بات بإمكان الذكاء الاصطناعي التعرف على الخلايا السرطانية وتمييزها عن الخلايا السليمة، في تطور علمي يفتح آفاقاً لتطوير أدوية جديدة لعلاج هذا المرض الذي يعاني منه الملايين عبر العالم.
وفقًا لتقرير أعده فريق بقيادة الباحث ألتونا أكالين، المتخصص في المعلومات الحيوية، وجد برنامج الذكاء الاصطناعي سمة مميزة جينية للأورام.
للتمييز الموثوق بين الخلايا السرطانية والخلايا السليمة، قام فريق بقيادة الدكتور ألتونا أكالين، رئيس منصة المعلوماتية الحيوية وعلوم البيانات Omics في مركز ماكس ديلبروك للطب الجزيئي في ألمانيا، بتطوير برنامج تعلم آلي يسمى "إيكاروس".
وجد البرنامج أسلوبا (نمطاً متكرراً) خاصاً في الخلايا السرطانية شائعًا في أنواع مختلفة من السرطان، يتكون من مجموعة مميزة من الجينات.
وفقًا لورقة الفريق، المنشورة في مجلة "journal Genome Biology"، اكتشفت الخوارزمية أيضًا أنواعًا من الجينات في النمط الذي لم يتم ربطه بشكل واضح بالسرطان من قبل.
يعني التعلم الآلي أساسًا أن الخوارزمية تستخدم بيانات التدريب لتتعلم كيفية الإجابة على أسئلة معينة بمفردها. يقوم التعلم الآلي بذلك من خلال البحث عن أنماط في البيانات تساعده في حل المشكلات.
بعد مرحلة التدريب، يمكن للنظام التعميم مما تعلمه من أجل تقييم البيانات غير المعروفة.
يقول جان دومين، المؤلف الأول للورقة البحثية "كان الحصول على بيانات تدريبية مناسبة يمثل تحديًا كبيرًا بحيث يكون الخبراء قد ميزوا بالفعل بوضوح بين الخلايا السليمة وتلك السرطانية".
واضطر الفريق للبحث في عدد لا يحصى من المنشورات والاتصال بعدد غير قليل من مجموعات البحث من أجل الحصول على مجموعات بيانات كافية. استخدم الفريق، في النهاية، بيانات من خلايا سرطان الرئة والقولون والمستقيم لتدريب الخوارزمية قبل تطبيقها على مجموعات بيانات لأنواع أخرى من الأورام.
في مرحلة التدريب، كان على "إيكاروس" أن يجد قائمة بالجينات المميزة التي يستخدمها بعد ذلك لتصنيف الخلايا. يضيف دومين "جربنا وصقلنا أساليب مختلفة". لقد كان عملاً يستغرق وقتًا طويلاً، كما يقول فريق البحث.
يوضح الدكتور فيدران فرانك، الرئيس المشارك للدراسة "كان المفتاح هو أن يستخدم إيكاروس في النهاية قائمتين: واحدة للجينات السرطانية والأخرى للجينات من الخلايا الأخرى (السليمة)".
بعد مرحلة التعلم، تمكنت الخوارزمية من التمييز بشكل موثوق بين الخلايا السليمة والخلايا السرطانية في أنواع السرطان الأخرى أيضًا، مثل عينات الأنسجة من سرطان الكبد أو مرضى الورم الأرومي العصبي.
كان معدل نجاح الخوارزمية، في التمييز بين الخلايا السليمة وتلك المصابة، مرتفعًا بشكل غير عادي. الأمر الذي فاجأ حتى مجموعة البحث.
يقول أكالين "لم نتوقع أن يكون هناك توقيع مشترك يحدد بدقة الخلايا السرطانية لأنواع مختلفة من السرطان". ويضيف دومين "لكننا ما زلنا لا نستطيع تحديد ما إذا كانت الطريقة تعمل مع جميع أنواع السرطان".
لتحويل برنامج التعلم الآلي "إيكاروس" إلى أداة موثوقة لتشخيص السرطان، يريد الباحثون الآن اختباره على أنواع أخرى من الأورام.
يهدف المشروع إلى الذهاب إلى أبعد من تصنيف الخلايا "السليمة" مقابل الخلايا "السرطانية". في الاختبارات الأولية، أثبت "إيكاروس" بالفعل أن الطريقة يمكن أن تميز أيضًا أنواعًا أخرى (وأنواعًا فرعية معينة) من الخلايا السرطانية.
يقول أكالين "نريد أن نجعل هذا النهج أكثر شمولاً، ونطوره أكثر بحيث يمكنه التمييز بين جميع أنواع الخلايا الممكنة في الخزعة".
اليوم، تفحص عينات أنسجة الأورام تحت المجهر من أجل تحديد أنواع الخلايا المختلفة. وهو عمل شاق ويستغرق وقتًا طويلاً. مع برنامج "إيكاروس"، يمكن أن تصبح هذه الخطوة يومًا ما عملية مؤتمتة بالكامل.
علاوة على ذلك، يلاحظ أكالين أنه يمكن استخدام البيانات لاستخلاص استنتاجات حول البيئة المباشرة للورم. ويمكن أن يساعد ذلك الأطباء في اختيار أفضل علاج. فبالنسبة لتركيب الأنسجة السرطانية والبيئة المصغرة للورم، غالبًا ما يشير ذلك إلى ما إذا كان علاج أو دواء معين سيكون فعالاً أم لا.
علاوة على ذلك، قد يكون الذكاء الاصطناعي مفيدًا أيضًا في تطوير أدوية جديدة.
يقول أكالين "يتيح لنا إيكاروس تحديد الجينات التي قد تكون محركات محتملة للسرطان". يمكن، بعد ذلك، استخدام عوامل علاجية جديدة لاستهداف هذه الهياكل الجزيئية.