رغم توفر العديد من اللقاحات والأدوية وحملات التطعيم في مختلف أنحاء العالم، لا يزال فيروس كورونا المستجد يصيب المزيد من الأشخاص وبعضهم سبق أن التقط العدوى. فما الذي يجعل الشخص يصاب بالمرض مرتين؟
سؤال يطرحه العلماء ويبحثون عن إجابات له منذ بدء جائحة «كوفيد-19».
يقول البروفيسور منصور أميجي، الأستاذ في قسم العلوم الصيدلانية بجامعة نورث إيسترن Northeastern في مدينة بوسطن بولاية ماساتشوستس الأميركية، إن الإجابة على هذا السؤال تكمن في البروتينات الشوكية spike proteins، وهي جزء من الفيروس يرتبط بالمستقبِل في الخلية المضيفة. تحت ضغط المناعة الطبيعية والإجراءات المضادة الأخرى كالأدوية والتطعيم، يقوم الفيروس من أجل بقائه على قيد الحياة بتحوير وتغيير هذه البروتينات عشوائياً، مما يخلق متحورات جديدة أكثر قابلية للانتقال من سابقاتها.
يقول أميجي، في بحث نشره موقع medicalxpress.com، "هذا حقاً هو المسار الطبيعي للفيروس".
وهذا التحور العشوائي، الذي يقوم به الفيروس، هو السبب الذي يجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بكوفيد الآن مرتين مما كان عليه الحال قبل أربعة أشهر فقط.
وقد ظهرت متحورات جديدة من الفيروس، مثل بي أيه-4 (BA-4) أو بي أيه-5 (BA-5)، وهي تتفشى الآن في مختلف أنحاء العالم. وقد تكون هذه المتحورات الجديدة قادرة على الإفلات من اللقاحات والجرعات المعززة التي تلقيتها أو الأجسام المضادة التي طورتها عند إصابتك بالعدوى بمتغير آخر من الفيروس.
فعلى سبيل المثال، إذا أصبت بالعدوى من المتحور "بي أيه-2"، فهذا لا يمنعك من الإصابة بالمتحور BA-4 أو BA-5، كما يقول نيل مانيار، الأستاذ في قسم العلوم الصحية، مضيفاً أن كل متغير فرعي من مرض كوفيد-19 يميل إلى أن يكون أكثر قابلية للانتقال من الأخير، وأن الحماية من أحدهما لا تضمن الحماية من الآخر.
لحسن الحظ، أنه عندما أصبحت المحورات تميل إلى أن تكون أكثر عدوى، فإنها أصبحت تميل أيضاً إلى أن تكون أقل خطورة. وبالنسبة لمن تلقوا تطعيما وجرعات معززة، فإن الأعراض تميل إلى أن تكون أقل حدة، أو حتى غير موجودة. هذا يعزز أهمية التطعيم والجرعات المعززة.
يأمل أميجي أن تتحد الجرعات المعززة من كوفيد يوماً ما مع لقاحات الإنفلونزا الموسمية، ليسهل الحصول عليها في نفس الوقت من كل عام.
لكن لا تزال حالات الاستشفاء تحدث جراء الإصابة بكوفيد، لا سيما بين مجموعات فرعية من السكان المعرضين لخطر أكبر. لذلك، يبقى من المهم اتخاذ تدابير وقائية حتى عندما نبدأ في الانتقال إلى ما تسميه أميجي مرحلة "مستوطنة" من الوباء.