سبب تغير المناخ والظواهر شديدة السوء، بدءاً من الموجات الحارة إلى الأمطار الغزيرة غير المعتادة، في انتشار التقلبات الجوية على نحو واسع في جميع أنحاء العالم هذا العام، الأمر الذي أودى بحياة آلاف الأشخاص وتسبب في تشريد الملايين.
وتسببت الأمطار الموسمية في حدوث فيضانات كارثية في بنجلادش خلال الشهور الثلاثة الماضية كما اجتاحت موجات شديدة الحرارة أجزاء من جنوب آسيا وأوروبا. وفي الوقت نفسه، ترك الجفاف الممتد ملايين الأشخاص على شفا مجاعة في شرق أفريقيا.
يقول العلماء إن من المتوقع حدوث الكثير من هذه الظواهر نتيجة تغير المناخ.
ونشر علماء في مجال المناخ، اليوم الثلاثاء، دراسة في دورية البحث البيئي: المناخ. وراقب الباحثون الدور الذي لعبه تغير المناخ في حدوث ظواهر جوية فردية خلال العقدين الماضيين. وتؤكد النتائج على التحذيرات من كيفية تغيير الاحتباس الحراري لعالمنا كما كشفت عن المعلومات الناقصة.
وقال لوك هارينجتون، وهو عالم في مجال المناخ بجامعة فيكتوريا في ويلينجتون وشارك في إعداد الدراسة، إنه بالنسبة للموجات الحارة والأمطار الغزيرة "وجدنا أن لدينا فهما أكبر بكثير لكيفية تغير شدة هذه الظواهر بفعل تغير المناخ".
لكن العلماء لم يفهموا بشكل كامل بعد كيف يؤثر تغير المناخ على حرائق الغابات والجفاف.
واعتمد العلماء في البحث الذي قاموا بإعداده على المئات من دراسات "الإسناد" أو البحث الذي يهدف إلى حساب كيف أثر تغير المناخ على ظاهرة متطرفة باستخدام المحاكاة ومراقبة الطقس.
وقال فريدريك أوتو، أحد خبراء المناخ الذين يقودون (مبادرة إسناد الأحوال الجوية العالمية)، وهي تعاون عالمي في مجال البحث، إن هناك أيضاً فجوات واسعة في البيانات بالعديد من الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، مما يجعل من الصعوبة بمكان فهم ما الذي يحدث في هذه المناطق.
ومع الموجات الحارة، من المرجح بشدة أن يزيد تغير المناخ من سوء الوضع.
وقال بن كلارك، عالم البيئة في جامعة أوكسفورد والمشارك في إعداد الدراسة "كل الموجات الحارة تقريبا في جميع أنحاء العالم أصبحت أكثر شدة وبات حدوثها أكثر احتمالا بسبب تغير المناخ".
ووفقا لمبادرة إسناد الأحوال الجوية العالمية لتغير المناخ، زاد تغير المناخ من احتمال تكرار موجة حارة اجتاحت في أبريل الهند وباكستان على سبيل المثال وشهدت تخطي درجات الحرارة 50 درجة مئوية 30 مرة على الأرجح.
وقال أوتو إن الموجات الحارة، التي اجتاحت نصف الكرة الشمالي من أوروبا إلى الولايات المتحدة في يونيو الجاري، تلقي الضوء على "ما الذي يظهره بحث المراجعة الخاص بنا... وزاد بشدة من معدل تكرار الموجات الحارة".
تعرضت الصين، في الأسبوع الماضي، لفيضانات عارمة ناجمة عن هطول أمطار غزيرة. كما غمرت هذه الفيضانات بنجلادش في نفس الوقت.
وأصبحت نوبات هطول الأمطار الغزيرة أكثر شيوعاً وحدة بشكل عام. ويرجع السبب في ذلك إلى أن الهواء الأكثر سخونة يحمل مزيداً من الرطوبة. وبالتالي، تصبح السحب "أثقل" قبل أن تبدأ في إسقاط المطر.
وقالت الدراسة إن التأثير لا يزال يختلف من منطقة إلى أخرى مع عدم هطول قدر كاف من الأمطار على بعض المناطق.
وواجه العلماء صعوبات في الوصول إلى مدى تأثير تغير المناخ على الجفاف.
وعانت بعض المناطق من الجفاف المستمر. وقالت الدراسة إن ارتفاع درجات الحرارة في غرب الولايات المتحدة على سبيل المثال أدى إلى ذوبان الجليد بشكل أسرع وحدوث تبخر.
وفي حين لا يزال يتعين ربط الجفاف في شرق أفريقيا بشكل مباشر بتغير المناخ، يقول العلماء إن تراجع هطول الأمطار في موسم الربيع مرتبط بمياه المحيط الهندي الأكثر دفئا. ويتسبب ذلك في سرعة هطول الأمطار على المحيط قبل أن تصل إلى القرن الأفريقي.
تزيد أحوال جوية مثل الموجات الحارة والجفاف من شدة حرائق الغابات، وخاصة الحرائق الضخمة، التي تأتي على أكثر من مئة ألف فدان.
وقالت إداة الغابات الأميركية إن الحرائق اجتاحت ولاية نيو مكسيكو الأميركية في أبريل الماضي بعدما خرج عن السيطرة حريق كان قد شب في "ظروف مناخية أكثر جفافا من المتعارف عليه". وأتت النيران على 341 ألف فدان.
وقالت الدراسة إنه وفقا لمقياس عالمي، لم يزد معدل تكرار العواصف. غير أن الأعاصير أصبحت أكثر شيوعا الآن في منطقتي وسط المحيط الهادئ وشمال الأطلسي، وأقل شيوعا في خليج البنغال ومنطقة شمال غرب المحيط الهادئ وجنوب المحيط الهندي.
توجد أدلة أيضا على أن العواصف المدارية أصبحت أكثر حدة حتى أنها تتوقف عند اليابسة حيث يمكن أن تسقط مزيدا من الأمطار على منطقة واحدة.