خولة علي (دبي) 

رحلة جمع العسل، هواية شغف بها محمد أحمد هندوان الشحي وورثها عن والده، فهي جزء من التراث الذي تربى عليه، ومصدر من مصادر الغذاء المتوافر في البيئة الجبلية. عملية جمع العسل تتوزع عند المرتفعات الشاهقة، وفي الأودية وبين الصخور، وهي مهنة تقوم على المغامرة وتحوطها الأخطار، قيمتها الغذائية عالية، كثيرون يسعون خلفها ويحرصون على جنيها في مواسمها المختلفة. 
يقول محمد الشحي: إن هواية جمع العسل منتشرة بين شباب تعلموا فنون جنيها من آبائهم وأجدادهم، فقد نشأنا ونحن نتابع بشغف لحظات قص الخلية التي لا تقل صعوبة وخطراً، وفي النهاية نستلذ بمذاقها الذي يبدد آلام لسعاتها، لنتشارك تناولها مع الأهل. ويضيف: تعلمت مهارة جمع العسل من والدي، وكنت أرافقه مع إخوتي في رحلات البحث، وكان يطلب منا البقاء في أسفل الجبل، ليصعد بمفرده إلى الخلية في مواقع خطيرة يصعب الوصول إليها. وكنا نصر على الصعود معه لنتعلم، حتى أصبحنا أكثر خفة في التنقل بين الصخور وجني العسل باحترافية. 

مهارة وصبر
ويوضح الشحي أن البحث عن العسل في المرتفعات يحتاج إلى مهارة وصبر، وبعض العلامات يتخذها أهل الجبال للدلالة على وجود خلية النحل، والبحث عن ذباب العسل من خلال النظر باتجاه أشعة الشمس. وهي تصنع لها ممراً أثناء رعيها فتسقط قطرات منها تحدد مسارها. ويلفت إلى أن كثيرين لا يزالون يعتمدون على جني العسل الحر بالطريقة التقليدية القديمة التي تحافظ على النحل، فلا يتعرض لأي أذى، وذلك من خلال إزالة النحل من الخلية بخفة. وقديماً، كان العسل يُحفظ في جلود الماعز، لخفة وزنها وسهولة حملها أثناء السير في الجبال.

«الخشخاش»
وعن أنواع العسل المتعارف عليها في الإمارات والمنتشرة في الجبال، يذكر الشحي عسل السمر والسدر وعسل الخشخاش النادر، والذي يصادف وجوده على رؤوس الجبال. وعادة ما يتوفر في شهر فبراير، بعد أن تُروى الأرض بالأمطار فتتوزع الزهور والشجيرات بشتى أنواعها على سفوح الجبال، فيُنتج العسل من مزيج النباتات. أما عسل السدر فيبدأ موسمه في نوفمبر، فيما يبدأ موسم عسل السمر في مايو ويونيو. 

تحديات 
ويذكر الشحي أن كل عمل فيه صعوبات وتحديات ويتطلب الحرص والحذر الشديدين. والعمل في الجبال بقدر متعته، يشكل خطراً على من يجهلون تضاريس البيئة الوعرة ودهاليزها، ويحتاج إلى القوة والشجاعة. ويقول الشحي: تصادفنا بعض المواقف الخطيرة، حيث نفاجأ بوجود الثعابين عند الخلية، فنحاول بشتى الطرق ألا نصدر أصوتاً أو حركة لنتمكن من إخراجها من مخبئها. 

الحفاظ على الخلايا 
ويشير الشحي إلى تناقص في عدد الخليات، نتيجة للعبث بها من قبل بعض الأفراد الذين يرمونها بالحجارة، ويرشونها بالمبيدات، ما يؤذي النحل ويدمر الخلية. ومن المتعارف عليه أن جامع العسل لا يقطع خلية العسل بالكامل، بل يهتم بها، ويأخذ العسل منها بعناية، ويرجعها إلى مكانها الأصلي، ويعيد جمع العسل فيها مرة أخرى، فيما يبقى النحل الصغير في الخلية.