذين يشاركون في البرامج التي تقدمها المؤسسات المجتمعية يقومون بالتركيز على مهارات قد لا تقدمها المدارس بشكل كبير ومدعوم. كما أن تنشيط هذه المهارات في الأطفال قد يولد لديهم الابتكار لأنهم لا يكونون مقيدين بمنهج محدد وإنما هوايات يسخرونها في خدمة المجتمع، حيث يستثمرون نقاط الضعف ويحولونها إلى نشاط تفاعلي يتم تطبيقه على أرض الواقع.

وعندما تتنوع الأنشطة بين اللياقة البدنية والمسرح والرسم والكاراتيه وكرة القدم، يستطيع الأطفال تمييز ميولهم والتركيز على المهارة التي يراها مناسبة له، وهذا يؤثر بشكل إيجابي على اندماج الطفل مع المجتمع والاعتماد على النفس واكتسابه مهارات اجتماعية جديدة واكتساب صداقات جديدة والعمل بروح الجماعة. ونحقق في نهاية العطلة الصيفية استثماراً نافعاً للوقت وزيادة في المهارات التخصصية للطفل وفق مستويات النمو لكل طفل.

طاقات إيجابية 
وتوضح ريسة الفلاسي عضو منظم للبرنامج الصيفي لنادي دبي للرياضة الخاصة، أن الأنشطة تُعتبر منصة لاستثمار أوقات الفراغ في العطلة، وتحويلها إلى طاقات إيجابية. كما أن الورش التخصصية المتعددة تفتح آفاقاً وفرصاً لاكتشاف المواهب والعمل على تطويرها في حياتهم العلمية والعملية. والعمل الجماعي في سن مبكرة من شأنه أن يدعم شخصية الأطفال، ويمثل إضافة خلال رحلتهم في الحياة، ما يعود عليهم بالمنفعة الذهنية والبدنية والثقافية.

وتؤكد الفلاسي ضرورة التنوع والارتقاء بأنشطة المعسكرات الصيفية، بهدف تعزيز حب المعرفة، وبناء السلوك الإيجابي والعمل كفريق واحد، وتكوين صداقات إيجابية مستمرة بين الطلبة وتنمية مهارات التواصل، لتنشئة أجيال قادرة على مواجهة تحديات المستقبل. وتنصح بتخصيص يوم مفتوح عن الأنشطة الصيفية ومشاركة أولياء الأمور مع أبنائهم للتعرف على كيفية استثمار طاقاتهم والحرص على تشجيعهم لما فيه فائدتهم وغرس حب العمل والإنتاجية وخدمة الآخرين، والاعتماد على النفس.

استشراف المستقبل
عن كيفية توجيه الأطفال نحو أنشطة ملائمة لميولهم، ترى منى اللوغاني مرشدة أكاديمية، أنه على الأهل معرفة ميول أطفالهم من خلال إنشاء جدول أسبوعي، لأن التنظيم والتخطيط مسبقاً يقلل من الانحراف والضجر والاكتئاب أو وقوع الحوادث.

وتذكر أن العمل على إشراك الأطفال في المراكز الصيفية والورش والدورات، يساعدهم على الاستفادة منها في استشراف المستقبل، وتمرينهم على الثقافة والاطلاع عن طريق قراءة الكتب والقصص المصورة وممارسة الأنشطة المنزلية كصناعة الكعك والمأكولات الخفيفة وتزيينها، أو تعليمهم صناعات حرفية.
وتلفت اللوغاني إلى أن تحديد وقت للنوم، يحافظ على اتباع جدول زمني ثابت يضمن الراحة المناسبة للأطفال، لأن قلة النوم يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على قدرات التعلم وإثارة العصبية والتوتر والإفراط في تناول الطعام، ما يؤدي إلى السمنة والعزلة الاجتماعية. وتعتبر أن القيام بالرحلات الاستكشافية، من أهم وسائل الترفيه لدى الطفل؛ لأنها تعزز من قدراته التواصلية ومهاراته الاجتماعية والشخصية وشعوره بتحمل المسؤولية وممارسة الرياضة.

تنمية المواهب
تؤكد سندية الزيودي ولية أمر، أن العطلة الصيفية فرصة جميلة ليستفيد منها الأطفال بشتى المهارات التي تتوافق مع ميولهم واهتماماتهم. وتقول: ينبغي علينا نحن أولياء الأمور إدراك ضرورة استثمار وقت الفراغ لدى أبنائنا، والحرص على صقل إبداعاتهم، وتشجيعهم على ما فيه فائدتهم كغرس حب العمل والإنتاجية وخدمة الآخرين، وتعويدهم على المسؤولية والاعتماد على النفس، وتنمية ذواتهم واستثمارها. ويجب أن نكون حريصين على إشراك أبنائنا في مراكز صيفية تتوافق مع معايير الجودة والصحة والسلامة حرصاً على مخرجات عالية الأداء من أجل تنمية صيفية مستدامة، لمساعدة الأطفال على استثمار طاقاتهم وتعزيز خبراتهم. وتذكر أن المعسكرات الصيفية في الدولة تتميز بمحتواها المتنوع والثري، كما أن مهارات أبنائنا تلبي رغابتهم المستقبلية وتكسبهم معارف أكاديمية وحياتية بهدف تنمية المواهب والإبداعات.