أحمد مراد (القاهرة)
على بعد 600 كيلو متر من القاهرة، وتحديداً في محافظة الوادي الجديد، الواقعة جنوبي غرب مصر، يعيش الفنان والرسام، أحمد وهبه، المعروف بـ «فنان الرسم بالرمال الملونة»، الذي قضى ما يقارب 30 عاماً في تجسيد معالم الطبيعة والتراث في الوادي الجديد من خلال لوحات فنية ورسومات مبدعة، مستخدماً أدوات وخامات طبيعية تشتهر بها المحافظة، مثل الرمال، وجريد وليف النخيل، وخشب شجر الدوم.
الفنان والرسام، أحمد وهبه، البالغ من العمر 63 عاماً، يعتمد في رسوماته على مواد خام طبيعية متوافرة على أراضي المحافظة، ويرفض أن يمزجها بأي ألوان صناعية أخرى، حيث تتواجد الرمال بدرجات ألوان عديدة في الجبال والوديان المنتشرة في الوادي الجديد.
يقول وهبه لـ «الاتحاد الأسبوعي»: «نشأت على حب الفن التشكيلي منذ صغري، وعملت لعدة سنوات خطاطاً، وفي عام 1991 اتجهت إلى مجال الرسم بالرمال الملونة، بحثاً عن التفرد والاختلاف، وحرصت في لوحاتي على تجسيد الأجواء التراثية للوادي الجديد، فضلاً عن المناظر الطبيعية، وتفاصيل الحياة الشعبية والريفية، والعادات والتقاليد الاجتماعية لأهالي المحافظة».
رسم اللوحات يسبقها مرحلة تجهيز للمواد الخام التي يستخدمها الفنان وهبة في الرسم، حيث يصعد إلى الجبال ليأتي بالرمال النقية الخالية من الشوائب، وبعدها يقوم بفركها وطحنها وتصفيتها وصنفرتها، حتى تكون ملساء ناعمة، ومتساوية في الأحجام. وفي مرحلة تالية، يجهز الخشب الذي يرسم عليه، وهو في الغالب خشب شجر الدوم، وفي بعض الأحيان يستخدم كعب جريد النخل، حتى تكون كل مكونات لوحته من مواد طبيعية.
وعن سر اعتماده على خشب شجر الدوم، يقول وهبه: «الدوم شجرة معمرة، واستخدم أهالي الوادي الجديد خشب هذه الشجرة منذ قديم الزمان في صناعة نوافذ وأبواب وأسقف المنازل، وفي السنوات الأخيرة تهدمت بعض هذه البيوت القديمة، وأقوم بجمع نوافذها وأبوابها حتى أحصل منها على قطع خشب أرسم عليها لوحاتي، لا سيما أن هذا الخشب قوي وصلب، ويعيش لفترات طويلة، وفي نفس الوقت خفيف، ولا يتعرض للسوس».
عندما تكتمل المواد الخام اللازمة للرسم، يرش وهبة على قطعة الخشب مادة لاصقة عبارة عن الغراء الأبيض مع مادة طبيعية تستخرج من شجرة العشار ذات الرائحة النفاذة التي تبعد الحشرات، وتحافظ على اللوحة من السوس، وبعدها يضيف عليها الرمال بألوانها الطبيعية المختلفة، ويبدأ بالرسم مجسداً أشكالاً مختلفة للأفراد، والمنازل، والشوارع، والحارات، والحقول، وغيرها من معالم الطبيعة في الوادي الجديد.
لا يكتفي وهبة برسم المناظر الطبيعية فقط، حيث حرص على تطور فنه حتى يشمل أشكالاً متعددة مثل البورتريه.
ويقول وهبة عن مشاركة لوحاته في المعارض الفنية: «شاركت لوحاتي في العشرات من المعارض، سواء داخل مصر أو خارجها، ومنها أحد المعارض التابعة للمركز الثقافي الإيطالي، ومعرض آخر أقامه المركز الثقافي الروسي، ومعرض إبداع التابع لوزارة التضامن الاجتماعي المصرية، بالإضافة إلى معرض في مملكة البحرين».
يحلم وهبة بأن يدشن مدرسة خاصة بفن الرسم بالرمال الملونة لنقل هذه الموهبة للشباب، مشيراً إلى أنه يقدم «كورسات» تدريبية للشباب في محافظتي القاهرة والإسكندرية.