أحمد مراد (القاهرة)
خلال أشهر الصيف، كثيراً ما نسمع أو نقرأ عن ما يُعرف بـ «منخفض الهند الموسمي» الذي تصاحبه أجواء حارة تسيطر على مساحات واسعة من قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا.. فما هو هذا المنخفض؟.. وما تأثيراته على الطقس في القارات الثلاث؟
هواء شديد الحرارة
يُعرف علماء الطقس وخبراء الأرصاد الجوية منخفض الهند الموسمي بـ «كتلة هوائية شديدة الحرارة» قادمة من الهند، وتمر على شبه الجزيرة العربية ودول الخليج العربي، وتسبب ارتفاعاً حاداً في درجات الحرارة في العديد من الدول الآسيوية والإفريقية والأوروبية.
وينتج منخفض الهند الموسمي من شدة الإشعاع الشمسي الحاد الذي يعمل على تسخين الهواء فوق الأراضي اليابسة، في حين تبقى المسطحات المائية المجاورة باردة بشكل واضح وملموس، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض كثافة الهواء في المناطق اليابسة، مع انخفاض قيمة الضغط الجوي السطحية، وفي النهاية يتشكل منخفض الهندي الموسمي.
مطر ورياح وحرارة
يدفع منخفض الهند الموسمي الرياح الموسمية الرطبة إلى أجزاء واسعة من الهند، ويتسبب في هطول كميات غزيرة جداً من الأمطار، وفي الوقت نفسه يسهم في اندفاع رياح جافة وحارة جداً نحو منطقة الجزيرة العربية يطلق عليها اسم «رياح البوارح».
وفي الوقت الذي يجذب فيه منخفض الهند الموسمي الرياح الموسمية المعروفة بـ «رياح المونسون» إلى الهند وجنوب شرق آسيا، فهو من ناحية أخرى يؤدي إلى ارتفاع كبير في درجات الحرارة في شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام والعراق، وقد تتجاوز درجة الحرارة في العراق وغرب إيران الـ 50 درجة مئوية خلال أغلب فترات الصيف.
كما يتسبب منخفض الهند الموسمي في تعرض مصر لموجات حارة جداً، ويسبب أيضاً الموجات الحارة في مناطق شرق المتوسط وتركيا وأجزاء من القارة الأوروبية، خاصة الجنوبية والشرقية، وعادة ما يسجل منخفض الهند الموسمي قيم ضغط جوي منخفضة قد تصل خلال شهر يوليو إلى أدنى من 995 ملليبار.
الذروة.. يونيو ويوليو
يتشكل منخفض الهند الموسمي فوق الهند وجنوب شبه الجزيرة العربية خلال شهر أبريل من كل عام، ومع مرور الوقت تزداد تأثيراته على الطقس لا سيما في شهري يونيو ويوليو، وخلال هذه الفترة يسيطر على مساحة واسعة من شبه الجزيرة العربية والهند وشمال بحر العرب وتركيا، وفي شهر أغسطس تزداد مساحة تأثيره أكثر وأكثر حتى تشمل بعض المناطق في شمال القارة الإفريقية والقارة الأوروبية وأجزاء من قارة آسيا.
واعتباراً من شهر سبتمبر من كل عام، يبدأ منخفض الهند الموسمي يضعف، ويقل تأثيره، ويفقد مراكزه في شمال إفريقيا وأوروبا وسيبيريا، وفي شهر أكتوبر يزداد ضعفه أكثر وأكثر حتى يختفي ويتلاشى تماماً، وحينها تنخفض درجات الحرارة بشكل ملحوظ.
4 مراكز
ينقسم منخفض الهند الموسمي إلى 4 مراكز أو أجزاء رئيسة، وهي: المركز الأول يتواجد في شمال الهند، والمركز الثاني يتواجد في صحراء الربع الخالي، ويطلق عليه اسم «المنخفض الحراري العربي»، والمركز الثالث يتواجد في العراق والكويت ويطلق عليه اسم «مركز الجزيرة العربية»، والمركز الرابع يتواجد في منطقة الجوف وأحياناً أخرى في شرق الأردن، ويطلق عليه اسم «المنخفض الحراري السعودي». كما تتواجد مراكز أخرى فرعية لمنخفض الهند الموسمي في السودان وتركيا وسيبيريا وأجزاء من القارة الأوروبية.
40 درجة مئوية
تتأثر مصر بمنخفض الهند الموسمي بدرجة أقل من البلدان المجاورة، ويرجع هذا الأمر إلى عدة أساب، أبرزها الموقع الجغرافي لمصر، ومع مرور المنخفض على البحر الأبيض المتوسط يحدث تعديل للكتلة الهوائية وبالتالي تعديل في درجة حرارتها.
وتزداد نسب الرطوبة نتيجة منخفض الهند الموسمي مما يعمل على زيادة الإحساس بحرارة الطقس في شمال مصر، وفي الجنوب يكون الطقس شديد الحرارة بسبب انتقال الكتلة الهوائية للمنخفض من الجزيرة العربية، حيث ترتفع درجات الحرارة، وأقصى درجة حرارة يمكن تسجيلها في مصر بسبب منخفض الهند الموسمي تتراوح ما بين 38 درجة إلى 40 درجة مئوية.
%90 رطوبة
يتسبب منخفض الهند الموسمي في تشكيل كتلة هوائية شديدة الحرارة، وعند مرور هذه الكتلة على البحر الأبيض المتوسط تنخفض درجة حرارتها، ولكنها تحمل كميات كبيرة من بخار الماء، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع كبير في نسب الرطوبة، وقد تتجاوز نسبة الرطوبة الـ 90 %، مما يزيد الإحساس بدرجات الحرارة، ويسبب العرق الشديد.
لسعات المحاصيل الزراعية
تتأثر العديد من المحاصيل الزراعية والفاكهة الصيفية بمنخفض الهند الموسمي، إذ يقل معه معدل التحجيم من المانجو، والزيتون، والبلح، وتزيد فرص لسعات الثمار من الرمان والمانجو.
كما تتأثر محاصيل زراعية أخرى، مثل الأرز، والذرة، والصويا، والقطن، حيث يقل حجم اللوز في القطن والكوز في الذرة.