محمد نجيم (الرباط)
ما من سائح عربي أو غربي يزور مدينة طنجة المغربية. إلا ويقصد برج النعام، البناء القديم الذي يشبه القلاع والحصون الأثرية، ويقف شامخاً غير بعيد عن المدخل الرئيس للقصبة. والقصبة من الأحياء القديمة بالمدينة، ويوجد فيها متحف «ابن بطوطة» ومخطوطاته الشهيرة. الرحالة الذي وُلد في طنجة عام 1304 وتوفي فيها عام 1368 بعدما طاف بلدان كثيرة من العالم بينها مصر، والحبشة، والشام، والهند، والصين، وبلدان أخرى من أفريقيا والشرق الأوسط، في رحلة شائقة امتدت من عام 1329 وانتهت عام 1354، قطع أكثر من 100 ألف كيلومتر، وزار 38 دولة.
لغات العالم
يتيح المتحف للزوار التعرف على حياة هذا المستكشف المغربي الذي تخطت شهرته الآفاق، برحلته الشهيرة «تحفة النّظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار»، والتي تعتبر من الرحلات المعروفة عالمياً والمترجمة إلى عدد لا يحصى من لغات العالم. كما يمكن للزوار اكتشاف عدد من الخرائط والمخطوطات وبعض الأدوات المستعملة في الحياة اليومية للرحالة. ويحتضن المتحف أحد المجسمات الرخامية التي تقدم للزائر شخصية «ابن بطوطة» بلباسه المغربي التقليدي.
طريق الحرير
ولم يكن الرحالة يتجاوز الـ 21 عاماً عندما قرر السفر إلى مكة لأداء مناسك الحج، فطالت رحلته عبر طريق الحرير الذي عرف مبادلات دينية وعلمية وثقافية إلى جانب مبادلات تجارية. وكان «ابن بطوطة» سفيراً للمغرب إلى تلك البلدان التي استقبلته ورحبت به. والتقى فيها بالعديد من الملوك والسلاطين، الذين حظي عندهم بحسن الاستقبال والضيافة. وكان منهم من كلفه بمهام القضاء، كما هو الحال في جزر المالديف. أما رحلته الشهيرة فقد دونت بأمر من السلطان المريني أبو عنان فارس، الذي أمر المؤرخ والشاعر الأندلسي المعروف بـ «ابن جزي» بتدوين الرحلة.
وسائل محدودة
يقول المرشد السياحي علال أفوس: متحف «ابن بطوطة» علامة مضيئة في الرصيد المتحفي في طنجة والمغرب عموماً، وهو المكان الذي يقصده كل متعطش للتعرف على حياة أحد أشهر الرحالة في التاريخ الإنساني. رحالة يعرفه الصغير والكبير والجاهل والمتعلم، لأن رحلته تعتبر من الكتب التي تُقرأ في مختلف البلدان والقارات.
ومن خلال رحلة «ابن بطوطة» يمكن التعرف على حياة شعوب وحضارات نتقاسم معها العيش فوق الأرض، كما أن هذا الرحالة جال بوسائل محدودة ومتواضعة الكثير من البلدان، وتعايش مع شعوب تختلف عنا في التفكير والعادات.