د. شريف عرفة

بأيام العطلات يفكر الناس في الأماكن التي يمكنهم الذهاب إليها، لكن قليلين من يسألون أنفسهم: كيف يمكن زيادة السعادة خلال الإجازة أياً كانت وجهتها؟ 
سَل نفسك: ما هي أكثر الإجازات التي سببت لك قدراً كبيراً من السعادة؟
حين تفعل، قد تكتشف أن هذه الإجازة قد لا تكون الأطول زمنياً، ولا الأكثر تكلفة مادياً، بل إنها ترسخت في ذهنك، وأصبحت ترسم ابتسامة على وجهك كلما استعدت ذكراها.. فما السبب؟ 
كان هذا موضوع الكثير من الدراسات والتجارب النفسية، التي رصدتها البروفيسور جيمي كورتز أستاذة علم النفس في جامعة جيمس ماديسون، في كتابها «المسافر السعيد: كشف أسرار أفضل الإجازات»، حيث خرجت لنا بمجموعة من النصائح المفيدة..

كن حاضراً
قد تكون في مكان جميل، لكن ذهنك مشغول في الماضي أو المستقبل، فلا تعيش اللحظة حقاً. لذلك تعتبر مهارة التأمل اليقظ «أن تكون حاضراً هنا والآن» من المهارات الضرورية للاستمتاع بالواقع الذي تعيشه. وهو ما يمكن ممارسته في سياق الإجازات، عن طريق التركيز في المؤثرات التي تستقبلها حواسك الأربع.. ركّز فيما تراه عينك، وتسمعه أذنك، ويشمه أنفك، وما يشعر به جلدك ويتذوقه لسانك.. هذا التدريب البسيط سيجعلك تركّز في اللحظة الراهنة، وتستمتع بعطلتك.

كن مع الناس
كلنا نعرف أن ما يجعل الإجازات أكثر تميّزاً هو أن نكون بصحبة من نحب. إلا أن الغرباء يمكنهم أيضاً أن يكونوا مصدر سعادة! 
حين تسافر إلى بلد لم تزره من قبل، حاول التحدث مع الناس، والتعرّف على أفكارهم وتفاصيل حياتهم في هذا المكان من العالم، فبالإضافة لما في ذلك من توسيع للأفق، فإنه قد يقود لحوار شائق ،وتوطيد لهذه العلاقة، وترسيخ ذكرى هذا الموقف كأحد أهم معالم الرحلة. حسب الدراسات النفسية، فإن التفاعلات الاجتماعية مع الغرباء تسبب مشاعر إيجابية غير متوقعة، بالإضافة لكونها ذكرى أكثر رسوخاً من التفاعل مع الجماد مهما كان جميلاً. لذلك يعتبر بعض الناس أن من مكاسب السفر الاحتفاظ بأرقام هواتف أصدقاء جدد حول العالم. 

تجنّب التكرار
رغم أن البعض يعتبر الإجازة مصدراً للاسترخاء والراحة، إلا أن ممارسة أشياء جديدة أمر ضروري للقضاء على ما يسميه العلماء «تكيف المتعة»، أي الاعتياد الذي ينتابك إذا تعرضت لشيء ممتع لمرات أكثر من اللازم.. تقول الباحثة إنك قد تستمتع بغروب الشمس في هاواي لأول مرة، لكن تكرار ذلك عشرة أيام متوالية سيجعله يفقد متعته! لذلك تجنب التكرار، وقم بشيء مختلف كل يوم لو أردت الحفاظ على درجةٍ عالية من الاستمتاع بإجازتك. 

قدّر المفاجآت
يفضّل بعض الناس التخطيط لإجازاتهم بدقة، إلا أن القيام بقرارات لحظية أثناء السفر قد يؤدي لمتعة غير متوقعة. جرّب طعاماً جديداً، أو خصص وقتاً للتجول بشكل حر في هذه المدينة دون خطة واضحة.. هذا الشعور يعطي انغماساً في التجربة أكثر من البرنامج الصارم المحدد، والذي تعرف كل نتائجه سلفاً.  من الضروري اختيار إجازة تتوافق مع نمط شخصيتنا، كالاسترخاء أمام البحر أو تأمل الجبال لو كنت شخصاً انطوائياً، أو حضور حفلات تتطلب الكثير من التواصل الاجتماعي لو كنت شخصاً اجتماعياً، إلا أن من الضروري القيام بشيء خارج منطقة الراحة الخاصة بك لأن هذا يوسّع من تجربتك الإنسانية، ويثير فيك مشاعر جديدة.   اختلط بثقافة المكان وتفاصيله.. لا تكتف بالجلوس في فندق، والأكل في مطعم سياحي، لأن هذا لا يختلف كثيراً عن الموجود في بلدك دون سفر! 

تقليل الاختيارات
تشير الدراسات إلى أن الشعور بالضغط النفسي الناجم عن وجود الكثير من الخيارات، قد يؤدي للشعور الدائم بعدم الرضا، أو أننا لم نحسن انتقاء أفضل الخيارات.. لهذا السبب تشير كورتز إلى أن الذهاب لمكان فيه خيارات محدودة، أفضل من الذهاب لمدينة كبيرة مليئة بالخيارات، بينما الوقت محدود، أو تضييع الوقت في طوابير طويلة مملة في مكان مزدحم يجعلك غير قادر على أن تجرب كل شيء. لا تحاول القيام بكل شيء في وقت غير كاف، إذ لا ينبغي أن تكون الإجازة واجباً ثقيلاً، بل مصدر متعة.

اجعل الأفضل في النهاية 
لو كان من ضمن برنامجك تجربة محددة هي الأكثر إثارة للمتعة، فقم بتأجيلها حتى نهاية الرحلة. لماذا؟ تشير الدراسات النفسية إلى أن الناس يميلون لتقييم ذكرياتهم حسب النهاية التي انتهت بها، لا تقييمها ككل. بمعنى آخر، حين تنتهي الرحلة بحدث استثنائي، فإن هذا سيجعل دماغك يقوم بتسجيل هذه الرحلة كذكرى سعيدة مدهشة، ويزيد من تقييمها العام، ويجعل لها مكانةً خاصة في ذهنك!